– ليس لدي حكم قيمة على 'الرجعي‘ ولا على 'التقدمي‘. هي أوصاف ورثناها من 'حلقيات‘ الجامعة التي علمتنا التخندق والاستقطاب والنظرة إلى الأشياء بمنظار "أنا" والباقي إلى الجحيم. قرار النائب الاستقلالي عادل تشيكيطو، ورغم اختلافي السياسي والأيديولوجي مع حزبه، قرار سيكون له ما بعده بالتأكيد. إلا أن ما استوقفني في هذا القرار الشجاع هو صاحبه. لا أقصد الشخص ذاته والذي لم يسبق لي أن سمعت به قبل الأمس بحكم بعدي عن الوطن منذ ما يقرب من 25 سنة، وإنما أقصد حزبه؛ حزب الاستقلال المعروف بخضوعه المستميت للعرش وللجالس عليه. طبعا، هذا أيضا طريق اختاره الحزب لنفسه وليس لدي عليه أي اعتراض من الناحية المبدئية. أقصد الجانب الآخر من هذه البراديغمات: تقدمي – رجعي، يساري – يميني، ديمقراطي – شمولي، ليبرالي – محافظ وقس على ذلك. فكان من المنطقي من وجهة نظري، أن يبادر الديمقراطي، التقدمي، اليساري، الليبرالي إلى الدعوة لإلغاء كل ما من شأنه إعاقة الديمقراطية في البلاد، ومن بين هذه المعيقات بطبيعة الحال حفلات الركوع الهستيري، والتي لا أساس دستوري لها، فضلا عن كونها تعارض مبدأ المواطنة شكلا ومضمونا. إلا أن شيئا من ذلك لم يحدث، بل على العكس. ولعلنا نذكر القضية التي أثيرت السنة الماضية حينما انتشرت إشاعة منع سياسي 'تقدمي‘ من حضور حفل الولاء. قد تكون وسائل الإعلام الرقمية ضخمت آنذاك من القضية، إلا أن هذا لا ينفي كون السياسي المذكور أبعد عن 'واجب الركوع‘ بقرار فوقي، بمعنى أن مناسبة 'البيعة‘ وتقديم 'الولاء‘ بطقوس الانحناء، يمكن توظيفها أيضا كوسيلة عقاب. كان من المنتظر أن يتضامن حزبه معه، بل أكثر من ذلك كان عليه أن يوظف قضية المنع تلك ليطرح مسألة البيعة والولاء على طاولة النقاش العام، ويساند بذلك علنا الدعوات الفيسبوكية التي ولدت آنذاك تعبيرا عن رفضها لتلك الطقوس. إلا أن الحزب لم يفعل. كما سكتت أحزاب أخرى تدعي الحداثة والديمقراطية والليبرالية، باستثناء تصريحات فردية معزولة لسياسيين انضموا بخجل لدعوات إلغاء طقوس الولاء. أكثر تلك الاعتراضات كانت لاعتبارات دينية وليست سياسية. عادل تشيكيطو كسر بقراره غير المسبوق في المغرب التابو السياسي علنا، رغم ما قد يجره عليه قراره ذاك من تبعات على مستقبله السياسي. غير أن هذه الخطوة الجريئة، من جهة أخرى، لا ينبغي تحميلها أكثر مما تحتمل. فالرجل ملكي حتى النخاع، بحسب ما يظهر من كلامه المنشور، وهذا أيضا من صميم حقوقه السياسية. لأن 'الانتفاضة‘ ضد طقوس الولاء للملك، لا تعني بالضرورة 'انتفاضة‘ ضد الملك أو الملكية. لعل هذه الخطوة ستكون حافزا لسياسيين آخرين في المستقبل للجهر بموقفهم ضد الطقوس المذكورة، ولعل المغاربة سيرون خطوة أشجع يقدم عليها القصر بإلغاء تلك الطقوس تماما.