ولد الرشيد: المغرب يدافع "بكل حزم" عن احترام الوحدة الترابية للدول    انخفاض سعر برميل النفط إلى أقل من 60 دولار.. وسط مخاوف من حدوث ركود جراء حرب تجارية عالمية    "الاثنين الأسود".. حرب الرسوم الجمركية تُفقد بورصة وول ستريت 5 تريليونات دولار    مالي والنيجر وبوركينا فاسو تستدعي سفراءها لدى الجزائر    "لكم" ينشر رسالة المهندسة ابتهال إلى زملائها في "مايكروسوفت": نحن متواطئون في الإبادة    الرئيس البرازيلي السابق "بولسونارو" يتظاهر في الشارع    طقس الإثنين .. أجواء قليلة السحب مع تشكل كتل ضبابية    مقابل 120 ألف يورو.. عناصر أمنية إسبانية سهلت عبور أطنان من الحشيش    القاهرة ترفع ستار مهرجان الفضاءات المسرحية المتعددة    نبيل باها: من أجل التتويج باللقب لابد من بذل مجهودات أكثر    المغرب.. قوة معدنية صاعدة تفتح شهية المستثمرين الأجانب    ابتهال أبو السعد.. مهندسة مغربية تهز العالم بشجاعتها وتنتصر لفلسطين    انخفاض أسعار النفط وسط مخاوف من حدوث ركود جراء حرب تجارية عالمية    رئيس مجلس المستشارين يشارك بطشقند في أشغال الجمعية العامة ال150 للاتحاد البرلماني الدولي    ماراثون مكناس الدولي "الأبواب العتيقة" ينعقد في ماي المقبل    الولايات المتحدة الأمريكية تحظر منتوج ملاحة في كوريا    تفاعلا مع الورش الملكي لإصلاح المنظومة الصحية.. مهنيو الصحة 'الأحرار' يناقشون مواكبتهم لإصلاح القطاع    النظام الجزائري.. تحولات السياسة الروسية من حليف إلى خصم في مواجهة الساحل الإفريقي    توقيف إفريقيين مقيمان بدول أوروبية بمطار طنجة لحيازتهما ل46 كيلوغرام من المخدرات    روعة مركب الامير مولاي عبد الله بالرباط …    تحطم طائرة مسيّرة تابعة للجيش المالي.. التحقيقات تكشف إسقاطها بهجوم صاروخي من الجيش الجزائري    ولد الرشيد: المغرب يدافع "بكل حزم" عن احترام الوحدة الترابية للدول    أمم إفريقيا : منتخب U17 يضرب موعدا مع جنوب إفريقيا في ربع النهائي بعد فوزه على تنزانيا    توقيف شخص بإنزكان بشبهة السكر العلني البين وإلحاق خسائر مادية بممتلكات الغير    خريبكة تلاقي تطوان بكأس العرش    الذكاء الاصطناعي في الصفوف الأمامية خلال المؤتمر 23 لجمعية مكافحة الأمراض المعدية    رولينغ ستونز إفريقيا في قلب صحراء امحاميد الغزلان    الإيطالي 'لوتشيانو دارديري' يتوج بلقب النسخة 39 من جائزة الحسن الثاني الكبرى للتنس    وقفة تضامنية حاشدة في الحسيمة نصرة لفل سطين وتنديداً بالعدوان على غ زة    الوكالة الوطنية للمياه والغابات تواجه رفضا واسعا للتعديلات القانونية الجديدة    بوزنيقة: المكتب الوطني المغربي للسياحة: افتتاح أشغال مؤتمر Welcom' Travel Group'    العربية للطيران تطلق خطا جويا جديدا بين الناظور ومورسيا    بعد انخفاض أسعار المحروقات وطنياً.. هذا هو ثمن البيع بمحطات الوقود في الحسيمة    الرصاص يوقف هائجا ويشل حركة كلبه    جدل الساعة الإضافية : كلفة نفسية على حساب اقتصاد طاقي غير مبرر    "أساتذة الزنزانة 10" يعلنون الإضراب    لاف دياز: حكومات الجنوب تستبعد