قال الحسين اليماني الكاتب العام للنقابة الوطنية للبترول والغاز، إن غلاء المحروقات في المغرب هو عكس ما يدعيه البعض لا يرتبط بارتفاع أسعار الطاقة في السوق الدولي. وأكد اليماني في ندوة نظمتها منصة "ريف فيزيون" ضمن نقاش "المغرب في أسبوع" حول غلاء المعيشة وسوق المحروقات"، أن غلاء المحروقات بالمغرب لا يفسر بالسوق الدولية، بل يختصر في ثلاثة عناصر أساسية، أولها مرتبط بما هو سياسي وخوصصة مصفاة "لاسامير"، فبعد أن كنا دولة منتجة في تكرير البترول وتوزيعه، اتخذ قرار سياسي بالانسحاب، ووضعت الدولة كل شيء في يد الخواص، لتضعف قوة تأثيرها في المجال. والعنصر الثاني حسب اليماني هو حذف الدعم الخاص بسوق المحروقات مع حكومة "العدالة والتنمية" بدعوى أنه وصل لسقف لا يمكن تحمله من قبل الميزانية العامة، موضحا أنه من حسن الحظ أن الدعم حذف عندما كانت أسعار المحروقات متدنية، ولذلك لم يرتفع السعر في السوق ولم يشعر المغاربة بخطورة هذا القرار. وأكد اليماني أن حزب "العدالة والتنمية" استغل مسألة حذف دعم المحروقات بشكل شعبوي، خاصة عندما كان يروج أن الأغنياء فقط من يستفيدون منه. أما العنصر الثالث حسب ذات المتحدث هو تحرير الأسعار الذي يجب أن نفرق بينه وبين حذف الدعم، فهذا الأخير يعني أن الدولة لم تعد تدعم ثمن البيع العمومي، وتحرير الأسعار هون أن الدولة انسحبت من تحديد ثمن البيع النهائي بالنسبة للمحروقات، وهذا ما استغلته الشركات الفاعلة في القطاع. وشدد اليماني على أنه من الطبيعي إذا غابت شروط المنافسة أن يستفرد المتمكنون في القطاع من السوق ويفرضون الأسعار التي تناسبهم، وهو فعلا ما وقع. وأضاف " إذا فككنا تركيبة سعر المحروقات اليوم في المغرب والذي وصل إلى 15 درهم نجد أنها تأتي من النفط الخام الذي يساوي 6 دراهم، والغازوال المصفى ب 9 دراهم، وفرق 3 دراهم الموجود بينهما يخسره المغرب لأنه عطل عملية تكرير البترول". وتابع " لو كنا نكرر البترول فإن ثمن التصفية سيكون ربحا للدولة إذا كانت شركة التصفية تابعة لها، وإذا كانت لفاعل خاص يمكن للدولة أن تأخذ العائدات بشكل أو بآخر". ولفت أنه إلى جانب هذا هناك مصاريف النقل والضريبة على القيمة المضافة، والضريبة على الاستهلاك الداخلي فإننا نصل إلى 14 درهم، إضافة إلى درهم أو درهم ونصف ما يربحه الفاعلون. وأكد أنه مادام أن كلفة النفط الخام مرتفعة وكلفة التكرير عالية، وأرباح الشركات فاحشة فإن سعر المحروقات بالمغرب سيبقى مرتفعا. وسجل اليماني أنه إلى حدود نهاية 2021 راكمت شركات المحروقات أرباحا فاحشة فاقت 45 مليار درهم، مؤكدا أنه لو كانت هناك جرأة وقرار سياسي لاسترجاع هذه الأرباح، فالمغاربة يستهلكون 8 مليار لتر من المحروقات في السنة، وبمعادلة بسيطة إذا قسمنا 45 مليار درهم على 8 ستعطينا خمسة، بمعنى أنه يمكن دعم سعر الغازوال بمقدار خمسة دراهم فقط باسترجاع الأرباح الفاحشة المتراكمة منذ 2016. وأبرز أنه بعد كلام الوزيرة ليلى بنعلي وخرجتها حول غلاء المحروقات توجهت جبهة إنقاذ لا سامير بطلب لمقابلتها، لكن لحدود اللحظة لم تلقى أي جواب، مشيرا أن كلامها بكون عدم امتلاكها للمعطيات فإنه يشكل كارثة، إما إذا كانت تمتلك هذه المعطيات فإن الأمر يتعلق بكارثتين. وخلص إلى أنه يجب وضع سجل اجتماعي لإحصاء الأغنياء وتحديد هوياتهم ودعوتهم إلى أداء واجبهم الضريبي، فإذا كانت الدولة غير قادرة على الدعم بإمكانها أن تجد مداخيل إضافية من الضريبة على الثروة، ومن المتهربين ضريبيا. وشدد على أن الدولة لا تستيطع الضغط على الأغنياء لأداء ما بذمتهم فتعمل على التوجه للفقراء، ومن يخسر في النهاية هي الطبقة المتوسطة وشبه المتوسطة. وأشار أن دعم مهنيي النقل استفادت منه بدرجة أولى "الباطرونا" صاحبة المقاولات وشركات النقل، ولكي لا يفضح الأمر شمل كذلك السائقين المهنيين.