قال المجلس الوطني لحقوق الإنسان، إنه تابع بانشغال كبير الإضرابات التي شهدتها مختلف أسلاك التعليم المدرسي العمومي احتجاجا على مقتضيات النظام الأساسي، والتي امتدت لأزيد من 12 أسبوعا (من منتصف أكتوبر 2023 إلى منتصف يناير 2024). وأشار المجلس قي تقريره السنوي برسم سنة 2023، أن هذا التوقف نتج عنه هدر كبير للزمن المدرسي، وأثر عميق على تعلمات التلميذات والتلميذ، والذي قد يصعب تداركه بالنظر لطول مدة التوقف عن الدراسة.
ونبه التقرير للآثار السلبية للتوقف عن الدراسة على جودة التعليم العمومي، مؤكدا أن من شأنها تعميق الفجوة بشكل أكبر بين التعليم العمومي والتعليم الخاص، مع ما يمكن أن ينتج عن ذلك من تفاوتات في الفرص في المستقبل بين خريجي المدرسة العمومية وتلاميذ وتلميذات القطاع الخاص. ففي الوقت الذي كان فيه العمل متوقفا في القطاع العمومي فإن القطاع الخاص استمر في تقديم خدماته، وهو ما يعمق التفاوتات المجتمعية ويؤدي إلى تراجع مستوى المدرسة العمومية. وسجل الصعوبات الكبيرة التي تواجهها المدرسة العمومية كما تبين ذلك العديد من مؤشرات قياس جودة التعليم، التي تظل متدنية ولا ترقى إلى مستوى تطلعات الواطنين، والتي تسائل جميع الفاعلين المتدخلين في المنظومة التربوية ولا يمكن اختزالها في قطاع التعليم لوحده. وحذر التقرير من التحديات المتعلقة بتفاقم الهدر المدرسي وتراجع جودة التعلمات، إذ إن البيانات الرسمية تؤكد تزايد عدد المتسربين من المنظومة التعليمية الوطنية؛ حيث انتقل عددهم من 331558 تلميذة وتلميذ خلال الوسم الدراسي 2022/2023 إلى 334664 تلميذة وتلميذ خلال الوسم الدراسي 2024/2023. واعتبر أن برامج الدعم الاجتماعي السابقة وعلى رأسها "برنامج تيسير" لم ينجح في تحجيم ظاهرة الهدر المدرسي الأكثر تهديدا لفعلية الحق في التعليم في بلدنا، كما أن برنامج الدعم الاجتماعي المباشر يسائلنا من حيث المحفزات التي يقدمها لتشجيع الأسر على الالتزام بتمدرس أبنائها، إذ لا يشترط أن يكون الأطفال في سن التعليم متمدرسين للحصول على الدعم الاجتماعي المباشر، كما أن الفرق بين مبلغ الدعم الخاص بالأطفال التمدرسين ونظرائهم غير التمدرسين يبقى ضعيفا نسبيا، وهو ما يستدعي البحث عن الآليات الضرورية لضمان ربط الدعم الاجتماعي بتمدرس الأطفال.