زلةُ لسان مصطفى العلوي وهو يعلق بحماسته المخزنية المعهودة على مراسم حفل البيعة والولاء، أعادت الى الواجهة النقاش حول هذه الطقوس الرجعية المنافية لمبدأ المواطنة. إصرار القصر على الإبقاء على هذه الممارسات المهينة لكرامة الإنسان ، حين تٌجبر جموع من الناس في حفل انبطاح ونفاق جماعي على الركوع والإنحناء على نحو متتال للملك وهو على صهوة جواده محاطا بالبطانة والعبيد ونفر من حاشيته، يناقض ما يسوقه البعض عن "الحداثة"السياسية في خطاب المؤسسة الملكية ويدلل على فشل التوفيق أو المزاوجة بين التقاليد والحداثة. أما صمُّ الآذان عن الدعوات المتواترة لإلغاء هذا التقليد المذل الذي تصوره الدوائرُ المخزنية على أنه تجسيد للتعاقد بين الشعب والمؤسسة الملكية ، فينطوي على تجاهل فاضح لمطلب بات ملحا لاعتبارات كثيرة أقلُها القطعٌ مع ممارسات ارتبطت في المخيال الجمعي للمغاربة بسنوات الجمر والرصاص ، فيما أن التمسك ب "أهدابها" هو إصرار على تجذير الشطط والاستبداد والحكم "الثيوقراطي". التعاقد الوحيد المقبولُوالمنسجم مع روح العصر وسياقات المرحلة هو دستور ديموقراطي ينظم طبيعة العلاقة بين الحاكم والمحكوم، أما عدا ذلك فرجس ووثنية مصيرها الى زوال . ما من مؤشر في الأفق على أن صاحب الشأن عاقد العزم على التخلص من هذا "الإرث الثمين" كما نعته الملك نفسهُ في مقابلة صحفية قبل عقد من الزمن. قد لا يستلزم الأمر أكثرَ من قرار لإنهاء هذا العبث. إذ ثمة سابقة يمكن البناءُ عليها في هذا الباب حينما أُلغي قرار العفو الملكي عن مغتصب الأطفالالإسباني بضغط غير مسبوق ولا متوقع من الشارع.هي مسألة جرأة وإرادة سياسية إذن، متى توافرت زالت المعيقات وسقطت الذرائع، فلا طائلَ من الذودع ن هذه الطقوس التي مهما ساق المدافعون عنها من مسوغات ومبرراتتمتح من معجم الخنوع والعبودية ما دام فريق كبير من الناس معرضا عنها ومشمئزا منها. ولعل خطوة في هذا الاتجاه تصلح ما أفسده العفو عن مغتصب الأطفال وما ألحقه من إساءة بالغة بصورة البلد ومؤسساته. قد ترى الملكية في إلغاء حفل الولاء تنازلاً مؤلماًمن شأنه المسُبهيبة هذه المؤسسة ، وقد يرى فيه آخرون – حراسُ المعبد – توطئة لتنازلات أخرى كثيرة ، لكن ، ما ضيرُ الإنصات لنبض الشارع والتجاوبُ مع تطلعاته وتحقيق مقاصده، أو ليس المبتغى في المبتدأ والمنتهى حفظ كرامة الناس؟.