حصل حزب "الحركة الشعبية"، وهو من أعرق الأحزاب المحافظة بالمغرب، على الاعتراف القانوني للتأسيس في فبراير عام 1959 بزعامة المقاوم، لحسن اليوسي، ومبارك البكاي، الذي ترأس أول حكومة مغربية بعد الاستقلال (1955-1958)، ليلتحق بهم في وقت مبكر، رجل مقرب من القصر آنذاك هم عبد الكريم الخطيب، ورجل آخر تقلد مهمات عكسرية في صفوف جيش الاستعمار، هو المحجوبي أحرضان (الزايغ). البروز التاريخي للحزب الذي سيتخذ من "السنبلة" شعارا له، جاء بتشجيع من القصر آنذاك الذي كان يريد كسر هيمنة "الحزب الواحد"، المتمثلة في احتكار حزب "الاستقلال" للمشهد السياسي الجنيني حينئذ. وليكسب الحزب الجديد امتداده داخل الساحة السياسية سيقدم نفسه كمدافع عن النزعة الأمازيغية وما تمثله من حقوق ثقافية لأمازيغ المغرب ضد النزعة العروبية والقومية التي كان يمثلها حزب "الإستقلال". لكن بالنظر إلى حاضر الحزب، فقد تحولت دوافع التأسيس، من فكرة مثالية تختلج لها لواعج مناضلي الحزب، لكسر مظاهر التحكم والهيمنة على المشهد السياسي المغربي، بعد الاستقلال، إلى حزب "عائلي ثيوقراطي"، تهيمن عليه أبوية تاريخية، تجسدت في رجل تسعيني، هو المحجوبي أحرضان الذي مازال يمثل الزعيم الروحي للحزب بعد احتفاظه برآسته الشرفية له، وتتزعمه قيادة قديمة، لأقدم وزير في العالم، منذ مؤتمره الاستثنائي، في يونيو 1993، هو أمحند العنصر، وتحرّك قراراته الداخلية، وحتى المصيرية، امرأة توصف ب"الحديدية"، اسمها حليمة العسالي. كيف استطاعت العسالي ان تضمن لنفسها وللمقربين منها مواقع قيادية، أصبح يوصف بذلك "السنبلة" كونه حزبا "عائليا" وبذلك، بزغت شرارة "حركة تصحيحية" بالحزب، مطالبة برحيل الأمين العام، أمحند العنصر من على رأس الأمانة العامة للحزب، رفقة القيادية المثيرة للجدل، عضوة المكتب السياسي، حليمة العسالي، التي اتهمها بيان "الحركة التصحيحية"، بكونها "سبب الانتكاسة السياسية والتنظيمية التي يعيشها الحزب، وتقود الأمين العام ومن خلاله الوزراء الحركيين في حكومة إبن كيران، نحو الهاوية والضعف السياسي". وتشير المعطيات التي تداولتها الصحافة المغربية، على صيت واسع، عن حزب "السنبلة" خلال السنة الماضية، أن القيادية، حليمة العسالي، هي المهندس الأول للقرارات داخل الحزب، والعضوة السياسية الأكثر تأثيرا في توجهات واختيارات الحزب، لاسيما حينما يتعلق الأمر بالمقربين منها، حيث كان لها الفضل في استوزار الكثير من وزراء الحزب وعلى رأسهم صهرها، وزير الشباب والرياضة السابق، محمد أوزين، وكانت في خط الهجوم الأول، ضد المطالبين بإقالته، فضلا عن الاتهامات الموجهة لها، حول مزاعم نشرتها الصحافة المغربية تفيد "تلقي رشوة قدرها 300 مليون سنتيم من وزير الوظيفة العمومية، محمد مبديع، مقابل التدخل له لدى الأمين العام، امحند العنصر من أجل الاستوزار" في النسخة الثانية من حكومة إبن كيران. تأثير العسالي، لم يظل حبيسا فقط داخل أسوار حزب "السنبلة" وتنظيماته الموازية، بل تعداه إلى أعرق جامعة في المغرب، هي جامعة محمد الخامس، بالرباط، التي قررت رئاستها تكريم حليمة العسالي، التي لم يكن لتاريخها صلة بالبحث العلمي والأكاديمي، فضلا عن تكوينها التعليمي، المحدود في المستوى الثانوي، وهو ما جر على الجامعة وابلا من الانتقادات، كون الوزير الحركي، خالد البرجاوي، وهو عميد بالجامعة، استغل علاقاته بالجامعة، لتكريم العسالي، ردا منه لدين دفاعها على استوزاره في النسخة الثالثة من حكومة إبن كيران، بدلا من عبد العظيم الكروج، حسب تصريحات خرج بها حركيون، محسوبون عن "الحركة التصحيحية" . اسم حليمة العسالي، الذي ورد في الصحافة المغربية في مناسبات عديدة، كونها الرقم الصعب داخل حزب "السنبلة" والمحرك للقرارات السياسية والتنظيمية للحزب، دفع موقع "لكم" إلى طرح السؤال عن سر قدرة العسالي على صناعة القرار السياسي داخل حزب مثل حزب "الحركة الشعبية" ؟ وكيف استطاعت في ظرف وجيز ان تضمن لنفسها وللمقربين منها مواقع قيادية، أصبح يوصف بذلك "السنبلة" كونه حزبا "عائليا" ؟ من تكون العسالي؟ توصف وسط قيادي حزب الحركة الشعبية، ب"المرأة الحديدة"، والرقم الصعب في تشكيلة قيادي الصف الأول للحزب، حليمة العسالي، هي إمرأة أمازيغية، تنحدر من مدينة خنيفرة، عاصمة الأطلس المتوسط، من مواليد أبريل 1953، تربت في بيت حركي (ينتمي لحزب الحركة الشعبية)، كانت علاقته وطيدة بالمحجوبي أحرضان، والتحقت رسميا وتنظيميا بحزب "السنبلة" في الانتخابات التشريعية، لعام 1977 إلى جانب زوجها محمد أمهروق، وهو أحد مؤسسي الحزب، في دائرة إقليمخنيفرة، وولجت للبرلمان عبر ولايتين متتاليتين 2002-2007، و2007-2011. وتحكي حليمة العسالي، في حوارها مع موقع "لكم"، أنها "على الرغم من تكوينها الأكاديمي البسيط، الذي لم يتجاوز مستوى الباكالوريا، غير أن مسيرتها السياسية في الحزب والبرلمان، حافلة بمواقف سياسية أثارت بها الجدل، كان أهمها الوقوف ضد خوض البرلمانيين، لولايتين في البرلمان، للقطع مع الريع السياسي والتجاوب مع مطلب تجديد النخب". الأمر الذي أيقض عليها حفيظة برلمانيات في حزبها، كن يطمحن لولاية ثانية تحت قبة البرلمان العسالي، أخذت حيزا مهما على صدر الصحافة المغربية، وتشير المعطيات التي استقاها "لكم"، من مصادر جيدة الإطلاع، أنها قيادية حركية من نوع خاص، صنيعة المحجوبي أحرضان، ومتأثرة إلى حد كبير بحماسته السياسية التي تحركها نعرة أمازيغية شوفينية، وذلك بفضل العلاقة العائلية والقبلية، التي تربط بين أحرضان وعائلة العسالي، بمنطقة أولماس، ضواحي خنيفرة. العسالي، مندهشة من حجم تهويل دورها في حزب "السنبلة" من قبل الصحافة المغربية، الجواب، حسبما أسر به مقرب منها، ل"لكم"، هو أن اسمها برز على صيت واسع، في اللحظة التي استطاع فيها زوج ابنتها، محمد أزين، أن يتقلد في ظرف وجيز، مناصب قيادية في الحزب، لا، بل وحتى سياسية، في الحكومة، كوزير للشباب والرياضة في حكومة بنكيران، قبل أن يتم إعفاءه، وهو ما فتح عليها الأضواء والنقد والجدل حول "قدرتها على التحكم في القرارات التنظيمية والسياسية للحزب". رأس ثالوث التحكم تقف القيادية حليمة العسالي، على رأس ثالوث التحكم في القرار السياسي والتنظيمي لحزب "السنبلة"، إلى جانب صهرها، وزير الشباب والرياضة المعزول، محمد أوزين، والأمين العام للحزب، أمحند العنصر، الذي يعجز على قول كلمة "لا" للثنائي العائلي. "ثالوث التحكم"، الذي يستثني منه قياديون حركيون، في لقاء مع موقع "لكم"، الأمين العام للحزب، امحند العنصر، بحكم أنه "لا يقوى على السير ضد تيار العسالي وصهرها"، أفضى إلى نزيف داخلي مزمن بالحزب، عنون ب"حركة تصحيحية"، يقودها برلمانيون ووزراء سابقون، كان آخر من التحق بها، القيادية الشابة، خديجة المرابط أم البشائر، رئيسة الجناح النسائي للحزب (جمعية النساء الحركيات). سعيد أمسكان، قيدوم القياديين الحركيين، يوصف بكونه اليد اليمنى للعنصر، ينفي