تعيينات بمناصب عليا بمجلس الحكومة    الحزب الحاكم في البرازيل يؤكد أن المخطط المغربي للحكم الذاتي في الصحراء يرتكز على مبادئ الحوار والقانون الدولي ومصالح السكان    توقيف الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال في مطار الجزائر بعد انتقاده لنظام الكابرانات    الحكومة تُعزز حماية تراث المغرب وتَزيد استيراد الأبقار لتموين سوق اللحوم    بورصة البيضاء تنهي التداولات ب "انخفاض"    خلوة مجلس حقوق الإنسان بالرباط: اجتماع للتفكير وتبادل الآراء بشأن وضعية المجلس ومستقبله    الحكومة تصادق على مشروع مرسوم بوقف استيفاء رسم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام الأليفة    البيت الأبيض يرفض قرار الجنائية الدولية اعتقال نتنياهو وغالانت    تحطم طائرة تدريب تابعة للقوات الجوية الملكية بداخل القاعدة الجوية ببنسليمان    "بتكوين" تقترب من 100 ألف دولار مواصلة قفزاتها بعد فوز ترامب    يخص حماية التراث.. مجلس الحكومة يصادق على مشروع قانون جديد    الرباط : ندوة حول « المرأة المغربية الصحراوية» و» الكتابة النسائية بالمغرب»    إتحاد طنجة يستقبل المغرب التطواني بالملعب البلدي بالقنيطرة    توقيف شخصين بطنجة وحجز 116 كيلوغراماً من مخدر الشيرا    القوات المسلحة الملكية تفتح تحقيقًا في تحطم طائرة ببنسليمان    الجديدة.. الدرك يحبط في أقل من 24 ساعة ثاني عملية للاتجار بالبشر    برقية تهنئة إلى الملك محمد السادس من رئيسة مقدونيا الشمالية بمناسبة عيد الاستقلال    القنيطرة تحتضن ديربي "الشمال" بحضور مشجعي اتحاد طنجة فقط    المنتدى الوطني للتراث الحساني ينظم الدورة الثالثة لمهرجان خيمة الثقافة الحسانية بالرباط    بعد غياب طويل.. سعاد صابر تعلن اعتزالها احترامًا لكرامتها ومسيرتها الفنية    "الدستورية" تصرح بشغور مقاعد برلمانية    استطلاع: 39% من الأطفال في المغرب يواجهون صعوبة التمدرس بالقرى    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    بإذن من الملك محمد السادس.. المجلس العلمي الأعلى يعقد دورته العادية ال 34    ميركل: ترامب يميل للقادة السلطويين    المغربيات حاضرات بقوة في جوائز الكاف 2024    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    الاستئناف يرفع عقوبة رئيس ورزازات    المركز السينمائي المغربي يقصي الناظور مجدداً .. الفشل يلاحق ممثلي الإقليم    مؤشر الحوافز.. المغرب يواصل جذب الإنتاجات