تتوالى المتابعات القضائية على خلفية التدوين والنشر بالفضاءات الرقمية، وهي المتابعات التي تخلف انتقادات واسعة، بسبب مسها بالحق في التعبير الذي يكفله الدستور وتؤكد عليه المواثيق الدولية. وعلى غرار العديد من الهيئات الحقوقية، دعا المجلس الوطني لحقوق الإنسان إلى إلغاء كل النصوص القانونية التي قد تنتهك حرية المواطنين في ممارسة الحق في حرية التعبير، بما فيها الأشكال الجديدة التي يحتضنها الفضاء الرقمي.
وإلى جانب ذلك، أكد المجلس في تقريره السنوي على ضرورة تعزيز الضمانات القانونية لحماية الحق في الخصوصية ومكافحة خطاب الكراهية والتحريض على العنف. وشدد على ضرورة توسيع دائرة التعبيرات المشمولة بحماية الحق في حرية التعبير، لتشمل الأشكال الجديدة لمارسة حرية التعبير في الفضاء العمومي الرقمي، انطلاقا من المعايير التي تحددها المواثيق الدولية ذات الصلة والممارسات الفضلى المعمول بها في هذا المجال. ودعا إلى تعبئة الوسائل القانونية والبيداغوجية والثقافية المتاحة لمكافحة مختلف أشكال التعبيرات المنافية لحقوق الإنسان ولقيم المجتمع الديمقراطي. وأكد التقرير أن تحقيق هذين الهدفين المترابطين يتطلب تطوير قدرة كل الفاعلين من سلطات عمومية وإعلاميين ومواطنين ومدافعين عن حقوق الإنسان، على استيعاب أبعاد التطور الحاصل في هذا المجال وتكييف أساليب ووسائل التعامل مع التحديات التي يفرضها. وإذا كان الفضاء الرقمي قد ساهم في تعزيز فعلية الحق في حرية التعبير والمشاركة، فإنه يبقى، حسب التقرير، مرتعا خصبا للعديد من الممارسات والسلوكات التي تساهم في تقويض قيم المجتمع الديمقراطي وإفراغ العديد من الحقوق والحريات كالحق في الاحتجاج والمساءلة والانتخاب، وتمييع النقاش العمومي. ويتجلى ذلك بالأساس في انتشار التضليل والأخبار الزائفة التي تشكل تهديدا لحرية تداول المعلومات والحق في الحصول عليها، إضافة إلى الإشكالات المرتبطة بالتشهير والاستدراج والتطرف وترويج خطاب العنف والكراهية واستهداف الأشخاص أو الفئات الهشة. وخلص المجلس إلى التأكيد على ضرورة الالتزام بالمعايير الدولية والاسترشاد بالاجتهادات القضائية ذات الصلة بحماية الأشكال الجديدة لممارسة حرية التعبير، مع ضرورة استحضار خصوصيات أشكال تعبير مغاربة الخارج والأنماط المتغيرة لمنظومات القيم بين المغرب ودول المهجر.