محمد أسعدي - نظمت "المؤسسة الدولية لإعلام المرأة" الخميس 25 يوليوز، بواشنطن ندوة دولية بعنوان "الصحراء الغربية..الحقوق والموارد واللاجئين". و قد شهدت الندوة مشاركة وفد من جبهة البوليساريو وآخر من الحكومة المغربية وفعاليات إعلامية وحقوقية ومدنيين مهتمين بهذا الملف. ولم يفوت ممثلون عن الجانبين (المغرب والبوليساريو) الفرصة دون الدخول في مشادات كلامية خلال الندوة واتهامات متبادلة ب"انتهاك حقوق الإنسان والديمقراطية، وقمع الأصوات المعارضة". فقد احتج وزير الاتصال المتحدث الرسمي باسم الحكومة المغربية مصطفى الخلفي في بداية الندوة على عرض فيديو اعتبره منحازا لأطروحة البوليساريو، متهما بعض الصحافيين ب"تغييب الدقة والموضوعية في تغطيتهم لموضوع الصحراء الغربية". إعلاميون: نقلنا واقع الصحراء ولم نزر تندوف وقالت الصحافية بواشنطن بوست ويتني شيفت ردا على الوزير المغربي إنها نقلت فقط ما عاينته في الصحراء "من انتهاك لحقوق الإنسان وحرية التعبير، ولم تذهب إلى مخيمات تندوف التي يسيرها البوليساريو بالأراضي الجزائرية لنقل واقع الحياة هناك". وهو نفس الرأي الذي عبرت عنه الصحافية المتخصصة في التحقيق جين أبيلسون، مضيفة أن الحقيقة تسلتزم الخروج إلى أرض الواقع، وانتقدت "رفض السلطات المغربية دخول الصحافة الغربية إلى الصحراء واستجواب المعارضين الصحراويين". كما عبرت المحامية والمسؤولة السابقة في المينورسو (بعثة الأممالمتحدة لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية) كاتلين توماس عن رفضها لما أسمته "انتهاكات حقوق الإنسان في آخر مستعمرة في العالم واستمرار الطرف المغربي في رفض تقرير المصير للمناطق المتنازع عليها". وانتقدت توماس الدعم الغربي للمغرب، منذ أن قام الملك الحسن الثاني بتنظيم المسيرة الخضراء نحو الصحراء الغربية عام 1975 وطرد إسبانيا التي كانت تستعمر الإقليم، مشددة على "ضرورة قيام الأممالمتحدة باتخاذ قرارات جريئة ومؤلمة لدفع القضية نحو الحل". وفي الوقت الذي تدعو فيه توماس إلى التعجيل بتنظيم استفتاء في الصحراء لمعرفة آراء الصحراويين وتوجهاتهم، وصفت المسؤولة السابقة في الأممالمتحدة آنا تيوفيلوبيلو هذا الحل بغير المجدي بسبب مستجدات الوضع الراهن في الصحراء، منتقدة غياب استراتيجية واضحة في الأممالمتحدة لحل هذا النزاع الذي عمر لحوالي أربعة عقود. ومباشرة بعد فسح المجال للنقاش مع الحاضرين، احتجت مجموعة من الأصوات المؤيدة للمغرب على غياب ممثل للموقف المغربي ضمن المتدخلين. وقالت سيدة من الحضور بصوت عال إن "مهمة الصحافيين هي تسليط الضوء على كل وجهات النظر وليس تقديم معلومات مغلوطة ومنابر للدعاية لطرف دون آخر". كما اتهمت الناشطة الجمعوية في مدينة العيون احجبوها الزبير، منظمي الندوة بالإنحياز إلى طرف البوليساريو، مؤكدة لموقع "الحرة" على أن المتدخلات لديهن "مواقف جاهزة عن قضية الصحراء وبعضهن يتبنى صراحة موقف البوليساريو. وقد قمت بالاحتجاج وسط الندوة على صحافية أجرت معي