القضايا الثقافية من قائمة الأولويات    وزان تحتضن الدورة الأولي لمهرجان ربيع وزان السينمائي الدولي    الجسد في الثقافة الغربية 11- الجسد: لغة تتحدثنا    تأجيل تجمع "مواليد 2000 فما فوق"    سجل عشاق الراكليت يحطم رقمًا قياسيًا في مدينة مارتيني السويسرية    دش الأنف يخفف أعراض التهاب الأنف التحسسي ويعزز التنفس    "قافلة أعصاب" تحل بالقصر الكبير    الرباط تصدح بصوت الشعب: لا للتطبيع..نعم لفلسطين    أوبك بلس تؤكد عدم إجراء أي تغيير على سياسة إنتاج النفط    أمن طنجة يوقف أربعينيا روج لعمليات اختطاف فتيات وهمية    لسعد الشابي: الثقة الزائدة وراء إقصاء الرجاء من كأس العرش    توضيحات تنفي ادعاءات فرنسا وبلجيكا الموجهة للمغرب..    توقعات أحوال الطقس اليوم الأحد    ترامب يدعو لخفض أسعار الفائدة: الفرصة المثالية لإثبات الجدارة    طنجة .. وفد شبابي إماراتي يطلع على تجربة المغرب في تدبير قطاعي الثقافة والشباب    دعم الدورة 30 لمهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط ب 130 مليون سنتيم    الوديع يقدم "ميموزا سيرة ناج من القرن العشرين".. الوطن ليس فندقا    العيد: بين الألم والأمل دعوة للسلام والتسامح    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    تعرف على كيفية أداء صلاة العيد ووقتها الشرعي حسب الهدي النبوي    الكسوف الجزئي يحجب أشعة الشمس بنسبة تقل عن 18% في المغرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدولة خارج القانون
نشر في لكم يوم 02 - 03 - 2011

حين اتخذ الملك قرارا باقتطاع 50 في المائة من عائدات الخوصصة ورصدها لصندوق الحسن للتنمية، الذي كان في البداية حسابا خاصا للخزينة ، صمت الجميع ، بل وتحركت جوقة المصفقين للتعبير عن التعلق بالأهداب في إطار طقوس العبودية التي تم تكريسها كتقاليد مرعية ،و خرست الألسن كذلك حين تم تحويل الحساب إلى مؤسسة عمومية مع استمرار تمويله بنسبة 50 في المائة من عائدات الخوصصة ثم تخصيص أكثر من 3 ملايير درهم من المداخيل الضريبية لتمويله وضمان استمراريته في غياب عائدات مهمة ناتجة عن الخوصصة ،ونال هذا القرار تزكية خدام الأعتاب بدون تردد . وقد كان هذا التخصيص لموارد ميزانية على هذا النحو خرقا واضحا لمبدئي وحدة وشمولية الميزانية المنصوص عليهما في القانون التنظيمي لقانون المالية وتجاوزا واضحا لكيفية تدبير التحويلات من الميزانية إلى المؤسسات العمومية، وبالتالي للأساس الدستوري الذي يقوم عليه ذلك القانون التنظيمي ، المكمل للدستور ،لكن لا أحد يمكن أن ينبس ببنت شفة ، سواء داخل حكومة يقول مشاركون فيها أنهم يعملون على بناء دولة القانون والمؤسسات أو داخل برلمان شارد .
ورغم أن البنك العالمي أشار في تقرير صادر سنة 2007 عن تطور نظام تدبير المالية العمومية إلى كون تخصيص نصف موارد الخوصصة لهذا الصندوق مفارق لطبيعة هذه الموارد كموارد ميزانية عادية ،فإن أحدا لم يول اهتماما لهذه الملاحظة ،ربما بسبب الخوف من تهمة المس بهذا الصندوق الذي أضفيت عليه قداسة واعتبر خارج النقاش العام .
