هاجم الكاتب الأولى، لحزب الاتحاد الاشتراكي، إدريس لشكر، المجلس الأعلى للحسابات، مباشرة بعد كشف هذا الأخير لقيام لشكر تحويل قرابة 200 مليون سنتيم، لصالح شركة استشارات تم تأسيسها لهذا الغرض وخُصص لها مقر جديد في منطقة عين عودة ضواحي الرباط، يُديرها نجله الحسن لشكر، رفقة مقربيه. واستغل إدريس لشكر مناسبة، أشغال المؤتمر الإقليمي لسيدي البرنوصي- سيدي مومن، أمس الأحد 03 مارس الجاري، ليرد على تقرير المجلس الأعلى للحسابات، وربط الأمر ب"التشويش على ملتمس الرقابة" من خلال إطلاق العنان للاتهامات الباطلة والتهييج الإعلامي وإلهاء الرأي العام. وقال لشكر: "كل محاولة للاصطياد في الماء العكر نُجيب عنها بأننا في دولة القانون والمؤسسات وأنه لا جريمة إلا بنص وأي تقرير كيفما كان وأقولها بكل مسؤولية حتى لا تتحول هيئات الحكامة إلى هيئات للتحكم". وأضاف لشكر في كلمته: "القانون فوق الجميع والقانون يُرتب وسائل المتابعة والاتهام، ولذلك لكي لا تقولوا لنا كل أبناء عبد الواحد واحد ويبدأ إطلاق الكلام على عواهنه أقولها إذا كان لكم اتهام فلتضعوه مباشرة، وإذا كان لديكم تنبيه أو إنذار وضِّحوه، فالمسطرة واضحة في القوانين.. وإذا كان لكم استفسار فكل الاستفسارات أخذتم بشأنها الأجوبة، أما إذا لم يكن لكم لا من هذا ولا من ذاك فسنلتزم بالقانون ولن يجُرَّنا أي أحد إلى أي نقاش سياسوي بهدف جعل المشهد كله متشابها". ورفع لشكر من مهاجمته للمجلس الأعلى للحسابات، حينما خاطبه بالاسم، وتساءل في هذا الصدد عن تقارير المؤسسات العمومية ومؤسسات الدولة والصفقات والاقتراضات الضخمة قائلا: "وقد استعرضتم الأحزاب التي مازالت في ذمتها دراهم الدولة.. أخبرونا أي مخالفة تمت وإنما بيننا وبينكم القانون نحن الحزب الذي ناضل من أجل التخليق، وعندما سيحين الوقت لابد أن يكون له فيه رأي، ونحن من دافع عن إعطاء الصلاحيات للمجلس الأعلى للحسابات لكن المجلس الأعلى للحسابات يجب أن يقول لنا 99,99 بالمائة من ميزانية الدولة أية تقارير كُتبت عليها أي بحث أجري حولها شركات الدولة والمؤسسات العمومية وحجم الاقتراضات التي تؤخذ باسم الشعب المغربي وكل الصفقات الحقيقية". ووجد لشكر نفسه في ورطة، بعدما أجرى المجلس الأعلى للحسابات، تدقيق حول شركة مملوكة لنجله إدريس لشكر ومقربين منه، ويتعلق الأمر بشركة " MELA STRATEGIE & CONSEIL" ومن مهامها، الاستشارات الإستراتيجية، والتدقيق، وتحليل السياسات الحكومية. وطالبت الكتابة الإقليمية للشبيبة الاتحادية بفرنسا، بإنشاء لجنة تحقيق حزبية مستلقة للنظر في كيفية استفادة بعض الأعضاء من المناصب، ومشاريع الدعم والصفقات. وأوضحت الكتابة الإقليمية للشبيبة الاتحادية بفرنسا، أن التقرير المجلس الأعلى للحسابات، أكد حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، "حصل على دعم مالي إضافي بقيمة 1.930.896,03 درهم في /092022/11 ، لتمويل النفقات المتعلقة بإجراء الدراسات والتي أسندت لمكتب الاستشارة MELA STRATEGIE & CONSEIL" الذي أسس يوم 2022/02/21 ". وقال تقرير المجلس الأعلى للحسابات، إن حزب الإتحاد الاشتراكي، استفاد من دعم سنوي إضافي قدره (1.930.896,03) درهم، لتغطية المصاريف المترتبة عن الدراسات، مشيرا إلى أنه تم اختيار مكتب الدراسات "MELA STRATEGIE & CONSEIL" لإنجاز 23 دراسة في المجال الاقتصادي والاجتماعي والمؤسساتي والبيئي بمبلغ إجمالي قدره 1.835.000 درهم. وأورد تقرير المجلس الأعلى للحسابات، المتعلق بتدقيق حسابات الأحزاب السياسية وفحص صحة نفقاتها برسم الدعم العمومي لسنة 2022، أنه تم تحويل المبلغ الإجمالي لتكاليف الدراسات 1.835.000 درهم للمكتب المعني بتاريخ 28 