ل"لكم"، جملة وتفصيلا التهويل الحاصل حول موقع القيادية، حليمة العسالي، في الحزب، ويؤكد أنها "قيادية لها كلمتها في المكتب السياسي، كباقي القيادات الحركية"، وذلك على الرغم من استهدافها بالاسم والصفة في غير ما مرة من قبل تصريحات ومقابلات وبيانات رموز الحركة التصحيحية لحزب "السنبلة" ومطالبتها ب"الرحيل" بمعية صهرها، محمد أوزين. وطالما، أضحى زعيم الحزب، امحند العنصر، يرضخ لقيادية، هي حليمة العسالي، استوجب الأمر، التساؤل حول طبيعة العلاقة بين العنصر والعسالي؟ ومن أين تستمد الأخيرة قوتها داخل الحزب؟ العسالي والعنصر تراجع زعيم الحزب، امحند العنصر، عن القرارات التنظيمية المحسوم فيها تحت قبة المكتب السياسي، فسرته قيادات "الحركة التصحيحية"، ب"ضلوع العسالي وراء كل تحفظات العنصر وتراجعاته عن قرارات ومخرجات اجتماعات رسمية للمكتب السياسي للحزب"، الأمر الذي طرح أكثر من علامة استفهام لدى رواد الحركة التصحيحية، حول طبيعة العلاقة بين العسالي والعنصر، والشك فيما إن كانت تخرج عن نطاق حزبي، وتتعداه إلى علاقة اقتصادية وتجارية مادية خارج أسوار وردهات الحزب؟ المشترك في المعطيات التي استقاها موقع "لكم"، من داخل الحزب، هو أن زعيم الحزب، امحند العنصر، هو رجل متروي ومتريث و"كياخد بخاطر ومطالب كل الأقطاب داخل الحزب"، حسب مقرب منه، دون أن يدخل في مواجهة إعلامية مع أحد من قياديي الحزب، وهو ما تأكد حتى مع من التقاهم "لكم" من قياديي "الحركة التصحيحية"، الذين رفضوا أن تُكشف صفتهم في انتقاد امحند العنصر، بسبب علاقتهم الودية معه، في الوقت الذي أفرغوا فيه وابل الانتقادات ضد كل من القيادية، حليمة العسالي، وصهرها، المنسق الوطني للحزب، محمد أوزين. لكن "تروي" العنصر، لا يشفع له، عند محسوبين على "الحركة التصحيحية"، حينما لا يتردد ويركض، هو ومقربين منه، وراء ما تطلبه العسالي، من قرارات تنظيمية، تهم تعيينات في هياكل الحزب، وحتى سياسية، حيث تكشف تقارير خاصة نشرتها الصحافة المغربية، عن فضل العسالي، في إستوزار مجموعة من القياديين، فضلا عن الخروج بتصريحات سياسية، من موقعها الحزبي، دفاعا عن صهرها، حين تدخل القصر الملكي، لتحميله مسؤولية فضيحة ملعب "مولاي عبد الله"، علاوة على خرجاتها الهجومية، ضد زعماء سياسيين، مثل زعيم حزب "الاستقلال"، حميد شباط. فمن أين تستمد العسالي قوتها؟ الجواب، حسب سعيد أولباشا، منسق الحركة التصحيحية، "يتوفر عليه فقط زعيم الحزب، امحند العنصر، الذي وجب أن يكشف للمغاربة ومناضلي الحزب، كيف تتحكم امرأة وزوج ابنتها في حزب بكامله وفي أمينه العام". المعطيات التي يتوفر عليها، "لكم"، تشير في المجمل، إلى التلميح، كون العلاقة بين زعيم الحزب، امحند العنصر، والقيادية، حليمة العسالي، هي "غير حزبية فقط، بل تأخذ عمقا ماديا ونفعيا، خارج ردهات الحزب". وهي التلميحات التي لم يتسن ل"لكم" التحقق منها عبر المعنيين. "تردد" الحركة التصحيحية وٌجه وابل من الانتقادات إلى "الحركة التصحيحية" في حزب الحركة الشعبية، بكونها أٌسست فقط من أجل البحث عن مواقع اعتبارية داخل الحزب والحكومة، بل إن قيادات من "الحركة التصحيحية"، أقرت في تصريحات صحفية، كون الحركة، "انبثقت ردا على تهميشها من حقها في الإستوزار داخل كراسي النسخة الثالثة من حكومة عبد الإله بنكيران". حاول موقع "لكم" ربط قنوات التواصل مع الأسماء الخمسة البارزة في "الحركة التصحيحية" لحزب "السنبلة"، غير أن المشترك في المعطيات