وامتدادا لذلك وضعت موارد ميزانية هامة خارج المراقبة البرلمانية التي تنشط ،كيفما كانت الملاحظات عليها ، بمناسبة مناقشة مشروع قانون المالية السنوي ، لأن الآجال التي يحددها القانون التنظيمي لقانون المالية والطرق المتبعة في الاشتغال في مجلسي البرلمان والخطوط الحمراء المنتصبة أمام إمكان تطوير المناقشة البرلمانية لا تتيح مراقبة هذا الصندوق وغيره من المؤسسات والشركات العمومية والحسابات الخصوصية للخزينة، في حين أن قانون التصفية الذي كان يتأخر لسنوات كثيرة يمرر بسهولة وبلا نقاش تقريبا ، وذلك فضلا عن بنية الميزانية نفسها التي تظل بعيدة عن هدف التدبير المرتكز على الأهداف وثقافة النتائج وتقديم الحساب بسبب عوائق كثيرة ، ومنها قانون تنظيمي لقانون المالية متقادم .
ومعلوم أن هذا الصندوق الذي حولت إليه عشرات المليارات من المداخيل مند إحداثه يتدخل في عدد من المشاريع العمومية التي تمول من طرف ميزانية الدولة ، مما يجعل تدخلاته تكرارا ذي كلفة تدبيرية زائدة ، لكنه يتدخل أيضا في الاقتصاد الخاص وهو ما يطرح إشكالات حقيقية اعتبارا لكون موارده موارد ميزانية عادية كما سلف واعتبارا أيضا لكون هذه الموارد مفروض أن تستثمر في مشاريع عمومية تستفيد منها البلاد بكاملها والشعب برمته سواء في بنيات تحتية تنضاف إلى رصيد الممتلكات العمومية ، الذي لا نعرفه جيدا بسبب التأخر الذي عرفته المحاسبة الوطنية لعقود،أو في تطوير الخدمات الأساسية أوتحسين معيشة الساكنة الفقيرة وذات الدخل المحدود عبر الدخل والسكن والحماية الاجتماعية والتأمين الصحي... وليس لصب أموال عمومية في خدمة مصالح خاصة ،فتمويل العقود القطاعية ، الذي يتميز بنوع من الإهدار وبتكريس ثقافة اتكالية وريعية ،يطرح اليوم أسئلة حقيقية حول هذا الصندوق وحول علاقة الدولة ، وإجراءاتها المتعلقة بالنفقات والمجال الضريبي ، بعالم الأعمال الخاصة ، خصوصا وأنه لم يعلن رسميا أن الدولة تولي الأولوية للثروات الخاصة وإنما نسمع خطابا مكرورا عن سياسات وإجراءات اجتماعية مصاحبة بتدشينات ومراسيم ، بدون نتائج في حجم ما يقال وما يصرف وما تقدمه آلة الدعاية الرسمية البعيدة عن الحد الأدنى من شروط الإعلام العصري المحترم للذكاء البشري .
لقد كان مفروضا مراجعة وضعية هذا الصندوق ، خصوصا وأن الموارد التي ترصد له لها انعكاس على التوازن الميزاني، والعمل على تقوية وحدة الميزانية بإزالة صناديق أخرى أحدثت لتكون تحت تصرف وزراء خارج ميزانيات وزاراتهم السنوية ، لكن الذي حدث هو أن وزير المالية أضاف إليه صندوقا آخر في قانون المالية لسنة 2011 يمول بدوره من 50 في المائة من عائدات الخوصصة ، ماقدو فيل زيدوه فيلة ، وتبين أن غاية هذا الصندوق الثاني كما هو الأمر بالنسبة لبرمجة الميزانية عامة هو الحد من المطالب الاجتماعية ، وبالأخص منها المتعلقة بالأجور ، سواء تعلق الأمر بمرتبات الموظفين أو أيضا بالأجور في القطاع الخاص التي تتأثر بما تتخذه الدولة لفائدة العاملين في إداراتها.وهذا مالم يستطع أحد وقفه ، لأنه راج على هامش النقاش البرلماني أن الملك من أمر بإحداث هذا الصندوق وأن دعوة الملك البرلمان ، في خطاب افتتاح السنة التشريعية، للمصادقة على قانون المالية، في إطار سابقة، تشمل هذا الصندوق .