السينمائية العالمية بفضل نظام استرداد 30% من النفقات    طنجة.. توقيف شخصين بحوزتهما 116 كيلوغرام من مخدر الشيرا    لأول مرة.. روسيا تطلق صاروخا باليستيا عابر للقارات على أوكرانيا    زكية الدريوش: قطاع الصيد البحري يحقق نموًا قياسيًا ويواجه تحديات مناخية تتطلب تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص        ارتفاع أسعار الذهب مع تصاعد الطلب على أصول الملاذ الآمن    وزارة الإقتصاد والمالية…زيادة في مداخيل الضريبة    بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    رودري: ميسي هو الأفضل في التاريخ    ارتفاع أسعار النفط وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية    أنفوغرافيك | يتحسن ببطئ.. تموقع المغرب وفق مؤشرات الحوكمة الإفريقية 2024    من شنغهاي إلى الدار البيضاء.. إنجاز طبي مغربي تاريخي    الشرطة الإسبانية تفكك عصابة خطيرة تجند القاصرين لتنفيذ عمليات اغتيال مأجورة    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    8.5 ملايين من المغاربة لا يستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليسار الأميركي يفشل في تعطيل صفقة بيع أسلحة لإسرائيل بقيمة 20 مليار دولار    شي جين بينغ ولولا دا سيلفا يعلنان تعزيز العلاقات بين الصين والبرازيل    جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    بلاغ قوي للتنسيقية الوطنية لجمعيات الصحافة الرياضية بالمغرب    تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    من الحمى إلى الالتهابات .. أعراض الحصبة عند الأطفال    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التطبيع ‬بين ‬القبول ‬والرفض
نشر في لكم يوم 20 - 10 - 2023

بمناسبة ‬عملية ‬المقاومة ‬‮«‬ ‬طوفان ‬القدس‮»‬ ‬التي ‬قامت ‬بها ‬‮«‬حماس‮»‬ ‬والتي ‬شكلت ‬تغييرا ‬نوعيا ‬في ‬الصراع ‬العربي ‬الإسرائيلي ‬، ‬والذي ‬شكل ‬نقطة ‬تحول ‬تاريخية ‬بحيث ‬استطاع ‬الفلسطيني ‬المحاصر ‬من ‬كل ‬الجهات ‬والمجرد ‬من ‬أي ‬دعم ‬خارجي ‬الى ‬نقل ‬الحرب ‬الى ‬أرض ‬احتلها ‬الكيان ‬الصهيوني ‬لأكثر ‬من ‬75 ‬سنة ‬وشرد ‬وقتل ‬واغتال، ‬ووصل ‬العدد ‬الحقيقي ‬للمهجرين ‬الفلسطينيين ‬،وفق ‬التقرير ‬الاستراتيجي ‬الفلسطيني ‬2018-‬2019‮»‬، ‬الصادر ‬عن ‬‮«‬مركز ‬الزيتونة ‬للدراسات ‬والاستشارات‮»‬. ‬الذي ‬يضم ‬أيضًا ‬أعدادًا ‬كبيرة ‬من ‬اللاجئين ‬غير ‬المسجلين ‬لدى ‬وكالة ‬‮«‬الأونروا‮»‬، ‬يبلغ ‬نحو ‬8.990 ‬مليون ‬لاجئ، ‬أي ‬67.‬4% ‬من ‬مجموع ‬الشعب ‬الفلسطيني. ‬وأشار ‬التقرير ‬إلى ‬وجود ‬794 ‬ألف ‬لاجئ ‬في ‬الضفة ‬الغربية، ‬و1.‬335 ‬مليون ‬لاجئ ‬في ‬قطاع ‬غزة، ‬ونحو ‬150 ‬ألفاً ‬من ‬أبناء ‬1948 ‬مهجرون ‬من ‬أرضهم، ‬والباقي ‬خارج ‬فلسطين.‬
