سجل المجلس الوطني لحقوق الإنسان وجود صعوبات كثيرة تواجه الناجيات من العنف على مستوى التبليغ، والخوف من انتقام الشخص المعنف وبطء مسارات الانتصاف وعدم اتخاذ إجراءات تراعي الخصوصية والسرية في قضايا العنف ضد النساء والفتيات.. ونبه المجلس في تقرير صادر عنه، أمس الجمعة، حول "تشجيع التبليغ عن العنف ضد النساء والفتيات ومناهضة الإفلات من العقاب"، إلى عدم تفعيل تدابير حماية الضحايا والشهود والمبلغين، وعبء الإثبات، ناهيكم عن العراقيل السوسيو-ثقافية التي تذكي ثقافة عدم التبليغ والضغط على الضحايا بهدف التنازل. وأكد التقرير استمرار ظاهرة الإفلات من العقاب في قضايا العنف ضد النساء والفتيات، بسبب العوائق القانونية والإجرائية والواقعية التي تحول دون وصول الناجيات من العنف إلى سبل الانتصاف، واستمرار الفراغات القانونية بخصوص تجريم أشكال متعددة من العنف وعدم ملاءمة جانب من تشريعاتنا مع المعايير الدولية. وأشار أن المعطيات التي يتم الإعلان عنها ذات الصلة بمناهضة العنف ضد النساء رغم أهميتها، إلا أنها قد لا تعكس الحقيقة لأنه ثمة اختلاف بين المعدلات المعلن عنها وواقع العنف، كما أن المعطيات لا تعكس عدد ضحايا الجرائم المرتكبة التي لا تصل إلى علم السلطات المكلفة بإنفاذ القانون. ولفت إلى أن غالبية الأحكام الصادرة في قضايا العنف ضد النساء يصدرها قضاة ذكور، كما يلاحظ أن النساء القاضيات يترأسن جلسات العنف ضد النساء في الملفات الجنحية البسيطة مقابل حضورهن الضعيف في قضايا التلبس والجنايات، وهذا يظهر الحضور المحدود للقاضيات ومدى إدماج مقاربة النوع في توزيع المهام داخل المحاكم. وأوضح أن 96 بالمائة من قضايا العنف يتم التبليغ عنها من طرف الضحايا أنفسهن، من خلال لجوئهن لخاليا العنف بالمحاكم أو الصحة، بينما لم تتجاوز نسبة قضايا العنف التي تم التبليغ عنها من طرف الأغيار 3.33 في المائة، من ضمنها حالات قام المتهمون بالإبلاغ عنها. وأبرز أن 54 بالمائة من القضايا لم تتمتع فيها المعنفات بحقهن في الدفاع، بينما استفادت 43بالمائة من قضايا العنف من الدفاع، في حين لم يتم تعيين دفاع في إطار المساعدة القضائية للناجيات من العنف سوى في حدود 1.67 في المائة من الأحكام. وشدد التقرير على وجود هوة في مسار التبليغ، بين عدد الشكايات المسجلة على مستوى الشرطة القضائية وعدد الشكايات التي تصل إلى القضاء، إلى جانب ضعف ثقافة التبليغ بالمجتمع المغربي باعتباره واحدا من أبرز الإشكالات التي تحول دون وصول عدد من حالات العنف إلى علم السلطات القضائية؛ واستمرار صور نمطية تكرس التطبيع مع العنف ضد النساء واعتباره شأنا خاصا ونمطا سلوكيا طبيعيا. –