وعدا ذلك ، فإن تدبير المالية العمومية مند سنة 2002 يعتبر متجاوزا للقانون التنظيمي لقانون المالية المفروض، دستوريا ، أن يؤطره ، حيث بدأ مند تلك السنة ، اعتمادا على تعديل جزئي في المرسوم التطبيقي للقانون التنظيمي لقانون المالية الصادر سنة 1998 ، في عدد من الإصلاحات الهادفة إلى تحسين برمجة وتدبير الميزانية العامة واعتماد مرونة في صرف وتحويل بعض النفقات ، في حدود السطور ، وعدم تركيزها باعتماد التعاقد بين الآمرين بالصرف المركزيين والآمرين المساعدين محليا وجهويا ..الخ وأمور أخرى ، من قبيل وضع إطار للنفقات على المدى المتوسط ، لكن القانون التنظيمي لقانون المالية في حالته الراهنة لايستوعب كل هذا ، وإنما تم لي عنقه عبر مراجعة مرسوم بات بدوره متجاوزا ، ورغم أنه كان هناك وعد بتقديم مراجعة شاملة للقانون التنظيمي للمالية ، بعد مرحلة تجريبية قصيرة ، فإنه يتبين أن هناك تلكؤ وتردد ، ومن المحتمل أنه ناتج عن التخوف من الشفافية ومن تقوية دور البرلمان في التشريع والمراقبة في هذا الميدان ، خصوصا وأن أي مراجعة تقتضي برمجة واضحة للموارد بأهداف محددة في إطار مهام ، وتقتضي مراجعة لحالة الصناديق ، بعدما تبين أن تلك التي تمت في إطار القانون التنظيمي لسنة 1998 لم تكن كافية بحيث زاد عددها مند ذلك الوقت بشكل غير مفهوم وغير مبرر وصارت وسيلة لتفكيك وحدة الميزانية وإضعاف دورها ولعرقلة المراقبة البرلمانية على الخصوص.
إن الطريقة التي توضع وتدبر بها ميزانية الدولة ، والتي تتم بها مراقبتها ، تؤكد أن إرادة بناء دولة القانون والمؤسسات ضعيفة ، وأن توسيعا متعمدا للقداسة في السنوات الأخيرة ، الموازي للخطاب عن الحداثة والديمقراطية ،زاد من ذلك الضعف ، وأن كل المؤسسات ضعفت بسبب ذلك ، ولذلك تعتبر الدعوة إلى دستور ديمقراطي يؤكد فصل السلط وضمان حرمة مجال القانون وأيضا المجال التنظيمي كمجال حكومي ويؤكد كذلك التزامات المغرب الدولية في ميادين الحريات وحقوق الإنسان ...دعوة إلى تمكين المغرب من السير في ضوء قواعد عصرية لاغبار عليها لإرساء أسس الشفافية والحكامة الجيدة من أجل بناء تنمية منسجمة ومتوازنة تستفيد من ثمارها كل ساكنة البلاد وكل المجالات الوطنية وليس من يجمعون بين الثروة والسلطة ومن يسخرون السياسات والبرامج والاستراتيجيات القطاعية والعقود والميزانيات العمومية والصناديق والنفقات الضريبية والإجراءات في الميدانين الضريبي والجمركي ، المنفلتين من الرقابة الشعبية والبرلمانية فعليا ، والخوصصات والتدبير المفوض وحتى التعيينات في المسؤوليات العليا لخدمة مصالح خاصة وطاغية وبشكل يعمق الفوارق ويفقد البلاد على السير بشكل متوازن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.