نشطاء إسبان ينددون بالتجنيد العسكري لأطفال مخيمات تندوف    القادة العرب يحذرون من أي محاولات "آثمة" لتهجير الفلسطينيين    المغرب وإسبانيا يوقعان إعلان نوايا مشترك في مجال العدالة في إطار التحضير لتنظيم كأس العالم 2030    لقاءات بوريطة على هامش القمة    انطلاق فعاليات المعرض الدولي للسياحة ببرلين بمشاركة المغرب    من بينها الحسيمة.. تعيينات جديدة في مناصب المسؤولية بمصالح الأمن الوطني    إعلان القاهرة: القمة العربية غير العادية تؤكد على دور لجنة القدس برئاسة الملك محمد السادس    قرعة كأس العرش تفرز مباريات قوية    خلال أسبوع.. 15 قتيلا و2897 جريحا حصيلة حوادث السير بالمناطق الحضرية    النيابة العامة تكشف تفاصيل توقيف متهمين في قضية التشهير والابتزاز    تساقطات مطرية وثلجية في تنغير    بطمة تعود بحفل فني بالبيضاء    عمرو خالد يكشف "ثلاثية الحماية" من خداع النفس لبلوغ الطمأنينة الروحية    أخصائية حمية وتغذية تقدم نصائح لمرضى السكري لصيام صحي وآمن    المصادقة على عقد برنامج تنموي بقيمة 5.8 مليار درهم لتعزيز التنمية الجهوية بالشمال    قيادي بحماس: نزع السلاح خط أحمر    في رمضان.. توقيف أربعة أشخاص بحوزتهم 2040 قرص مخدر وجرعات من الكوكايين    "شفت أمك بغا طول معنا".. جبرون: التلفزة تمرر عبارات وقيما مثيرة للاشمئزاز ولا تمثل أخلاق المغاربة    ارتفاع التحويلات النقدية للمغاربة المقيمين بالخارج خلال يناير    تقرير: كيف يحافظ المغرب على "صفر إرهاب" وسط إقليم مضطرب؟    وزارة الثقافة تطلق برنامج دعم المشاريع الثقافية والفنية لسنة 2025    الذهب يواصل مكاسبه مع إقبال عليه بفضل الرسوم الجمركية الأمريكية    جمعية المحامين الشباب تفتتح دوري المرحوم محمد البوطيبي في دورته ال9 بالناظور    دراسة: البدانة ستطال ستة من كل عشرة بالغين بحلول العام 2050    في حضرة سيدنا رمضان.. هل يجوز صيام المسلم بنية التوبة عن ذنب اقترفه؟ (فيديو)    أحوال الطقس ليوم الأربعاء: برد وزخات مطرية في مناطق واسعة من البلاد    مصرع شخصين في اصطدام عنيف بين شاحنتين بطريق الخميس أنجرة بضواحي تطوان    ترامب يعلق جميع المساعدات العسكرية لأوكرانيا بعد أيام من مشادته مع زيلينسكي    وكالة بيت مال القدس تشرع في توزيع المساعدات الغذائية على مؤسسات الرعاية الاجتماعية بالقدس    أسعار اللحوم في المغرب.. انخفاض بنحو 30 درهما والناظور خارج التغطية    انتخاب المغرب نائبا لرئيس مجلس الوزارء الأفارقة المكلفين بالماء بشمال إفريقيا    بنك المغرب يحذر من أخبار مضللة ويعلن عن اتخاذ إجراءات قانونية    استئنافية مراكش ترفع عقوبة رئيس تنسيقية زلزال الحوز    التفوق الأمريكي وفرضية التخلي على الأوروبيين .. هل المغرب محقا في تفضيله الحليف الأمريكي؟    "مرحبا يا رمضان" أنشودة دينية لحفيظ الدوزي    مسلسل معاوية التاريخي يترنح بين المنع والانتقاد خلال العرض الرمضاني    ألباريس: العلاقات الجيدة بين المغرب وترامب لن تؤثر على وضعية سبتة ومليلية    الركراكي يوجه دعوة إلى لاعب دينامو زغرب سامي مايي للانضمام إلى منتخب المغرب قبيل مباراتي النيجر وتنزانيا    القناة الثانية (2M) تتصدر نسب المشاهدة في أول أيام رمضان    الصين تكشف عن إجراءات مضادة ردا على الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة على منتجاتها    مبادرة تشريعية تهدف إلى تعزيز حقوق المستهلك وتمكينه من حق التراجع عن الشراء    فنربخشه يقرر تفعيل خيار شراء سفيان أمرابط    جمع عام استثنائي لنادي مولودية وجدة في 20 مارس    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    الزلزولي يعود إلى تدريبات ريال بيتيس    فينيسيوس: "مستقبلي رهن إشارة ريال مدريد.. وأحلم بالكرة الذهبية"    الإفراط في تناول السكر والملح يزيد من مخاطر الإصابة بالسرطان    دوري أبطال أوروبا .. برنامج ذهاب ثمن النهاية والقنوات الناقلة    فرنسا تفرض إجراءات غير مسبوقة لتعقب وترحيل المئات من الجزائريين    الفيدرالية المغربية لتسويق التمور تنفي استيراد منتجات من إسرائيل    بطولة إسبانيا.. تأجيل مباراة فياريال وإسبانيول بسبب الأحوال الجوية    القنوات الوطنية تهيمن على وقت الذروة خلال اليوم الأول من رمضان    عمرو خالد: هذه أضلاع "المثلث الذهبي" لسعة الأرزاق ورحابة الآفاق    كرنفال حكومي مستفز    وزارة الصحة تكشف حصيلة وفيات وإصابات بوحمرون بجهة طنجة    فيروس كورونا جديد في الخفافيش يثير القلق العالمي..    بريسول ينبه لشروط الصيام الصحيح ويستعرض أنشطة المجلس في رمضان    المياه الراكدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"بلومبيرغ": تقنين الكيف بالمغرب يواجه بتوجس كبير من المزارعين المحليين المخلصين لبارونات المخدرات
نشر في لكم يوم 16 - 12 - 2022

نشرت وكالة "بلومبيرغ" الأمريكية تقريرا عن وضعية منطقة الريف بعد مرور أكثر من سنة على تقنين زراعة القنب الهندي.
وأشارت الوكالة أن المغرب كأكبر مصدر للحشيش في العالم يطمح أن تصبح هذه الزراعة قانونية، ويريد إنشاء صناعة خاصة باستخدام القنب الهندي طبيا وصناعيا، وسط حذر شديد من المزارعين المحليين، الذين يشككون في نوايا الحكومة، والمخلصين بشكل كامل لبارونات المخدرات.
وفيما يلي نص التقرير:
على مسار ترابي محاط بأشجار الأرز في شمال المغرب، أول ما يلتقطه الزوار هو رائحة قوية للحشيش، وأصوات الفلاحين المنهمكين في استخراج هذه المادة بقرية تماديت (توجد بتارجيست إقليم الحسيمة) التي تقع على ارتفاع 4000 قدم من سفوح جبال الريف.
قرية "تماديت" تدخل ضمن منطقة مضطربة تاريخيا وتشكل العمود الفقري لما يجعل المغرب أكبر مصدر للحشيش في العالم، والسلطات التي غضت الطرف عنها إلى حد كبير على مر السنين، لأسباب ليس أقلها عزلة الريف القاسية، تريد اليوم جعل هذه المادة قانونية، وتحقيق دخل منها، إذا تمكنت من إقناع السكان المحليين الذين كانت أنشطة تجارة القنب غير المشروعة، لسنوات مصدر رزقهم وأعمالهم التجارية.
مع الازدهار العالمي في استخدام القنب الهندي كعقار للأغراض الطبية بدلاً من الأغراض الترفيهية، دفعت الحكومة على بعد 400 كيلومترا في الرباط، بتشريع يسمح بزراعة هذه المادة في منطقة تزيد مساحتها تسعة أضعاف عن مساحة "مانهاتن"، وذلك لاستخدامه لأغراض المعالجة الصيدلانية والصناعية بدلاً من تدخينه.
