حي الأمين العام لجامعة الدول العربية قرار المحكمةالجنائية الدولية بشأن توقيف رئيس حكومة الاحتلال ووزير دفاعه، وأكد على أن العدالة هي السبيل الحقيقي لتحقيق السلام وبدونها لن يتحقق. كما اعتبر أن الترحيب الدولي بهذه الخطوة يعكس رفضاً دولياً عارماً لجرائم الحرب الاسرائيلية المستمرة ورغبة في ايقافها عند حدها بأي شكل. من جانبه صرح مفوض السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل بأن قرار المحكمة الجنائية الدولية ملزم ويجب ان يُحترم، وأكد على أن جميع الدول الموقعة على اتفاق المحكمة بما فيها كل دول الاتحاد الأوروبي ملزمة بتنفيذه. في السياق ذاته قالت المحكمة الجنائية الدولية إنها ستواصل عملها دون أن يردعها شيء، تماشيا مع مبادئها ومع فكرة سيادة القانون الشاملة، في رد واضح على الموقف الأمريكي الرافض لقرار المحكمة. إذن نحن أمام مواقف دولية واضحة وصريحة وتعنينا لسببين أساسيين: عضويتنا في جامعة الدول العربية من جهة، وعلاقة الشراكة التي تجمعنا مع الاتحاد الأوربي من جهة ثانية. أما ما كتبه أحمد الشرعي في الصحافة الاسرائيلية، فذلك موقفه الذي يخصه لوحده، وحتى إذا افترضنا أن ما صدر عنه يعبر عن موقف جهة ما داخل السلطة، اختارت أن يكون الشرعي لسان حالها، فإن ذلك يبقى مجرد استنتاج فقط، مادام أن السياسة الخارجية للمملكة المغربية هي مجال محفوظ لرئيس الدولة، ويتم تصريفها عبر مواقف واضحة تصدر عن قنوات دبلوماسية رسمية، يجسدها ملك البلاد، أو رئيس حكومته، أو وزير خارجيته! الى حدود الآن ليس هناك أي موقف رسمي للدولة المغربية من القرار الصادر عن المحكمة الجنائية الدولية، ولا ينبغي بأي حال من الأحوال ربط ما كتبه أحمد الشرعي بالدولة، لأن هذه الأخيرة لها قنواتها الرسمية التي تصرف من خلالها مواقفها بخصوص كل ما يتعلق بسياستها الخارجية في ارتباط بمحيطها الدولي والاقليمي وفي علاقتها أيضا بالمنظمات والمؤسسات الدولية! أحمد الشرعي له الحق في كتابة ما يشاء، كما نكتب نحن ايضا بدون أي تضييق عن حريتنا في الرأي والتعبير كل ما نريد، لأن الديمقراطية، والتعددية، وحقوق الإنسان، وحرية الرأي والتعبير، تستوعب كل الأفكار، مهما كانت هذه الأفكار متعارضة مع خيارات الدولة أو المجتمع في بعض الأحيان! ومن هذا المنطلق، فإن انبهار أحمد الشرعي وإعجابه بالديمقراطية الاسرائيلية، ودفاعه عن حق إسرائيل في الدفاع الشرعي عن نفسها ضد (الإرهاب) وفق تعبيره، يمكن الرد عليه بأفكار نقيضة من قبيل: حق المقاومة في مجابهة الاحتلال وصد العدوان حق مشروع، وحق قضاة المحكمة الجنائية الدولية في محاكمة وتعقب مجرمي الحرب الذين يرتكبون جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية حق مكفول بموجب نظام روما! لا أدري، لماذا يتحسس البعض من مواقف أحمد الشرعي المتهافته، في حين أن النخب السياسية والحزبية والحقوقية والمدينة في المغرب، ظلت تعبر بكل وضوح عن مواقفهامن جرائم الحرب القذرة التي ارتكبها الكيان الصهيوني مند احتلال ارض فلسطين الى حدود الآن، في الصحافة، وفي الإعلام، وفي البرلمان، وفي الشارع العام أيضا من خلال المسيرات والوقفات الاحتجاجية الحاشدة! دعوا أحمد الشرعي يقول ما يحلوا له في مقالاته الصحفية بغض النظر عن خلفياتها ورسائلها والجهات المعنية بها، ويكفي أن المغاربة يعبرون عن موقفهم مما يحدث في فلسطين وفي لبنان بشكل صريح وبهامش حرية أكبر، في باحات المساجد، وفي الساحات والشوارع العمومية، وأمام البرلمان والسفارات الأجنبية، لأن العبرة بالخواتم والزبد يذهب جفاء كما يقال! الجميل في المغرب أنه بلد يستوعب كل التيارات الفكرية ومعسكراته الاديلوجية لا تعد ولا تحصى ولكن الذي لا ينبغي الاختلاف حوله هو وحدة الصف حول ثوابت الدولة المغربية التي تعني الجميع في آخر المطاف بغض النظر عن التموقعات الانتهازية هنا وهناك! التاريخهوالذييسجللكلطرفمواقفهويكفيأنالمحكمةالجنائيةالدوليةكانتلهاالجرأةوالشجاعةلتصدرقرارهاالتاريخيضدمجرميالحربالذينقتلواوذمروا وهجروا وأعدموا البشر بدم بارد في استباحة غير مسبوقة للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني (اتفاقيات جنيف الاربع) دون أن تعير المحكمة أي اهتمام لاصطفاف الولاياتالمتحدةالأمريكية وغيرها من الدول التي شرعنت جرائم الكيان الصهيوني مند عقود من الزمن وليس مند السابع من اكتوبر 2023 فقط! الموقف الأمريكي من المحكمة الجنائية الدولية معلوم ومعروف وهناك سوابق أمريكية كثيرة لتبخيس دور هذه المحكمة لأن امريكا تعتبر نفسها فوق القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وفوق الأممالمتحدة وفوق المحكمة الجنائية الدولية ومن لديه شك في هذا الكلام فيكفيه تأمل التهديدات الصادرة عن المسؤولين الأمريكيين بعد صدور قرار المحكمة الذي أربك حساباتهم! دعوا الشرعي يكتب ما يشاء ولا تنزعجوا من كلامه وإذا شعرتم بأن هناك من يحركه أو يملي عليه المواقف التي يصرفها في المقالات التي ينشرها داخليا وخارجيا فالشعور ليس دليلا ولا حجة في مواجهة الرجل الذي يبقى له كل الحق في التعبير عن آرائه كما نعبر نحن عن مواقفنا بكل حرية وهذا مكسب ينبغي أن نفتخر به في بلد يستوعب كل التعبيرات مهما كانت مستفزة أحيانا لتوجه الرأي العام لأن الإيمان بالتعددية يدفع حثما الى قبول كل الأفكار التي يتم التعبير عنها دون الاخلال بثوابت الدولة ودون التحريض على التمييز والكراهية وإزدراء الأديان!