المستقاة، يفيد أن الحركة تعيش حالة من "التردد"، سواء فيما تعلق بالكشف عن معطيات تفيد كيف تقدر القيادية، حليمة العسالي، على التحكم في مقررات الحزب، بصفتها "البطل" المغضوب عليه، في البيانات الرسمية الموقعة بإسم "الحركة التصحيحية"، أو فيما يتعلق بمستقبل وبرنامج وأهداف حركتهم التصحيحية وبالرجوع إلى ديباجات البيانات الرسمية، الصادرة عن "الحركة التصحيحية"، تغيب فيها الإشارات المتعلقة بعدد الملتحقين بالحركة في حزب "السنبلة"، وبرنامجها المرحلي، وأهدافها، في الوقت الذي تحضر فيه بقوة لغة "النقد الهجومي"، ضد ما قالوا عنه "المثلث المتحكم"، في الحزب، الذي توجد حليمة العسالي، على رأسه. فهل تقدر الحركة، على إسقاط ما أسمته "ثالوث التحكم" بشكل انضباطي للقواعد التنظيمية عبر مؤتمر وطني استثنائي بثلثي أعضاء المجلس الوطني ؟ الجواب، حسب منسق "الحركة التصحيحية"، سعيد أولباشا، في تصريحات، أدلى بها في حوار مع صحيفة "المساء"، أن الأمر "مستحيل في الظرف الحالي، داخل حزب يتعامل بمنطق القبيلة والانتقام، استطاع طيلة سنوات أن يحصي أنفاس مناضليه ويبتزهم، خاصة وان الحزب، لم يعلن لحدود اليوم، عن اللائحة النهائية لأعضاء المجلس الوطني، على الموقع الإلكتروني للحزب، حيث أضحى حزب الحركة الشعبية، بمثابة "حيض بيض" لا تعرف من يدخل إليه ولا من يخرج منه". وهو ما يعسر من تواصل "الحركة التصحيحية" مع قواعد المجلس الوطني، وإقناعها بمؤتمر وطني إستثنائي يُسقط حبات "ثالوث التحكم" من "السنبلة". العسالي : لو كنت أتحكم في الحزب لما أُعفي صهري من جهتها، قالت القيادية حليمة العسالي، في حوار مع موقع "لكم"، أن الخطاب الهجومي الذي يستهدف شخصها، كونها الآمر والناهي والمتحكم في القرار داخل حزب "السنبلة"، هو "سب وتجريح غير مقبول ضد حزب عريق يضم كفاءات وخبراء ومهندسين وشخصيات وطنية، مثل حزب الحركة الشعبية". وبلغة مفعمة بالثقة، أكدت العسالي، أنها "لو كانت تحكم حزب الحركة الشعبية، فعلا، لاستخدمت نفوذها، من أجل ألا يقدم صهرها استقالته من منصبه كوزير للشباب والرياضة، في الحكومة"، على حد تعبير العسالي. وعن قوتها داخل الحزب، أجابت، بأن "نفودها وكاريزميتها داخل الحزب، تستمدها من فكرة أنها تعمل وتجتهد في النضال داخل الحزب، دون أن يكون لها مصلحة، في الولوج للبرلمان، أو الإستوزار، ومطالبتها بتجديد النخب سواء داخل الحزب أومؤسسة البرلمان". وشددت على عدم اعترافها بالحركة التصحيحية في الحزب، بالقول :"لا أعترف بمن يسمون أنفسهم حركة تصحيحية، ولا يصح أن تصير ذلك، وهي تتكون فقط من خمسة أعضاء، مع العلم أن الحركة التصحيحة في الحزب، وجب أن يتحقق نصابها على الأقل ب 2000 مناضل حركي، لتشرع في حقها الديمقراطي التنظيمي، في عقد مؤتمر وطني استثنائي، وتصحيح ما يمكن تصحيحه داخل الحزب، بدل التصريحات الصحفية والبيانات الهجومية ضد زعيم الحزب..". وأعربت العسالي في حديثها مع "لكم" عن "استغرابها الشديد، للهجوم الإعلامي، الذي شنه ضدها أعضاء الحركة التصحيحية، وهي التي كانت تربطها معهم علاقة عائلية ودية طيبة، بدليل أنهم لجؤوا إليها، من أجل التوسط لهم، لدى زعيم الحزب، أمحند العنصر، من أجل حل سوء التفاهم بينهم والعنصر". تقول العسالي. مصدر مقرب جدا، من العسالي، يروي ل"لكم"، أن ما يثير للعسالي، المشاكل، هو صراحتها القاسية، وتفكيرها بصوت عال، وقدرتها على المواجهة المباشرة عوض اللجوء إلى الدسائس والكواليس..".