تخلّى فلاّحو تارودانت على نحو أربعة آلاف هكتار من مساحات الضيعات الفلاحية المختصة في الحوامض في أقل من أربعة أشهر، على خلفية نضوب الفرشة المائية وانقطاع سد أولوز عن تزويد ضيعات سبت الكردان وأولاد برحيل وأولوز بمياه الري، وفق ما نقله المهنيون في إفاداتهم لموقع "لكم". وأوضح هؤلاء الفلاّحين في إفادات لموقع "لكم"، أن التخلي على نحو أربعة آلاف هكتار من مساحات الزراعة المخصصة للحوامض، أوقفت عمل عشر محطات للتلفيف وقلصت الإنتاج بنحو 500 ألف طن، كما أدت هاته الوضعية الاستثنائية إلى تسريح أكثر من 650 عاملا زراعيا وأفقدت نحو 40 ألف يوم عمل مباشر".
وبلغة الأرقام، فإن هاته الوضعية التي وصفها الفلاحون ب"الكارثية"، خفضت إنتاج الحوامض إلى 1,2 مليون طن بعدما كان العام الماضي بلغ 1,7 مليون طن، وقبله خلال الموسم الفلاحي 2021/2022 ما يفوق 2,6 مليون طن من إنتاج الحوامض باختلاف أنواعها، ليكرس هذا الوضع معاناة الفلاحين مع القروض والديون وغلاء مدخلات مسارات الإنتاج وكلفته، مما أبطأ عمليات تسديد مستحقاتهم للمؤسسات الدائنة في الآجال المحددة، وتنامت الدعاوى القضائية المتعلقة بالشيكات بدون رصيد، في الوقت الذي سجل فيه تزايد عدد الكمبيالات غير المؤداة، مما دفع البنوك إلى وقف عمليات إقراض الفلاحين، خاصة ما يتصل بالقروض الزراعية. ومما زاد الطّين بلّة، يشرح الفلاّحون، مواجهتهم لما أسموه "حملة التّصدير التي تعد الأكثر صعوبة بسبب الزيادات الكبيرة في تكاليف النقل البحري بواسطة الحاويات، حيث عرفت مسارات اللّوجستيك، عبر استعمال الحاويات، بزيادة في كلفة النقل تتراوح ما بين 20 و50 في المائة مقارنة مع السنة الفارطة. كما سجلت تكلفة النقل عبر البواخر زيادة تصل إلى 50 في المائة من التّكلفة الاعتيادية مقارنة مع السنوات الماضية. وهي كلها زيادات تشمل الإنتاج والتّلفيف والنّقل واللوجستيك، ممّا يؤثر سلبا على هامش الربح لدى المصدرين والفلاحين، خاصة وأن الأثمان في الأسواق الدولية غير مستقرة ولا يتم الإفصاح عن قيمتها إلا في نهاية الموسم الفلاحي، وسط تخوفات الفلاّحين من إشكالية تسويق الحوامض، خاصة وأن الموسم الفلاحي الحالي يعرف تراجعا كبيرا في منتوج كل الأصناف، مما ينذر بموسم فلاحي كارثي بفعل ارتفاع أثمان الأدوية الفلاحية والمواد الأولية واستمرار الجفاف". ووفق المعطيات الإحصائية، فإن المساحات المشمولة بزراعة الحمضيات في جهة سوس ماسة تطورت خلال العشر سنوات الأخيرة، حيث توسعت هذه المساحات بمجموع 7524 هكتار، ( تطور بحوالي 22 في المائة). كما أن الفواكه الصغيرة (أصناف الكيلمونتين، والنور، وأفورار، ونوفا، وفورتين، وأورطانيك، ونوليس) شهدت اتساعا في المساحات الزراعية بنسبة 21 في المائة، مقارنة مع سنة 2010 ، أي ما يوازي إضافة مساحات زراعية تصل 3700 هكتار. ويراهن فلاّحو تارودانت على التسريع باستكمال الدراسات المتعلقة بإنجاز محطة لتحلية ماء البحر المخصصة لسقي الضيعات الفلاحية بالإقليم من حوض الكردان إلى إسن ثم أولاد برحيل وأولوز، وأن يشرع في عمليات الإنجاز قبل متم السنة الجارية، بعدما أطلقت وزارة الفاحة والتنمية القروية والصيد البحري والمياه والغابات سبعة مشاريع لإنجاز محطات تحلية ماء البحر بمجموعة جهات المغرب، منها محطتين جديدتين بأكادير وتيزنيت بغية سد الخصاص المسجل في الماء الشروب ومياه الموجهة للأغراض الفلاحية. ويعدّ قطاع الحوامض والبواكر من أهم القطاعات الفلاحية بالمغرب، إذ تقدر الاستغلاليات والضّيعات الفلاحية ب 92 ألف هكتار، يستغلها ما يناهز 14 ألف فلاح، يساهم قطاع الحوامض في إحداث 21 مليون يوم عمل في السّنة. كما تشكل زراعة الحمضيات واحدة من الأعمدة التي يتأسس عليها النشاط الفلاحي في جهة سوس ماسة، سواء بالنّظر للمساحات الأرضية التي تشغلها هذه السلسلة الزراعية وكذا حجم الإنتاج، وأهمية الصادرات. فجهة سوس ماسة تلم 38 في المائة من الإنتاج الوطني من الحمضيات، و20 في المائة توجد في منطقة الغرب، و17 في المائة في حوض ملوية، و 14 في المائة في سهل تادلة، و 6 في المائة في منطقة الحوز، في حين تغطي هذه المناطق أزيد من 93 في المائة من المساحة الوطنية. كما أن رصيد منطقة سوس من أشجار الحمضيات يحتل حاليا مساحة تصل حوالي 40533 هكتار، حيث تغطّي الأشجار المزروعة حديثا حوالي 600 هكتار. أما المساحة المخصصة للفواكه الصغيرة فتشغل 21256 هكتار، مقابل 18204 هكتار بالنّسبة لمجموعة البرتقال، أي ما يعادل 53 في المائة من مجموع أشجار الحمضيات على الصعيد الجهوي.