دعا المجلس الوطني لحقوق الإنسان إلى التعاطي مع الجفاف باعتباره معطى بنيويا وليس ظرفيا طارئا، وتكييف السياسات العمومية مع هذا المعطى الثابت حسب كل الخبراء والمختصين في مجال المناخ. وأكد المجلس في مذكرة له حول "الحق في الماء ومواجهة الإجهاد المائي في المغرب"، على ضرورة ضمان أولوية الأمن الغذائي للمغاربة وحماية حق الأجيال القادمة في الثروة المائية، من خلال اعتماد سياسات مائية مستدامة، وتطوير قطاع صناعي وزراعي أقل استهلاكا للماء، وموجه لتلبية الطلب الداخلي، وضمان الحق في الغذاء للمواطن المغربي. وشدد على ضرورة إعادة النظر في النموذج الاقتصادي القائم على مركزية القطاع الفلاحي، ومراجعة السياسة الاقتصادية التي تعطي القطاع الفلاحي أهمية مركزية على حساب الأنشطة الصناعية والخدماتية الأقل استهلاكا للماء، ودعم وتطوير القطاعات الفلاحية القادرة على التكيف مع السنوات الجافة، وكذا القطاعات الاقتصادية الأقل استنزافا للموارد المائية. ودعا أيضا إلى تعزيز الاهتمام بالبحث العلمي حول قضايا المناخ والماء، وتعزيز اهتمام الباحثين بقضايا المناخ والماء، والرفع من قيمة التمويلات المخصصة للأبحاث في هذا المجال، إلى جانب تحسين حكامة قطاع الماء، وعقلنة وترشيد الاستعمال المنزلي لهذه المادة الحيوية، وتحسيس المواطنين والرفع من وعيهم في التعامل مع الموارد المائية بناء على مبدأ الندرة لا الوفرة. وألح المجلس في ذات المذكرة على أهمية البحث عن بدائل للزراعات المستهلكة للماء بكثرة، ومراجعة النموذج الزراعي المعتمد الموجه للتصدير، ووضع لائحة للمنتجات الزراعية المستنزفة للماء لتقنين إنتاجها أو حظرها إذا دعت الضرورة، وإدماج كلفة الماء ضمن النموذج الاستثماري المعتمد. وأوصى أيضا بمكافحة تلوث المياه عبر تعميم الصرف الصحي ومعالجة المياه العادمة، وتعميم تزويد مختلف المدن وكذلك العالم القروي بالتطهير السائل. وطالب المجلس بالحد من الاستغلال المفرط للمخزون الاستراتيجي للمياه الجوفية، وإقرار منع صارم لعمليات الحفر والاستغلال العشوائي للآبار بطريقة عشوائية، وإعداد كلفة مالية لاستغلال المياه الجوفية حسب المناطق. ودعا المجلس إلى توسيع الاعتماد على تقنية تحلية مياه البحر لمواجهة حالة الطوارئ المائية، ولضمان الحق في الماء لكافة المواطنين والمواطنات، واعتبارها خيارا مهما بالنسبة للمغرب، خاصة مع توفره على واجهتين بحريتين. واعتبر المجلس أن هذه المذكرة وسيلة لدق ناقوس الخطر حول الوضعية التي وصلها استنزاف الماء في المغرب، وتعمق الإجهاد المائي خلال السنوات الماضية.