صادق مجلس المستشارين، بالأغلبية، على مشروع القانون رقم 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة وذلك خلال جلسة عامة تشريعية عقدها مساء اليوم الثلاثاء. وفي كلمة تقديمية لمشروع القانون، الذي حظي بموافقة 36 مستشارا برلمانيا وامتناع 6 مستشارين برلمانيين عن التصويت، قال وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، إن العقوبات البديلة تشكل وجها مشرقا في تاريخ السياسة الجنائية وأضحت خيارا أساسيا وركيزة من الركائز الأساسية في السياسات العقابية الحديثة، حملت تغييرا عميقا في فلسفة العقوبة ووظائفها عبر تدعيم غايتها الإصلاحية والإدماجية على حساب البعد الانتقامي.
وسجل الوزير أن جل الأنظمة الجنائية الحديثة راهنت بشكل كبير على تبني نظام العقوبات البديلة كسبيل لتحديث وتطوير سياستها العقابية والحد من إكراهات الوضع العقابي القائم نتيجة الاكتظاظ داخل المؤسسات السجنية والتغلب على مساوئ العقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة التي لا تكفي زمنيا لتحقيق البرامج التأهيلية والتكوينية، بل بالعكس تسهم سلبا في إدماج المحكومين بها بفعل الاختلاط مع من هم أكثر خطورة. وأشار الوزير إلى أنه تم في إعداد هذا النص، استحضار جل المرجعيات والقواعد والمعايير الدولية المعتمدة وعلى رأسها المبادئ العامة الواردة في قواعد الأممالمتحدة الدنيا النموذجية للتدابير غير الاحتجازية، لضمان التوازن بين حقوق المحكوم عليهم وحقوق الضحايا وحق المجتمع في الأمن العام ومنع الجريمة، من خلال توسيع دائرة الاستفادة مع استثناء الجرائم الخطيرة والأشخاص العائدين والتنصيص على تدابير إصلاح أضرار الجريمة. كما ارتكزت مضامين مشروع القانون، يضيف الوزير، على توفر الصلح أو تنازل الضحايا في أهمها وخضوع ذلك لرقابة القضاء سواء عند تقرير العقوبة البديلة أو حق المنازعة فيها لتصحيح ما قد يشوب تحديدها وفق مساطر محددة ومبسطة لإضفاء المرونة، إلى جانب الحرص على مراعاة عدم التمييز عند تطبيقها على أفراد المجتمع بغض النظر عن وضعيتهم الاجتماعية والاقتصادية كما هو الحال بالنسبة للعقوبة البديلة المتعلقة بالغرامة اليومية. وبحسب الوزير، فإن مضامين مشروع القانون لم تغفل أيضا مراعاة كرامة المحكوم عليهم عند تطبيق العقوبات البديلة وحياتهم الخاصة ووضعية بعض الفئات الخاصة كالنساء والأحداث والمسنين وذوي الإعاقة، مبرزا أن هذا النص يروم وضع إطار قانوني متكامل للعقوبات البديلة سواء من حيث تأصيلها وفق القواعد الموضوعية لمجموعة القانون الجنائي المرتبطة بالعقاب، أو من خلال وضع آليات وضوابط إجرائية على مستوى قانون المسطرة الجنائية تهم تتبع وتنفيذ العقوبات البديلة. كما يهدف النص، يضيف الوزير، إلى إيجاد حلول للإجرام البسيط وفق مقاربة تأهيلية وإدماجية بعيدة عن السجن وغرس روح المواطنة والواجب والالتزام خاصة من خلال عقوبة العمل من أجل المنفعة العامة، إلى جانب المساهمة في الحد من حالات الاكتظاظ داخل المؤسسات السجنية.