هذا ‬وقع ‬كله ‬وغيره ‬كثير ‬ومع ‬ذلك ‬تهافتت ‬بعض ‬الأنظمة ‬العربية ‬للتطبيع ‬مع ‬إسرائيل ‬، ‬بدعوى ‬أن ‬صفقة ‬أبراهام ‬التي ‬قادتها ‬أمريكا ‬ستساعد ‬في ‬حل ‬القضية ‬الفلسطينية ‬وإحلال ‬السلام ‬بالمنطقة، ‬إلا ‬ان ‬الواقع ‬كان ‬عكسيا ‬بحيث ‬صارت ‬إسرائيل ‬تصول ‬وتجول ‬في ‬الضفة ‬الغربية ‬وتضاعف ‬بناء ‬المستوطنات ‬واقتحام ‬المقدسات ‬الإسلامية ‬وعلى ‬رأسها ‬القدس، ‬واهانة ‬المسيحيين، ‬وحصار ‬غزة ‬من ‬كل ‬الجهات.‬
لذا ‬كان ‬قرار ‬التطبيع ‬عرضة ‬للرفض ‬والقبول ‬من ‬قبل ‬بعض ‬مكونات ‬الأنظمة ‬العربية ‬وهيئات ‬حزبية ‬من ‬أحزاب ‬ومنظمات ‬من ‬المجتمع ‬المدني، ‬وإن ‬كانت ‬الشعوب ‬العربية ‬في ‬غالبيتها ‬لم ‬تتمكن ‬بعد ‬للتعبير ‬عن ‬موقفها ‬بشكل ‬أساسي ‬وواضح ‬وذلك ‬لعدد ‬من ‬الأسباب ‬منها ‬انعدام ‬حرية ‬التعبير ‬وهيمنة ‬الإعلام ‬الرسمي ‬على ‬الساحة ‬الإعلامية ‬ونسبة ‬الجهل ‬السياسي ‬وتحويل ‬الرأي ‬العام ‬باختلاق ‬أحداث ‬هامشية ‬ونشر ‬التفاهات ‬التي ‬يزج ‬بها ‬الذباب ‬‮«‬السبيراني ‬‮«‬على ‬شبكة ‬الأنترنيت.‬
لكل ‬هذا ‬فإن ‬بعض ‬القرارات ‬ليست ‬هينة ‬في ‬اتخاذها، ‬بل ‬إنها ‬تتطلب ‬الكثير ‬من ‬التأني ‬والدراسة ‬من ‬جميع ‬الجوانب، ‬بل ‬إن ‬بعضها ‬يتطلب ‬إجراء ‬استفتاء، ‬خاصة ‬لما ‬يكون ‬الأمر ‬يتعلق ‬بشعب ‬أسس ‬قناعاته ‬التاريخية ‬والفعلية ‬وعاداته ‬وتقاليده ‬على ‬التعلق ‬بمبادئ ‬التضامن ‬والدفاع ‬عن ‬الشرعية ‬والحق ‬أينما ‬كانت ‬تلك ‬الأسس ‬الإنسانية ‬مهدورة ‬وكما ‬هو ‬عليه ‬وضعية ‬الشعب ‬الفلسطيني. ‬لكن ‬في ‬ظل ‬حرية ‬التعبير ‬الضيقة ‬المساحة ‬على ‬طول ‬وعرض ‬الوطن ‬العربي ‬بنسب ‬متفاوتة ‬الحدة ‬ووفق ‬مزاج ‬الرقيب ‬وسعة ‬صدره ‬وضمن ‬سياسية ‬القمع ‬التي ‬تنهجها ‬غالبية ‬الأنظمة ‬العربية ‬التي ‬لم ‬يتحرر ‬فيها ‬بعد ‬الإنسان ‬ولم ‬تكتمل ‬بعد ‬لديه ‬مواصفات ‬المواطنة ‬الفعلية، ‬كثيرة ‬هي ‬القضايا ‬التي ‬تتشكل ‬وتتعقد ‬وتنتهي ‬وتجر ‬معها ‬مشاكل ‬أخرى ‬تترتب ‬عن ‬الأولى ‬مما ‬يخلق ‬سلسة ‬من ‬المشاكل ‬غير ‬منتهية ‬وتتفرع ‬عنها ‬أمور ‬أخرى ‬كانت ‬من ‬السهولة ‬بمكان ‬حلها ‬لو ‬كانت ‬هناك ‬حرية ‬التعبير ‬وتترك ‬الأمور ‬لاتخاذ ‬القرارات ‬وفق ‬القنوات ‬الديموقراطية، ‬إلا ‬أن ‬المساحة ‬الشاسعة ‬الفاصلة ‬بين ‬الحكام ‬والمحكومين ‬في ‬غالبية ‬الدول ‬العربية ‬، ‬وخاصة ‬الأنظمة ‬الفردانية ‬حيث ‬تتخذ ‬القرارات ‬السياسية ‬الاستراتيجية ‬بعيدا ‬عن ‬الشعوب ‬ومكوناتها ‬بالنسبة ‬للدول ‬التي ‬ليس ‬لها ‬بنية ‬سياسية ‬ملامسة ‬للأسس ‬الديموقراطية ‬حسب ‬ما ‬هو ‬متعارف ‬عليها ‬عالميا ‬كوجود ‬بنية ‬حزبية ‬ونقابية ‬ومجتمع ‬مدني ‬لها ‬وزنها ‬في ‬اتخاذ ‬القرارات ‬المصيرية ‬، ‬وإن ‬كانت ‬بعض ‬هذه ‬الدول ‬تجعل ‬من ‬بعض ‬المقومات ‬الديموقراطية ‬مجرد ‬واجهات ‬لأغراض ‬خارجية ‬وامتصاص ‬الغضب ‬الشعبي ‬وتنفيس ‬بالون ‬التوتر ‬الاجتماعي ‬كتواجد ‬مؤسسات ‬تشريعية ‬في ‬هذه ‬البلدان، ‬والتي ‬لا ‬تعكس ‬عمق ‬وطموحات ‬تلك ‬الشعوب.‬
والأكيد ‬أن ‬من ‬بين ‬القرارات ‬الاستراتيجية ‬التي ‬عمدت ‬بعض ‬الدول ‬العربية ‬سواء ‬في ‬شمال ‬إفريقيا ‬أو ‬في ‬منطقة ‬الشرق ‬الأوسط ‬هو ‬قرار ‬التطبيع ‬مع ‬الكيان ‬الإسرائيلي ‬والذي ‬جاء ‬ضمن ‬خطة ‬أبراهام ‬الأمريكية ‬بالرغم ‬من ‬أن ‬هذا ‬الإقدام ‬على ‬التطبيع ‬كانت ‬أولى ‬إرهاصاته ‬منذ ‬1967 ‬حيث ‬راجت ‬أخبار ‬عن ‬زيارة ‬شيمون ‬بيريز ‬للرباط، ‬إلا ‬انه ‬رسميا ‬بدأت ‬العلاقات ‬المغربية ‬الإسرائيلية ‬سنة ‬1994 ‬ثم ‬انقطعت ‬عام ‬2000 ‬ثم ‬عادت ‬عام ‬2020 ‬تحت ‬يافطة ‬الاعتراف ‬الأمريكي ‬بالصحراء ‬المغربية ‬وتلاه ‬الاعتراف ‬الإسرائيلي ‬بعد ‬ذلك ‬ولقد ‬تباينت ‬الآراء ‬والمواقف ‬بخصوص ‬التطبيع ‬المغربي ‬مع ‬الكيان ‬العبري، ‬وتباينت ‬بين ‬القبول ‬والرفض، ‬وهذا ‬ما ‬سأحاوله ‬تبيانه ‬من ‬خلال ‬هذا ‬المقال.‬
فمن ‬الطبيعي ‬أن ‬ترحب ‬مصر ‬السيسي ‬بهذا ‬التطبيع ‬، ‬ومعلوم ‬أن ‬مصر ‬هي ‬أول ‬دولة ‬عربية ‬تعترف ‬بالكيان ‬الإسرائيلي ‬وفق ‬اتفاقية ‬كامب ‬ديفيد ‬التي ‬أبرمت ‬سنة ‬1978، ‬فكان ‬رد ‬فعل ‬الإخوان ‬المسلمين ‬على ‬تلك ‬الاتفاقية ‬هو ‬اغتيال ‬الرئيس ‬المصري ‬محمد ‬السادات ‬يوم ‬6 ‬أكتوبر ‬1981. ‬طبعا ‬تلى ‬اتفاقية ‬‮«‬وادي ‬عربة‮»‬ ‬سنة ‬1994 ‬التي ‬ابرمت ‬عند ‬المعبر ‬الحدودي ‬الجنوبي ‬‮«‬بين ‬الأردن ‬والكيان، ‬وبموجب ‬هذه ‬الاتفاقية ‬استعادت ‬الأردن ‬380 ‬كلم ‬مربع ‬وحصتها ‬من ‬مياه ‬واد ‬اليرموك، ‬بعد ‬ذلك ‬توالت ‬التطبيعات ‬خاصة ‬من ‬دول ‬الخليج ‬وبالأخص ‬الإمارات ‬العربية ‬المتحدة ‬ومملكة ‬البحرين، ‬وهناك ‬مصادر ‬تتحدث ‬عن ‬دول ‬خليجية ‬أخرى ‬قد ‬تكون ‬لها ‬علاقات ‬سرية ‬مع ‬الكيان ‬العبري..‬
