في حملة التضامن الواسعة محليا ودوليا مع الزميل علي أنوزلا مدير النسخة العربية لموقع "لكم" المعتقل حتى كتابة هذه السطور ما يثلج الصدر ويطيب الخاطر. فقد نبهت، ضمن ما نبهت إليه، الى يقظة الهيئات الحقوقية ومنظمات المجتمع المدني والشخصيات المستقلة, ومسارعتها الفورية وغير المشروطة للتصدي لكل أشكال العَسف والشطط في استعمال السلطة لإخراس الأصوات الحرة والأقلام المستقلة. في المغرب كما في خارجه، ومنذ الساعات الأولى لاعتقال علي أنوزلا على خلفية نشر خبر مرفق برابط شريط منسوب الى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، تقاطرت بيانات الدعم والمساندة التي لا ريب أن صداها بعث بعض الدفىء في زنزانة علي الرطبة ورفع من معنوياته. هذه المحنة بينت أيضا، لخصومه قبل أصدقائه، مكانة َ الرجل ووضعَه الإعتباري ليس فقط في أوساط المنظمات الوازنة التي تُعنى بالدفاع عن حرية الرأي والتعبير بل أيضا لدى عموم الناس البسطاء منهم والنبهاء. فما عرف القراء عليًا، منذ بداياته الأولى في مهنة الصحافة، إلا قلما جريئا، مشاكسا، لا يغمز ولا يلمز بل يفضح ويعري ولا يسكت عن قول الحق . فبدا جليا أن من جره الى هذه المحنة ما قصد إلا أن يكمم فمه . فخصومه كثرٌ وأعداؤه ما انفكوا يتربصون به يتحينون الفرصة تلو الفرصة لتركيعه بجره الى القضاء طورا، و تلطيخ سمعته طورا آخر بنشر شائعات وأقاويل لا تليق إلا بمن يقف وراءها. قضية علي أنوزلا كشفت كذلك عورة بعض الجهات. كالأحزاب الكرتونية التي تهافت قادتها "المنتخبون ديموقراطيا" من الوصوليين والتفه إلى إصدار بيانات تدين الرجل قبل القضاء، وتنعته بأقذع النعوت وتكيل له جزافا تهما جاهزة من قبيل الخيانة والعمالة. سقطت ورقة التوت أيضا عن نقابة الصحافيين التي صيغ بيانها بلغة مزدوجة ومشينة تنهش مفرداته لحم زميلنا وتنصب المشانق توطئة لتصفيته. فجاء موقفها, وقد خلا على نحو مستهجن من مبدأ التضامن, متحاملا ومخزيًا لا يليق باطار مهني يفترض أنه المظلة التي يتفيأ ظلها كل من تعرض الى الظلم والملاحقة من قبيلة الصحافيين. تأكد مرة أخرى أن النقابة المنتهية قانونا صلاحية قياداتها، صارت، كما في مواقف سابقة، مطيةً لتحقيق المآرب الشخصية وإن كان ذلك على حساب رفاق السلاح. أخيرا وليس آخرا بان عجز الحكومة المغلوبة على أمرها وتبدت على نحو فاضح ضحالة النخب السياسية ( مع بعض الاستثناءات) وتكشف نفاقها ولهاثها وراء الكسب واستجداء رضا الدوائر العليا. أبعد من ذلك, تبين لمن ما زالت تراوده الأوهام وأحلام اليقظة أن المشروع الديموقراطي في المغرب أضغاث أحلام وبقية من سراب لا طائل من الجري وراءه. صحفي مغربي Share Tweet g: