اعتبر حزب "العدالة والتنمية"، "أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان، قام بتمرير التوصيات والمقترحات المتعلقة بمدونة الأسرة، والمصادقة عليها، بشكل لا يراعي التعددية، ولا يتقيد بقواعد الديمقراطية والشفافية الذي يفترض أن تؤطر عمل مؤسسة دستورية وطنية. وقال حزب العدالة والتنمية، في مذكرته الجوابية على مقترحات المجلس الوطني لحقوق الإنسان المتعلقة بمدونة الأسرة، إن المنهجية التي اعتمدها المجلس الوطني لحقوق الإنسان في إعداد مذكرته بشأن مراجعة مدونة الأسرة، "تجاهل من خلالها كونه مؤسسة تعددية ومستقلة، يفترض فيها أن تسهر على حماية حقوق الإنسان ومن ضمنها حقوق أعضائها".
وأوضح حزب "المصباح"، أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان، قدم مذكرته إلى الهيئة المكلفة بتعديل المدونة، "في نفس اليوم الذي تم فيه عرض المذكرة على الجمعية العامة للمجلس"، وهو ما يطرح حسب مذكرة الحزب، "سؤال مدى احترام المجلس لحق أعضاء الجمعية العمومية في الاطلاع المسبق والوافي عليها، وحقهم في مناقشتها مناقشة حقيقية، وفي تعديلها قبل المصادقة عليها". وأضاف الحزب، أن مذكرة المجلس الوطني لحقوق الإنسان تعتبر أن "مدونة الأسرة لم تتطرق لمفهوم الأسرة التي يفترض أن تطبق عليها مضامين هذا النص"، وتعتبر "أن مقتضياتها تطرقت بشكل غير مباشر لأشكال من الأسر، ورتبت علاقات قانونية عليها". وأكد المصدر، أنه بالقراءة المتفحصة لمضامين مقترح المجلس المتعلق بتعريف الأسرة، نسجل أن مدونة الأسرة لم تهمل تعريف مفهوم الأسرة، كما تدعي المذكرة، وعرفته من خلال نصها على أهم شرط لقيامها وهو الزواج بين المرأة والرجل، ووضعت أيضا مقاصده الشرعية فجاء التعريف على الشكل التالي في المادة الرابعة من المدونة: "الزواج ميثاق تراض وترابط شرعي بين رجل وامرأة على وجه الدوام، غايته الإحصان والعفاف وإنشاء أسرة مستقرة برعاية الزوجين طبقا لأحكام هذه المدونة". واعتبر الحزب أن الإقحام التعسفي لمفهوم "الأشكال الأخرى من الأسر" انطلاقا من قراءات متعسفة لبعض مقتضيات المدونة التي تطرقت إلى: (الخطبة والزواج غير الموثق وكفالة الأطفال المهملين والولادات خارج مؤسسة الزواج..) وهي مصطلحات واردة في المدونة ولا تسعف في الحديث عن "الأشكال الأخرى من الأسر"، وهو إقحام متعسف لأشكال من توثيق الزواج للتأسيس لمفهوم "الأشكال المتعددة للأسرة"، والتطبيع مع مفهوم جرى توليده في سياقات ثقافية غربية أساسا لتبرير الخروج الواضح عن مؤسسة الأسرة الفطرية والشرعية وتقنين أشكال جديدة من العلاقات الشاذة بين الرجال والرجال والنساء والنساء وغيرها، وهو ما سمح في النهاية بإضفاء الشرعية القانونية في بعض الدول الغربية على هذا النوع من العلاقات، تحت شعار مضلل وهو:"الزواج للجميع" (Mariage pour tous) كما في الحالة الفرنسية. كما انتقد العدالة والتنمية، جعل المعالجات القانونية التي قامت بها مدونة الأسرة لإشكالية النسب في الباب الثاني من القسم الأول المتعلق بالبنوة والنسب "باب النسب ووسائل إثباته" كحالة الخطبة وفي حالة الإقرار وغيرها على أنها شكل جديد من الأسرة، مشددا "أنها تتعلق بنسب الطفل ولا يمكن اعتبارها شكل من أشكال الأسرة". واعتبرت المذكرة، أن الغرض من هذا الإقحام التعسفي يتضح جليا من خلال الفقرة التالية كما وردت في المذكرة: "ضعف قدرة نص المدونة على تأطير بعض الأشكال الجديدة من الأسر التي أفرزتها التحولات الاجتماعية والاقتصادية التي عرفها المغرب، على غرار الأسر التي تقودها النساء أو تلك المكونة من أحد الزوجين أو المكونة من زوجين بدون أبناء"، حيث إن هذه الأمثلة التي توردها هذه الفقرة هي التي تحتاج إلى تعريف وليس مؤسسة الأسرة، فما معنى: "الأسر التي تقودها النساء"؟ وما معنى "الأسرة المكونة من أحد الزوجين"؟ وما معنى "الأسرة المكونة من زوجين بدون أبناء"؟ وخلص حزب العدالة والتنمية إلى أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان ليس مؤسسة عادية أو جمعية خاصة أو حزبا يحمل توجها إيديولوجيا معينا، وإنما هي مؤسسة دستورية وطنية تتولى بمقتضى الفصل 161 من الدستور "النظر في جميع القضايا المتعلقة بالدفاع عن حقوق الإنسان والحريات وحمايتها، وبضمان ممارستها الكاملة، والنهوض بها وبصيانة كرامة وحقوق وحريات المواطنات والمواطنين، أفرادا وجماعات، وذلك في نطاق الحرص التام على احترام المرجعيات الوطنية والكونية في هذا المجال."