أما ‬فيما ‬يتعلق ‬بردود ‬فعل ‬ومواقف ‬الاحزاب ‬المغربية ‬وجمعيات ‬المجتمع ‬المدني ‬بخصوص ‬هذا ‬التطبيع، ‬فلقد ‬كانت ‬متباينة ‬وهكذا ‬وكما ‬كان ‬متوقعا ‬جاءت ‬مواقف ‬الأحزاب ‬المصطلح ‬عليها ‬بالأحزاب ‬الإدارية – ‬تلك ‬الأحزاب ‬التي ‬تعتبر ‬بلا ‬قاعدة ‬شعبية، ‬عدا ‬الدعم ‬الإداري ‬لوزارة ‬الداخلية ‬لها ‬وتوفيرها ‬لها ‬لقاعدة ‬انتخابية ‬مما ‬يجعلها ‬تحصل ‬على ‬أصوات ‬المواطنين ‬في ‬الانتخابات ‬المحلية ‬والبرلمانية ‬وهذا ‬ما ‬يسمح ‬بمنحها ‬أغلبية ‬مبررة ‬عدديا ‬وكان ‬ذلك ‬بشكل ‬واضح ‬أيام ‬وزير ‬الداخلية ‬ادريس ‬البصري، ‬وإن ‬استمر ‬اليوم ‬بشكل ‬أو ‬بآخر، ‬فإن ‬الخريطة ‬الحزبية ‬اليوم ‬بالمغرب ‬تحتاج ‬الى ‬كثير ‬من ‬الفرز ‬والتنقية ‬والتشخيص ‬لمعرفة ‬ما ‬هي ‬الأحزاب ‬الممثلة ‬للشعب ‬والتي ‬لها ‬قواعد ‬شعبية ‬عريضة ‬من ‬الأحزاب ‬التي ‬لا ‬تستطيع ‬أن ‬تقيم ‬تجمعات ‬في ‬الساحات ‬العمومية ‬بل ‬تحصرها ‬في ‬القاعات ‬وبعد ‬ما ‬تتم ‬عمليات ‬جمع ‬الجماهير ‬عبر ‬الحافلات ‬من ‬القرى ‬والتي ‬غالبيتها ‬تعاني ‬من ‬التهميش ‬والجهل ‬والفقر. ‬ ‬
وهكذا ‬وبعد ‬اعتراف ‬الولايات ‬المتحدة ‬الأمريكية ‬بمغربية ‬الصحراء، ‬لم ‬تخرج ‬أغلبية ‬الأحزاب ‬بأية ‬بلاغات ‬أو ‬تصريحات ‬تؤيد ‬أو ‬ترفض ‬تطبيع ‬الدولة ‬المغربية ‬مع ‬إسرائيل، ‬بل ‬ركزت ‬على ‬الاعتراف ‬الأمريكي ‬والإشادة ‬بتأكيد ‬العاهل ‬المغربي ‬بالموقف ‬‮«‬الثابت ‬والداعم ‬‮«‬للقضية ‬الفلسطينية، ‬والجدير ‬بالذكر ‬أن ‬رئيس ‬الحكومة ‬السابق ‬سعد ‬الدين ‬العثماني ‬والأمين ‬العام ‬لحزب ‬العدالة ‬والتنمية ‬ذي ‬المرجعية ‬الإسلامية، ‬صرح ‬مرحبا ‬بالاعتراف ‬الأمريكي ‬بمغربية ‬الصحراء ‬دون ‬الإشارة ‬الى ‬مسألة ‬التطبيع ‬مع ‬الكيان ‬الإسرائيلي. ‬في ‬حين ‬اعتبر ‬الأمين ‬العام ‬لحزب ‬التقدم ‬والاشتراكية ‬أن ‬اعتراف ‬أمريكا ‬بمغربية ‬الصحراء ‬يعد ‬تحولا ‬تاريخيا ‬لقضية ‬وحدتنا ‬الترابية، ‬مثمنا ‬تأكيد ‬ملك ‬البلاد ‬‮«‬التشبث ‬بثوابت ‬المغرب ‬بخصوص ‬القضية ‬الفلسطينية.‬
أما ‬شبيبة ‬حزب ‬الاستقلال ‬فقد ‬رفضت ‬ربط ‬التطبيع ‬بالاعتراف ‬بمغربية ‬الصحراء ‬من ‬قبل ‬الولايات ‬المتحدة ‬الأمريكية ‬وعبرت ‬عن ‬‮«‬اعتزازها ‬الكبير ‬بمضمون ‬المكالمة ‬الهاتفية‮»‬ ‬التي ‬أجراها ‬الملك ‬مع ‬الرئيس ‬الفلسطيني، ‬والتي ‬‮«‬أكدت ‬على ‬موقف ‬المملكة ‬المغربية ‬الثابت، ‬ملكا ‬وشعبا، ‬والداعم ‬للقضية ‬الفلسطينية ‬عبر ‬حل ‬الدولتين‮»‬.‬