دجنبر 2022. وأسفرت عملية الفحص عن تسجيل ملاحظتين قام المجلس الأعلى للحسابات بتوجيههما إلى المسؤول الوطني عن الحزب بتاريخ 08 يونيو 2023 من أجل تقديم تبريراته داخل أجل ثلاثين يوما من تاريخ التبليغ، في حين توصل المجلس بأجوبة حزب الاتحاد الاشتراكي بتاريخ 10 يوليوز من السنة ذاتها. ونبه قضاة مجلس الحسابات إلى غياب اتفاقيات تفصل الشروط الخاصة والثمن الأحادي لكل دراسة على حدة، ولفت إلى تعاقد الحزب مع مكتب الدراسات "MELASTRATEGIE & CONSEIL" لإنجاز 23 دراسة في المجال الاقتصادي، الإصلاح الجبائي، المقاولات الصغرى والمتوسطة، النقل واللوجستيك، القطاعات المنتجة، نجاعة الاقتصاد الوطني والاجتماعي، الفئات الاجتماعية، التربية والتعليم والتكوين، الحماية الاجتماعية، التشغيل والموروث الثقافي والمؤسساتي والحكامة، سيادة القانون، الوضع المؤسساتي، إعداد التراب وسياسة المدينة وإصلاح الإدارة والبيئة وقطاعات الماء والطاقة والتعدين. وأضاف تقرير مجلس الحسابات أنه تم إبرام عقد مع المكتب المذكور يتضمن مقتضيات عامة لتنفيذ جميع الدراسات المقررة بثمن جزافي قدره 1.835.000 درهم داخل أجل أربعة أشهر من تاريخ تبليغ أمر الشروع بالخدمة. وفي هذا الصدد، سجل المجلس غياب اتفاقيات خاصة تحدد الشروط والثمن الأحادي لكل دراسة على حدة، وهو ما نتج عنه غياب مقتضيات تعاقدية ومعايير تفصل بشكل واضح الحاجيات والمتطلبات وكيفية إنجاز الدراسات بشكل يضمن جودة المخرجات ووجاهة الاقتراحات، منبها إلى إدلاء حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بمخرجات لا تحترم المنهجية العلمية المعتمدة لإنجاز الدراسات. وأردف تقرير المجلس، أنه بعد استفادته من الدعم السنوي الإضافي (1.930.896,03 درهم بتاريخ 9 نونبر 2022)، قام الحزب بتحويل المبلغ الإجمالي لتكاليف الدراسات 1.835.000 درهم لمقدم الخدمة "MELASTRATEGIE & CONSEIL" بتاريخ 28 دجنبر 2022، أي بعد مرور شهر و18 يوما. ومن أجل تبرير العمل المنجز، أدلى الحزب ب21 وثيقة تتعلق بالدراسات المقررة، باستثناء الدراستين المتعلقتين ب"مؤشرات قياس الحكامة في المجال المؤسساتي" و"مؤشرات قياس سيادة القانون"، وهي عبارة عن عروض أو مذكرات موجزة تتضمن معلومات واقتراحات عامة متوفرة للعموم، والتي استنتج المجلس من خلال تحليلها عدم التزام مكتب الدراسات المعني بالمنهجية العلمية المعتمدة في هذا المجال. ونبه المجلس إلى عدم تحديد أهداف الدراسة، وتعريف السياق الذي أجريت فيه الدراسة ومجالها ونطاقها، وصياغة الإشكالية والفرضيات الأولية، فضلا عن عدم إجراء البحث الوثائقي وكذا تحديد البيانات والمؤشرات المطلوبة، واختيار أساليب وأدوات التحقيق وتجميع البيانات (استبيان، بحث، عينة، مقابلات). كما نبه إلى عدم فرز وتصنيف وتحليل المعلومات والبيانات المجمعة واستخلاص النتائج والمؤشرات والدروس، وتحرير تقرير الدراسة والذي يتضمن المنهجية والنتائج والاقتراحات المتوصل إليها مع الإشارة إلى مصادر المعطيات والمعلومات المقدمة. وبناء على ذلك، أوصى المجلس الأعلى للحسابات حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بدعم صرف النفقات، لاسيما أجور المستخدمين ونفقات الوقود بوثائق الإثبات القانونية المنصوص عليها في قائمة الوثائق والمستندات المثبتة المحددة في المخطط المحاسبي الموحد للأحزاب السياسية. كما دعا المجلس الحزب الاتحادي إلى تفادي تحصيل الموارد التي يساوي أو يتجاوز مبلغها 10.000 درهم نقدا، وفق ما تنص عليه مقتضيات القانون التنظيمي المتعلق بالأحزاب السياسية (المادة 40)، وتخصيص حساب بنكي للدعم السنوي الإضافي لتيسير تتبع أوجه صرفه للغايات التي منح من أجلها.