لكن أولى العقبات العديدة التي تواجه السلطات هي التغلب على معارضة المزارعين المحليين في الريف الذين يشككون في السياسيين ودوافعهم مقابل ولائهم لبارونات المخدرات.
محمد بوسيمات، مزارع يبلغ من العمر 27 عامًا في "تماديت" يقول وهو وسط كومة من نباتات القنب المجففة التي يبلغ ارتفاعها ستة أقدام، والمكدسة بعناية في منزله المسقوف بالقصدير: "إن بارون المخدرات هو حجر الزاوية في هذا المجتمع، فعندما لم تكن الدولة تتحمل مسؤوليتها تجاه هذه المنطقة، كان بارون المخدرات يعتني بها عن طريق شراء المحصول كل عام".
كان إنتاج واستهلاك القنب غير قانوني في المغرب منذ عام 1974، على الرغم من أن البلاد كانت الدولة المسلمة الوحيدة التي أيدت إزالة المخدرات من قائمة الأمم المتحدة للمواد الخطرة قبل عامين.
وفي غضون ذلك، كانت منطقة الريف بؤرة للاضطرابات، وآخرها الاحتجاجات الشعبية التي انطلقت في أكتوبر 2016 بعد طحن بائع أسماك في شاحنة أزبال بالحسيمة، ولم يتم القضاء عليها إلا بعد ثمانية أشهر.
فيما ألقى تقرير صدر العام الماضي عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي باللوم على أنشطة الاتجار بالقنب الهندي غير القانونية التي خنقت المنطقة، موصيا بإضفاء الشرعية عليها كجزء من استراتيجية متكاملة من شأنها القضاء في نهاية المطاف على زراعة القنب الهندي من أجل استهلاكه كحشيش.
وتبلغ المساحة المعنية بتقنين زراعة القنب الهندي 50000 هكتار، في ثلاثة أقاليم رئيسية في شمال البلاد، تمثل 70٪ من إجمالي إنتاجية القنب الهندي في جميع أنحاء المغرب، وتوفر القوت لمئات الآلاف من الأشخاص، وفقًا لبيانات رسمية.
أما محمد بوسيمات والمزارعون الآخرون فيشعرون بالقلق من أن التقنين سيضر بأنشطتهم، من خلال تحديده لموقع الزراعة في السهول التي ترتبط بشكل أفضل ببقية البلاد، كما أنهم لا يحبون الفحص والمراقبة الدقيقة من قبل الدولة، خاصةً أنهم لا يتوفرون على شهادات ملكية للأراضي المزروعة بالكيف.
وهو تخوف يعبر عنه أيضا محمد مرابط، وهو مزارع للقنب في السبعينيات من عمره، من بلدة "إيساغن" في منطقة كتامة المجاورة للريف، معتبر أن السلطات تريد السيطرة على أنشطة الفلاحين، والتدخل بشكل مفرط في مراقبتهم.
من جانبه، يرى محمد الكروج المدير العام للوكالة الوطنية لتقنين القنب الهندي أن حملة التقنين ستقطع مع ما كان سابقا، عندما كان المزارعون يحصلون على أموال ضئيلة مقابل زراعتهم وإضفاء الطابع القانوني على هذا النشاط وحماية البيئة وخاصة الموارد المائية، كما ستساهم في انتشال المنطقة من العزلة عن طريق خلق وظائف جديدة فيما سيصبح مستقبلا صناعة وطنية.
واعتبر الكروج التي ستكون الوكالة التي يرأسها مسؤولة عن الترخيص للتأسيس لتعاونيات إنتاج القنب الهندي، وتنظيم استيراد مدخلات وبذوره ونشر مفتشين لمراقبة هذا النشاط، أنها فرصة استثنائية للمزارعين لذلك فإنهم مطالبون بالمشاركة طواعية فيها.
وأضاف "هذه سوق مربحة، والمزارعون سيحصلون على الحصة الأكبر من الربح بعد تخلصهم من الوسطاء، ومثل أي نظام اقتصادي جديد ستسير الأمور بشكل تصاعدي، فلا يمكننا الوصول إلى النتائج فورا ، النجاحات سيأتي شيئًا فشيئًا ".
من جانبه، يعتبر خالد مونة الباحث في اقتصاد القنب الهندي بالمغرب، أنه من الصعب تجميع المزارعين في تعاونيات تنتج نباتات القنب الهندي المشروعة، إذ إن اقتصاد النبتة بحكم تعريفه يقوم على استغلال وسيطرة أباطرة المخدرات، كما يقوم على المنافسة الفردية القوية بين المنتجين.
وحتى إذا نجحت الحكومة في إشراك المزارعين، فإن الحصول على حصة كبيرة من تجارة القنب الهندي الطبي أمر آخر، وفقًا لخالد تيناستي، وهو باحث في مركز النزاعات والتنمية وبناء السلام ومقره سويسرا.
ويضيف أنه على الرغم من أن تقارير كثيرة تشير إلى أن 70 في المائة من المخدرات المروجة في أوروبا مصدرها المغرب، فإن البلاد تواجه منافسة كبيرة من دول عدة مثل تايلاند وأوروغواي ورواندا، على حد قوله، إلى جانب أن دخل زراعة القنب الهندي في المغرب تراجع بشكل كبير خلال جائحة كوفيد -19، وحقق 325 مليون يورو (346 مليون دولار) في عام 2020 مقابل 8.1 مليار يورو المحققة في السنوات السابقة، وذلك لبيانات رسمية من وزارة الداخلية.
أما أدرداق شريف وهو ناشط وباحث من الحسيمة، فيعتبر أن التقنين سيفتح صفحة جديدة في المنطقة، ذلك إنه ليس سيئًا من منظور كلي، لكنه لن يحل المشاكل الاجتماعية والاقتصادية المزمنة، وإذا تطورت المنطقة فإنها لن تحتاج للقنب الهندي سواء القانوني أو غير القانوني.
لكن العادات القديمة لا تموت بسهولة، ففي إيساغن، تولى مرابط زراعة القنب الهندي من أسلافه في الستينيات، كانت المدينة في ذلك الوقت ملاذاً للسياح الغربيين الذين يبحثون عن سلالة جيدة من الحشيش المغربي، المعروفة باسم "البلدية" والتي نمت في التضاريس الصخرية بالمنطقة، وكان هؤلاء الزوار هم من علموا المزارعين المغاربة كيفية استخراجها.
مرابط يتذكر تلك الأيام باعتزاز ويقول " انظر إلي اليوم ليس لدي حتى أحذية مناسبة، الشيء الوحيد الذي لدينا هنا هو الحشيش وقربنا من أوروبا، وهذا التشريع ليس مناسبًا لنا: لا يمكن للشركات أن تخلق وظائف هنا، هل رأيت حالة الطرق والبنيات التحتية؟".
وعلى بعد حوالي 40 ميلاً منه، يشير المزارع بوسيمات إلى أن الأمور لم تتغير كثيرًا في قريته منذ ولادته، لازلت النساء الحوامل ينقلن عبر رحلة برية تستغرق ساعتين للوصول إلى أقرب مستشفى.
وحدها حافلات مرسيدس 207 تتنقل على الطرق الجبلية في الريف، والتي يتم استيرادها كمستعملة في الغالب من ألمانيا وهولندا، ويتم استخدامها في كل شيء، بدءً من نقل الحشيش إلى توصيل الطعام والركاب، لأنها قادرة على المرور من الطرق الضيقة والوعرة التي تربط منطقة إيساغن ببقية المغرب.
أما المزارع بوسيمات فيعتبر أنه "لا شيء يوجد في منطقته، ويردد "وحدهم بارونات المخدرات أكثر صدقًا وإنسانية من أولئك الذين يروجون للإنسانية الزائفة."


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.