إن ‬تباين ‬المواقف ‬واحتشامها ‬للتصريح ‬علانية ‬عن ‬رفض ‬واضح ‬أو ‬تأييد ‬صريح ‬وعلني ‬يشكل ‬ضبابية ‬في ‬الساحة ‬السياسية ‬المغربية، ‬ويجعل ‬الرأي ‬العام ‬الوطني ‬غير ‬قادر ‬على ‬التمييز ‬بين ‬المواقف ‬وأي ‬اتجاه ‬يتخذ ‬وإن ‬كانت ‬ولا ‬زالت ‬القضية ‬الفلسطينية ‬تشكل ‬عصب ‬التفكير ‬السياسي ‬والوجداني ‬للشعب ‬المغربي ‬والتي ‬يتشبث ‬بها ‬مهما ‬كانت ‬المواقف ‬التي ‬تفتح ‬فجوات ‬عبر ‬المكون ‬العبري ‬للشعب ‬المغربي، ‬إلا ‬أن ‬السياق ‬التاريخي ‬والسياسي ‬أبانا ‬أن ‬اليهود ‬الذين ‬هاجروا ‬للاستيطان ‬بالأراضي ‬المحتلة ‬والتي ‬اغتصبت ‬عنوة ‬من ‬المواطنين ‬الفلسطينيين ‬لم ‬يشكلوا ‬معارضة ‬هناك ‬ضد ‬الإبادة ‬التي ‬يقوم ‬بها ‬المحتل ‬الإسرائيلي، ‬بل ‬اندمجوا ‬في ‬القوة ‬العسكرية ‬وطعموا ‬الآلة ‬المدمرة ‬لشعب ‬بكامله ‬و ‬شردوه ‬وهجروه ‬من ‬أرض ‬اجداده.‬
وتكشف ‬المواقف ‬المتذبذبة ‬لبعض ‬الفعاليات ‬السياسية ‬التي ‬تتردد ‬في ‬اتخاذ ‬موقف ‬واضح ‬وتدافع ‬عنه ‬أمام ‬الرأي ‬العام ‬بخصوص ‬مسألة ‬التطبيع، ‬عن ‬مدى ‬قدرتها ‬السياسية ‬لاتخاذ ‬موقف ‬ثابت ‬وتعمل ‬من ‬خلاله ‬على ‬تأسيس ‬قناعات ‬وبنيات ‬على ‬أساسها ‬تبني ‬خطها ‬السياسي ‬فيما ‬يتعلق ‬بالعلاقة ‬مع ‬كيان ‬استمر ‬في ‬تجاهل ‬كل ‬مطالب ‬الشعب ‬الفلسطيني ‬والمؤيدة ‬من ‬قبل ‬المنظمات ‬الدولية ‬وقرارات ‬مجلس ‬الأمن ‬بالأمم ‬المتحدة ‬والقانون ‬الدولي ‬والإنساني. ‬أما ‬‮«‬مجوعة ‬العمل ‬الوطنية ‬من ‬أجل ‬فلسطين ‬‮«‬ ‬والتي ‬هي ‬مزيج ‬من ‬مكونات ‬حزبية ‬ونقابية ‬ومن ‬المجتمع ‬المدني ‬المغربي ‬، ‬هذه ‬المجموعة ‬اعتبرت ‬خطوة ‬التطبيع ‬، ‬‮«‬خطوة ‬مفاجئة ‬وشاردة ‬عن ‬الموقف ‬العام ‬للمغرب- ‬خاصة ‬الدولة ‬،وأكدت ‬أن‮»‬ ‬الصحراء ‬حررها ‬وبناها ‬ونماها ‬الشعب ‬المغربي ‬ولا ‬تحتاج ‬لتزكية ‬الصهاينة ‬ولا ‬الأمريكان ‬لتأكيد ‬مغربيتها.‬
أما ‬حزب ‬الطليعة ‬الديموقراطي ‬الاشتراكي ‬فلقد ‬رفض ‬التطبيع ‬بالقضية ‬الصحراء ‬المغربية ‬واكد ‬أن ‬هذه ‬‮«‬القضية ‬لا ‬تقبل ‬المقايضة ‬تحت ‬أي ‬مبرر‮»‬. ‬وبالتالي ‬فمن ‬خلال ‬استعراض ‬مواقف ‬بعض ‬مكونات ‬الأحزاب ‬السياسية ‬والمنظمات ‬حول ‬قبول ‬ورفض ‬التطبيع، ‬نعود ‬لنؤكد ‬أن ‬الوضع ‬العام ‬في ‬الشرق ‬الأوسط ‬وشمال ‬إفريقيا ‬واستمرار ‬إسرائيل ‬كدولة ‬عسكرية ‬بفضل ‬الدعم ‬الغربي ‬والأمريكي ‬لأغراض ‬مصلحية ‬لهذه ‬القوى ‬الغربية ‬من ‬أجل ‬إبقاء ‬هذه ‬المناطق ‬تحت ‬هيمنة ‬الاحتلال ‬الإسرائيلي ‬وتفوقه ‬العسكري ‬والتقني ‬من ‬أجل ‬إخضاع ‬الشعوب ‬من ‬خلال ‬نخب ‬سياسية ‬محلية ‬لخدمة ‬الرأسمال ‬الغربي ‬واستمراره ‬في ‬استغلال ‬الثروات ‬المعدنية ‬والطاقية ‬والبشرية ‬للوطن ‬العربي ‬بشكل ‬يغذي ‬صناعاتها ‬ومعاملها ‬واقتصاداتها.‬
ولفهم ‬أكثر ‬الصراع ‬العربي ‬الإسرائيلي ‬لنلق ‬نظرة ‬سريعة ‬عن ‬الثروات ‬المعدنية ‬والطاقية ‬والبشرية ‬التي ‬يزخر ‬بها ‬الشرق ‬الأوسط ‬وشمال ‬إفريقيا، ‬ليتضح ‬لنا ‬لماذا ‬يتشبث ‬الغرب ‬ببقاء ‬إسرائيل ‬قوة ‬إقليمية ‬في ‬الشرق ‬الأوسط، ‬لأنها ‬تتوفر ‬على ‬فسيفساء ‬بشرية ‬تحمل ‬ثقافات ‬أوروبية ‬غربية ‬وشرقية ‬مما ‬يسهل ‬لها ‬التواصل ‬وتبادل ‬الثقافات ‬المشاعر ‬والأحاسيس ‬وأساليب ‬العيش ‬بين ‬الغرب ‬وأمريكا ‬وهدا ‬الكيان ‬الذي ‬زرع ‬في ‬قلب ‬الوطن ‬العربي ‬لخنق ‬أنفاسه ‬وإبقائه ‬تابعا ‬لتك ‬القوى ‬الصناعية ‬والعسكرية ‬وعدم ‬الحاق ‬بالدول ‬الديموقراطية ‬وتحرر ‬شعوبها.. ‬فالفوسفاط ‬يمثل ‬نصف ‬الإنتاج ‬العالمي ‬والحديد ‬13 ‬مليون ‬طن ‬أي ‬2.‬5 ‬في ‬المائة، ‬أما ‬البترول ‬فالوطن ‬العربي ‬لوحده ‬يتنج ‬حصة ‬كبيرة ‬من ‬الإنتاج ‬العالمي ‬أي ‬حوالي ‬545مليون ‬طن، ‬أما ‬بالنسبة ‬للثروة ‬الطاقية ‬فإمكانيات ‬الوطن ‬العربي ‬ودول ‬شمال ‬إفريقيا ‬هائلة ‬وبخصوص ‬الثروة ‬البشرية ‬فالوطن ‬العربي ‬وشمال ‬إفريقيا ‬تضم ‬شعوبا ‬متعددة ‬ومختلفة ‬في ‬قدراتها ‬من ‬حيث ‬اللغات ‬وأديانها ‬وثقافاتها ‬مما ‬يشكل ‬إضافات ‬مهمة ‬للحضارات ‬العالمية ‬لو ‬استغلت ‬في ‬خدمة ‬شعوبها ‬علة ‬أسس ‬عقلانية ‬ومتساوية.‬
من ‬هنا ‬نعرف ‬لماذا ‬هذا ‬الهجوم ‬المدروس ‬من ‬قبل ‬القوى ‬الغربية ‬على ‬العالم ‬العربي ‬وخلق ‬مشاكل ‬تشكل ‬له ‬عرقلة ‬للعيش ‬في ‬سلام ‬ورخاء، ‬بل ‬إن ‬الغرب ‬الرسمي ‬الأوروبي ‬والأمريكي ‬لهما ‬استراتيجيات ‬بعيدة ‬المدى ‬لإبقاء ‬الشعوب ‬العربية ‬متخلفة ‬رغم ‬الثروات ‬التي ‬تتوفر ‬عليها ‬والتي ‬من ‬شأنها ‬أن ‬تبوأها ‬الرتبة ‬المتقدمة ‬بين ‬دول ‬العالم.‬‮ ‬لذا ‬فإن ‬الأوضاع ‬السياسية ‬المتسمة ‬بالتبعية ‬للغرب ‬وإملاءاته ‬تجعل ‬العالم ‬العربي ‬رهن ‬تلك ‬السياسيات ‬الغربية ‬التي ‬يكون ‬همها ‬الأول ‬هو ‬مصالحها ‬أولا ‬وقبل ‬كل ‬شيء، ‬وما ‬تواجدها ‬في ‬كثير ‬من ‬بلدان ‬عربية ‬ما ‬هي ‬استعدادا ‬لتتدخل ‬بالقوة ‬فيها ‬كلما ‬كانت ‬هنا ‬محاولة ‬للتغيير ‬السياسي ‬لتلك ‬الأنظمة ‬المتحالفة ‬مع ‬الغرب ‬دون ‬التحالف ‬مع ‬شعوبها ‬التي ‬هي ‬مصدر ‬كل ‬استقرار ‬واستمرار ‬سياسي ‬واقتصادي ‬واجتماعي ‬دائم.‬
