لقد طال انتظار المغاربة بخصوص تكوين الحكومة وطال انتظارهم لرؤية أي عمل يفيد لأن الحكومة وما تبقى منها لا تقوم بأي شيء جدي في الاصلاح عدا بعض الاستقبالات الرسمية والظهور على شاشات التلفزة واللعب بعواطف المغاربة وتخويفهم بالزيادات في الاسعار. اما الزيادة في الحليب فقد بلعوها وهم منشغلين بتوفير بعض الترفيه لفلذات اكبادهم قبل بدء الموسم الدراسي الذي أيضا سيشغلهم بالتسجيلات والمشتريات والنفقات الي ستساعد على انهاكهم مما سيفسح المجال لما تبقى من الحكومة للزيادة في سعر المحروقات وفي أسعار المواد الأخرى. لقد طال انتظار المغاربة للاستفادة من هذه التجربة الجديدة ويتساءل كثير منهم ما ذا جنينا إلى حد الآن من النوايا الطيبة لدى الوجوه الجديدة التي بدأت تتأقلم وتستمتع بكراسي السلطة؟ أيصعب إلى هذه الدرجة أن يتخذ السيد بن كيران قرارا بعد صلاة صبح يوم ما وبعدها صلاة الاستخارة ليختارإما الاستمرار في اللعبة السياسية وإما "إجمع حوايجو"ويتوكل على الله. فإن الهمه الله الصواب وتوكل على الحي الذي لا يموت وذهب إلي حال سبيله، فبلا شك لن تصيبه قوارع الفاقة ولا هموم وقلق البطالة ولن يتأسف على عدله وغيابه كثير من المغاربة. أما إذا قاده عناد التحدي إلى تفضيل الاستمرار في اللعب في الميدان السياسي فذلك سيتطلب منه ومن عشيرته الاستعداد للعمل الجاد المتواصل والجرأة لمواجهة التحديات وإظهار نتائج ملموسة يشهدها المواطن ويتمتع بها. ولقد سئم المواطن فعلا التضحيات وشد الحزام وينتظر اليوم الذي ستفرج كربه وينجلي العمش من على عينه. كفاه بهلوانية العقود الماضية وزعامة السياسيين الفاشلين في تحقيق أي شيء ملموس وإيجابي يفرح به المغربي ويستمتع ويطمئن إليه. وكل المجهودات التي تبذل لتكوين بل وترقيع وتطعيم الحكومة بعناصر أخرى تمثل النفخ في الهواء. لقد كان الحزب الذي تحاولون استرضاءه عاجزا عن تقديم أي شيء يفتخر به المغاربة ومع كل الاحترام للأشخاص فإن الرئيس الذي تفاوضونه كان متهما بشيء ما مما يعني أنكم قادمون على فرض من يشك المغاربة في نزاهته، ثم بعد ذلك فإنه لا يحتاج إلى الوظيفة ولا هو الوحيد الذي يستطيع ان ينقد البلد من الورطة الاقتصادية والسياسية التي يعيشها المغاربة. ألم يدرك الناس أنه أخذ دوره وأثبت الحزب وجوده قبل هذا؟ لقد تراكمت الديون في عهد اشرافهم على الاقتصاد وفي عهدكم وستتراكم إذا التحقوا بموكبكم. المهم أنه طال انتظار المغاربة لانطلاق إلى العمل الجاد للخروج من هذا المأزق الذي وضعتموه فيه. لو تجرأتم وتشجعتم لطردتم الوزراء المستقيلين والوزير الذي أصر على البقاء بالرغم من خيانة حزبه الذي أوصله إلى المنصب وهل تضمنون ولاءه؟ (ياحسرتي على كل الرواتب وكل النفقات والمصاريف التي تذهب إلى المستقيلين وإلى كل من لايستحقها). فلو تشجعتم سيدي الرئيس واقترحتم على رئيس الدولة كما تقتضيه الاعراف والقوانين أشخاص تقنوقراطيين مهنيين غير حزبيين لترقيع ما تبقى من حكومتكم لربما خرجنا جميعا من الورطة التي جاءت جراء تربع رئيس جديد على قمة الحزب الذي أذاق المغاربة الويلات التي يعرفعها الجميع. لديكم حزبان آخران في البرلمان، هذه ثلاثة أحزاب، ألى يكفي هذا للعمل؟ "ولو شد كل واحد حال" كما يقول الشرقيون لحصلت الحكومة على الثقة في البرلمان وكفى الله المغاربة شر المفاوضات مع الاحرار ومع غير الاحرار. ومعذرة على هذا التطفل من إنسان مثلي الذي ما زال يبحث عن مكان وجود الخضر "الرخيصة"لعله يقتصد ويوفر لتغطية الزيادات في الأسعار التي طالت المواد الأخرى بفضل قرارات حكومتكم التي ترأسونها. ومع هذا فاعتقادي قوي بأن المغرب يتوفر على عباقرة في شتى المجالات ومنها الاقتصاد, فكونوا واثقين وعلى يقين بأنكم لو تشجعتم وتوكلتم على الله وجمعتهم اقتصاديين من جامعاتنا ومن مؤسساتنا المختلفة العلمية والتجارية وطرحتهم عليهم معضلة اقتصادنا ووفرتم لهم الوسائل الضرورية والسبل المناسبة من كرم وبيانات صحيحة وثقة وحرية للعمل لما بخلوا علينا بحلول لا يمكن أن يهتدي إليها غيرهم.الدول التي تحترم نفسها تقوم بهكذا منهج وتلجأ إلى خبرائها في معاهدها وجامعاتها التي أنشأتها أصلا لتقوم بالأبحاث العلمية لمعالجة المعضلات التي تؤرق مجتمعاتها ولا تعتمد في ذلك على العفوية والاتكال على مهب الريح بل على الحسابات الدقيقة والطرق العلمية وعلمائها. المأزق الذي يعيشه المغاربة لا شك أن بعضه موروث لكن هذه الحكومة أيضا ساهمت بقسط وفير منه، فإما ان ترحل ونتمنى الخير من غيرها وإما أن تشمر عن سواعدها وتعمل ليل نهار مع ذوي الاختصاص من أبناء وبنات هذا البلد الغالي والغني و"باركا" من الاحزاب ومن المفاوضات التي لم تقدم إلا الكوارث والتخلف وزيادة الانتاج في الشيرة التي ما نبرح نسمع حماة أمننا يوقفون أطنانا منها بين الفينة والأخرى. ومعذرة مرة أخرى عن هذا التطفل إلا انه طال انتظاري كمواطن لخروج الحكومة "كاملة ومكمولة" ومتى ستنطلق للعمل الشاق الذي ينتظرها ويا حبذا الآن وليس غدا وشكرا على حسن انتباهكم لحيرة المواطنين والمواطنات أو على الأقل لحيرتي الشخصية. باحث وأستاذ العلوم الاجتماعية وجامعة ابن زهر اكاديرEMAA