20 فبراير ليس يوما عاديا في تاريخ الشباب المغربي. إنه صرخة في وجه الإهانة اليومية التي يعيشها الملايين من المغاربة. هي صرخة ضد القوانين المتخلفة التي تحكم البلاد، الفقر، البطالة، البطالة المقنعة، الخدمات الاجتماعية والصحية المتردية. لكنها كذلك صرخة من أجل الكرامة، الحرية، الديمقراطية، العدالة الاجتماعية والإصلاح الجذري لنظام سياسي متآكل وغير مقبول. 20 فبراير كانت حركة لشباب صار واعيا كل الوعي بواقعه ورافض للتخلي عن مطالب مشروعة طالما حملتها القوى الديمقراطية في المغرب منذ عقود وعجزت عن تنفيذها وسط نظام سياسي لا يقبل بالإصلاحات الحقيقية والعميقة. شباب مغربي يقاوم التخلف إذا كان الشباب المتراوح سنه ما بين 15 و 34 سنة يمثل ثلث الساكنة حيت يبلغ عددهم أزيد من 11 مليون شابا وشابة، فإن نصف هذه الفئة العمرية غير نشيط ( التلاميذ، الطلبة، ربات البيوت...) وأزيد من مليون شاب نشيط يعانون من البطالة وأكثر من مليون ونصف شاب يعاني من البطالة المقنعة. وقد هاجر الآلاف من الشباب في العقود الأخيرة قراهم للاستقرار في المدن لتصل النسبة إلى 80 % يتمركزون في المناطق الحضرية وذلك هربا من قرى نائية تعتمد على رحمة المناخ، تغيب فيها فرص الشغل والبنيات التحتية، تبعد فيها المؤسسات التعليمية والصحية وتنعدم فيها شروط الحياة الكريمة. ولعل نسبة البطالة التي تمس الشباب تفوق بثلاث مرات الفئات العمرية ما فوق 35 سنة، هذا ولا بد من تسجيل آفة الأمية التي يتخبط فيها 34% من الشباب، أي أن أزيد من 4 مليون شابا لا يعرفون الكتابة والقراءة بأي لغة، عربية كانت أم أمازيغية أم فرنسية...نصفهم من الفتيات القرويات اللواتي يعانين من بعد المدارس عن السكن العائلي وحضور الذهنية التقليدية. وبالتالي، فإن الشباب هو عماد المستقبل. غير أن هذه الفئة العمرية تخترقها تناقضات عديدة. فهي ليست بفئة اجتماعية محددة، ولا تشكل طبقة اقتصادية موحدة وليست لها أيديولوجيا خاصة بها. لكن الشباب له خصوصية تميزه عن باقي الفئات العمرية. إنه، وأمام غياب استرايجية وطنية حقيقية للشباب، لا بد من التأكيد أن السياسات العمومية الموجهة لهذه الفئة لا تراعي الحاجيات الضرورية لها. وبالتالي يعيش عدد كبير من الشباب كما الملايين من أبناء هذا الوطن على واقع الأمية والعطالة والفقر المدقع. هذا الواقع يتولد عنه مجموعة من المظاهر الاجتماعية التي تمس الشباب خصوصا دون غيره من الفئات العمرية الأخرى: الهجرة السرية هروبا من واقعنا الاجتماعي المرير، انتشار تناول المخدرات، امتهان الدعارة غير المقننة، امتهان التسول، السرقة المنظمة والجريمة. لا بديل عن الديمقراطية إن تجاوز هذا الواقع المر يحتم على المغرب الدخول في عهد الديمقراطية الحقيقية. ولعل قطاعي التربية والتعليم من جهة والشغل من جهة أخرى يعدان القاطرة الأساسية لإصلاح أوضاع الشباب المغربي. فرغم الإصلاحات المتبعة منذ الاستقلال في ميدان التعليم، فإن المدرسة المغربية ظلت عاجزة عن تكوين جيل قادر على الدخول بالمغرب عهد التقدم. فإلى جانب أزمة التعريب وأزمة المناهج الدراسية، فإن التعليم ظل يعاني من عاهات أنتجت مظاهر الهذر والتسرب المدرسي...فالإصلاح الحقيقي، ينطلق من مشروع مجتمعي متكامل ويعرف مشاركة جميع الفرقاء من أحزاب سياسية، نقابات تعليمية، جمعيات الآباء، نقابات الطلبة والتلاميذ حتى يقف نزيف المدرسة العمومية. فإذا كانت التربية هي أساس التهذيب والتثقيف والتقدم العلمي والصناعي والتكنولوجي، فإنه من اللازم ربط سوق الشغل بالمنظومة التعليمية لتتحقق الإنتاجية وتبلور المشاريع على أرض الواقع وتتقلص العطالة. ولعل المطلوب في هذا الباب هو تمكين الشاب المغربي من وضع خاص ليستفيد من امتيازات تمكنه من التكوين والعيش الكريم. هذه الامتيازات ليست من باب الريع وإنما هي استثمار بواسطته يخدم الشاب المغربي مجتمعه ووطنه. هذه الامتيازات هي عبارة عن تسهيلات في الولوج للعديد من الخدمات والحقوق أبرزها : التعليم، البحث العلمي، الشغل، النقل، المؤسسات الثقافية، التواصل... فاعل سياسي وجمعوي