إن ‬التطبيع ‬مع ‬الكيان ‬الصهيوني ‬لن ‬تكون ‬سياسة ‬ذات ‬استراتيجية ‬لأن ‬جذور ‬القضية ‬الفلسطينية ‬لم ‬تجد ‬لها ‬حلا ‬بعد ‬وليست ‬هناك ‬ضمانات ‬أممية ‬لأفق ‬حل ‬الدولتين، ‬وبالتالي ‬فالرافضون ‬للتطبيع ‬لهم ‬عدد ‬من ‬الأسباب ‬المنطقية ‬والدلائل ‬التاريخية ‬لممارسات ‬المحتل ‬لا ‬يعرف ‬سوى ‬القتل ‬العمد ‬للمدنيين ‬والأطفال ‬بدون ‬تمييز ‬وبلا ‬مراعاة ‬للقوانين ‬الدولية ‬ولا ‬للمبادئ ‬الإنسانية. ‬أما ‬الذين ‬يرفعون ‬راية ‬التهليل ‬بالتطبيع ‬فهم ‬يركزون ‬على ‬مبررات ‬يعتقدون ‬أنها ‬تساعد ‬على ‬حل ‬القضية ‬الفلسطينية ‬وتجعل ‬العدو ‬الإسرائيلي ‬أقل ‬عنف ‬تجاه ‬الفلسطينيين ‬وتفتح ‬أبواب ‬المفاوضات ‬لإيجاد ‬حل ‬الدولتين، ‬إلا ‬أن ‬الواقع ‬على ‬الأرض ‬يشير ‬الى ‬عكس ‬دلك ‬فمازالت ‬الاغتيالات ‬وهدم ‬المنازل ‬على ‬رؤوس ‬أصحابها ‬والتطبع ‬قائم ‬من ‬بين ‬بعض ‬الأنظمة ‬العربية ‬، ‬إلا ‬أن ‬الوضع ‬السياسي ‬الذي ‬سارت ‬عليه ‬الدول ‬المطبعة ‬مع ‬الكيان ‬والدول ‬الرافضة ‬له ‬سيظل ‬في ‬دوامة ‬هذا ‬الصراع ‬بين ‬القبول ‬والرفض ‬طول ‬الزمن ‬السياسي ‬الذي ‬سيكشف ‬عن ‬ماله ‬، ‬وتتم ‬معرفة ‬من ‬هو ‬على ‬حق ‬ومن ‬كان ‬في ‬ضلال. ‬
أخيرا ‬هل ‬سيظل ‬التطبيع ‬صامدا ‬الأن ‬بعد ‬أن ‬جاء ‬‮«‬طوفان ‬القدس‮»‬ ‬لتغيير ‬المعطى ‬الذي ‬كان ‬سائدا ‬والمقولة ‬التي ‬لطالما ‬ترددت ‬على ‬الألسن ‬والمنابر ‬الإعلامية ‬ومنها ‬العربية ‬بكون ‬إسرائيل ‬قوة ‬لا ‬تقهر ‬والتي ‬سوق ‬لها ‬الإعلام ‬الصهيوني ‬وصدقتها ‬بعض ‬الأنظمة ‬العربية ‬لتسقط ‬في ‬أحضان ‬التطبيع ‬معه ‬بدون ‬احترام ‬مشاعر ‬شعوبها ‬المتعلقة ‬بالقضية ‬الفلسطينية ‬والأماكن ‬المقدسة ‬وخاصة ‬القدس ‬الشريف ‬أيما ‬تعل؟ ‬وبالتالي ‬ستعرف ‬إسرائيل ‬ومن ‬يساندها ‬أن ‬الحق ‬لن ‬يضيع ‬من ‬صاحبه ‬مهما ‬كانت ‬القوة ‬والجبروت ‬، ‬وما ‬المظاهرات ‬العارمة ‬الرافضة ‬للتطبيع ‬وللعدوان ‬الصهيوني ‬على ‬غزة ‬في ‬كل ‬من ‬المغرب ‬والجزائر ‬وتونس ‬والعراق ‬والأردن ‬إلا ‬بداية ‬لجرف ‬الطوفان ‬لخزي ‬التطبيع ‬ونهاية ‬الخنوع ‬للعدوان ‬وبداية ‬واعية ‬للتحرر ‬من ‬براثن ‬التبعية ‬والاحتلال ‬البغيض. ‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.