مقابلة في مدينة العيون، وقامت ببتر جزء كبير من كلامي مبرزة الجانب السلبي فيه فقط". الوزير الخلفي يتهم المنظمين بالانحياز بعد احتجاجه على عبارة "الصحراء الغربية آخر مستعمرة في العالم"، قال مصطفى الخلفي الناطق باسم الحكومة المغربية الذي حضر رغم أنه لم يكن ضمن المشاركين في الندوة، إن الأممالمتحدة لم تستعمل يوما لفظة "مستعمرة"، لأنها تجعل "صاحبها مصطفا مع طرف ضد آخر"، مشيرا إلى أن الرباط جادة وتريد وضع حد لهذا الصراع. وأضاف المسؤول المغربي في تصريح لموقع "الحرة" أن المقترح المغربي بمنح الحكم الذاتي للصحراء حظي بثقة دولية من الأممالمتحدة والولايات المتحدة وفرنسا، وقد أجمعت كلها على أن المقترح المغربي"حل واقعي وذو مصداقية". ونفى الخلفي منع السلطات المغربية للصحافة من ولوج الإقليم المنازع عليه، قائلا إن "الصحافيين من بلدان غربية كثيرة يزورون باستمرار الأقاليم الجنوبية للمملكة، لكن مع الأسف نتفاجأ أحيانا بغياب الموضوعية والتوازن في التقارير التي تنشر في الصحافة الدولية". وأعطى الوزير تعهدا للصحافيين الأميركيين بتأمين زيارتهم إلى الصحراء، متحديا البوليساريو القيام بنفس الخطوة وفتح مخيمات اللاجئين في تندوف أمام التغطية الإعلامية الدولية. من جانب آخر، أشاد الناشط الجمعوي الموالي لجبهة البوليزاريو علوات موتي بما خرجت به الندوة، مشيرا إلى أنها "كانت فرصة للمستمعين من المجتمع الأميركي أن يتعرفوا قليلا على التاريخ السياسي لقضية الصحراء". يذكر أن الصحراء تعيش في ظل نزاع مستمر بين المغرب وجبهة البوليساريو، منذ أن خرجت إسبانيا من الإقليم عام 1975. ولا يحظى النزاع بالتغطية الإعلامية الواسعة التي تشهدها مناطق أخرى متنازع عليها في العالم. وتعتبر جبهة البوليساريو المغرب محتلا لأراضي الصحراء الغنية بالمعادن، فيما يذهب المغرب إلى أنه يتوفر على وثائق تاريخية تثبت أن الصحراء جزءا من ترابه. ورغم جولات المفاوضات التي تقودها الأممالمتحدة لحل النزاع منذ سنة 2004، إلا أن الطرفين يتشبتان بوجهتي نظرهما. وتعترف بعض الدول بجبهة البوليساريو التي تحمل أيضا اسم "الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية"، وتعتبرها "دولة محتلة"، في حين يدفع المغرب تهمة الترامي على أراضي الصحراء، ويعتبر القضية "مفتعلة و من مخلفات الحرب الباردة". محمد أسعدي حصل محمد أسعدي على شهادة البكالوريوس في الصحافة من المعهد العالي للإعلام والاتصال بالعاصمة المغربية الرباط. اشتغل صحافيا بجرائد كبيرة في المغرب مثل أخبار اليوم والعلم، وصحافيا بقسم التحقيقات بجريدة المساء واسعة الانتشار. كما اشتغل في الراديو وعمل مراسلا لمجموعة من المؤسسات الإعلامية الدولية منها الدوتشيه فيليه الألمانية. قبل أن يلتحق بموقعي قناة "الحرة" و"راديو سوا" في واشنطن، شارك أسعدي في العديد من الدورات التدريبية حول الإعلام الجديد داخل المغرب وخارجه، وحصل على شهادة الامتياز من الشبكة الألمانية الدوتشيه فيليه في مدينة بون الألمانية.