أثناء زيارته الرسمية إلى المغرب، رافق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، العديد من الضيوف، من بينهم شخصيات تثير الدهشة أحيانا، حسب ما أفادت به صحيفة "لوموند". لم يزر رئيس الجمهورية المغرب منذ عام 2018، وقد تميزت هذه الزيارة، التي جاءت في إطار المصالحة، باعتراف فرنسا بسيادة المغرب على الصحراء، وتوقيع عقود ضخمة بقيمة "أكثر من 10 مليارات أورو"، بحسب ما نقلت الإليزيه لوكالة الأنباء الفرنسية. قلق حول التكلفة المالية وقالت "لوموند" إن حجم هذا الوفد يثير التساؤلات، في سياق من التوترات السياسية حول ميزانية 2025 وبعد مرور ثلاثة أشهر على نشر تقرير محكمة الحسابات في 29 يوليوز الذي أعرب عن القلق بشأن إدارة مالية الإليزيه. وكان التقرير قد أوصى، من بين أمور أخرى، بوضع حد "لحجم الوفود الرسمية، بمن فيهم الوزراء، البرلمانيون، مديرو الإدارات المركزية وغيرهم، وكذلك الوفود وغير الرسمية التي تضم شخصيات أخرى من المجالات الاقتصادية، الثقافية، إلخ". كما اقترح توسيع "مجال تطبيق قواعد إعادة الفوترة للتكاليف "بالنظر إلى بعض ملفات المدعوين". وأشارت الصحيفة الفرنسية إلى أن هذه التوصيات لم تطبق على ما يبدو. وذكرت أن أن حجم الوفد غير الرسمي، بالنسبة لهذه الرحلة الى المغرب، يبدو مشابها لحجم الوفود في عام 2023، حيث "كان يتراوح بين 74 في قمة مجموعة العشرين في الهند و146 في الجولة الإفريقية"، بحسب التقرير. وفيما يتعلق بإعادة الفوترة، يبدو أنها اتبعت القواعد التي وضعت في دجنبر 2023، قبل صدور التقرير، في الغالبية العظمى من الحالات، وفق ملاحظة "لوموند"، فإن "الدولة تطلب استرداد النفقات من الوزراء، ومديري الإدارات المركزية، ورؤساء أكبر 120 شركة فرنسية، في هذا السياق". "شخصيات غير ملائمة" من بين الشخصيات المثيرة للدهشة، كما وصفتها "لوموند"، التي رافقت ماكرون إلى المغرب، نجد فرانسوا-ماري بانييه (77 عام) يواصل مسيرته كمصور فوتوغرافي شهير. وقالت إن "هذا الصديق السابق للراحلة ليليان بيتنكور، والذي أُدين نهائيا في عام 2016 بتهمة "استغلال ضعف" المليارديرة وريثة إمبراطورية "لوريال"، كان يتجول في ساحة القصر الملكي بالرباط يوم الإثنين 28 أكتوبر، ملتقطًا صورا عن كثب للحراس الهادئين". وكشفت الصحيفة الباريسية أنه " على غرار السيد بانييه، أثار أعضاء آخرون في الوفد ردود فعل علنية حول مدى ملاءمة حضورهم، مثل الفنانة أرييل دومباسل وزوجها الفيلسوف برنارد-هنري ليفي، مالكي رياض في مراكش." وأشارت أيضا إلى حضور الكوميدي ياسين بلعطار، الذي حُكم عليه في شتنبر 2023 بتهمة "التهديد بالقتل" ضد عدة أشخاص، والذي أوضح دعوته قائلاً: "أنا كوميدي، وأنا فرنسي ومغربي، وأعتقد أنني حققت بعض الإنجازات في مسيرتي". وانتقدت "لوموند" هذه الدعوات، التي تُمول بشكل رئيسي من الأموال العامة، حيث تعتبر هذه الدعوات شكلا من أشكال الشرعية للشخصيات المدعوة، بل وربما وسيلة لتعزيز شبكتهم بفضل الدعم التنفيذي. روابط عائلية مع المغرب وأضافت أن معظم المنتخبين والوزراء السابقين المدعوين، الذين لديهم في الغالب رابط عائلي مع المغرب، هم من المحيطين بحركة "إلى الأمام!" أو برئيس الجمهورية. فقد كانت الوزيرة السابقة يمينة بن قيقي (2012-2014) قريبة من الزوجين ماكرون، وتقدم لهما النصيحة حول القضايا الإفريقية. كما كانت الوزيرة السابقة نيكول جيدجي من الداعمين المعلنين للمرشح ماكرون منذ عام 2017. وحضر ضمن الوفد، سارة إلحيري ونادية حي، اللتان كانتا وزيرتين تحت نفس الرئيس للجمهورية. وحاولت "لوموند" التواصل معهما لتوضيح أسباب حضورهما وما إذا كان قد طُلب منهما سداد تكلفة الرحلة، لم تردا على استفساراتنا، باستثناء السيدة حي، التي رفضت الإجابة على الأسئلة المتعلقة بوجودها في الوفد إلى المغرب، لكنها أوضحت أنها "ستكون سعيدة بالرد على أسئلة متعلقة بجوهر الموضوع ". واضافت الصحيفة الفرنسية أن "النائب السابق مجيد الغراب، الذي كان حاضرًا أيضًا، يشكل استثناءً بين النواب السابقين المدعوين." وأشارت إلى أنه سرعان ما انسحب من مجموعة "إلى الأمام" في الجمعية الوطنية، بعد انتخابه في دائرة الفرنسيين بالخارج التي تشمل المغرب عام 2017، بعد أن اعتدى على مسؤول سابق في الحزب الاشتراكي باستخدام خوذة دراجة نارية، وحُكم عليه بالاستئناف في أكتوبر 2023 بسبب هذه الواقعة. حضور شخصيات أقل شهرة وقريبة من قصر الإليزيه يثير أيضا التساؤلات. وفق ما ورد في تقرير "لوموند" فإن كريستيان دارنيا، المصرفي السابق الذي نظم جمع التبرعات لكبار المانحين لصالح حملة ماكرون في عامي 2017 و2022، كان ضمن الوفد بدون أي تفويض أو صفة خاصة. من بين أعضاء الوفد نجد المدير السابق للعلاقات الخارجية لشركة لاغاردير، رمزي خيرون، الذي غادر المجموعة في عام 2022 مع تعويض نهاية خدمة قدره 17 مليون يورو. أما فريدريك جوسيت، صاحب المرتبة 137 بين أثرياء فرنسا بعد بيعه شركته لمراكز الاتصال "ويب هلب" فقد برر حضوره مع الوفد من خلال مؤسسته "أرت إكسبلورا"، حيث يشير إلى أن "سفينة المتحف رست مؤخرا في المغرب"، بينما تتحمل الدولة تكاليف مشاركته في الوفد، حسب التقرير. وفي مساء يوم الاثنين 28 أكتوبر، حضرت شخصية أخرى في الحفل المقام للوفد في مقر إقامة فرنسا التابع للسفارة، لكنها ليست جزءًا من السفارة: مليكة داتي، شقيقة وزيرة الثقافة رشيدة داتي، التي كانت موجودة أيضًا في المغرب، وهي عضو في المجلس البلدي لمدينة نانسي. وأشارت ل "لوموند" أن "رحلتها خاصة وشخصية تمامًا" وأن "لا أحد قد دفع ثمنها".