تقرير اخباري- كشف تقرير ديبلوماسي أن الغرب يناقش منذ مدة مسألة تصاعد دور الإسلاميين في لبنان والدول العربية، وأنه قد يكون هذا النقاش انتهى إلى ضرورة لجم دور الإسلاميين، وجاء في هذا السياق التشجيع الغربي للجيش اللبناني بعد "معركة عبرا". وأوضح التقرير أن ما حصل في مصر من تغيّير كان متوّقعاً في الدول الغربية، وأن قادة "مجموعة الثماني" ناقشوا تسلّم الإسلاميين للسلطة في عدد من الدول العربية، ومن بينها مصر، حيث قدّم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في إجتماع القادة الذي عقد مؤخراً في إيرلندا الشمالية مداخلة طويلة حول هذا الموضوع. ويكشف مصدر ديبلوماسي أوروبي بارز أن الرئيس الروسي توّجه في مداخلته إلى القادة المشاركين بالقول "تريدون تنحي الرئيس بشار الأسد؟ أنظروا إلى القادة الذين صنعتموهم في الشرق الأوسط في سياق ما سميتمّوه الربيع العربي، ها هي شعوب المنطقة تنبذ هؤلاء القادة. الثورة ضد محمد مرسي في مصر مستمرة ومن يعرف طبيعة المجتمع المصري يدرك أنه مجتمع مدني عريق ومتنوّع الثقافة والحضارة وله تاريخ في العمل السياسي الراقي وهو لن يقبل محاولات الفرض بالقوة عليه. أما رجب طيب اردوغان، فإن الشارع تحرك ضده وهذه هي بداية أفول نجمه، وفي تونس، الحكم الاخواني السلفي الذي صنعتموه لم يعد مستقراً ولن يكون مصير تونس بعيداً عن إمساك الجيش بمقاليد الحكم، لأن أوروبا لن تقبل باضطرابات على حدودها كون تونس متداخلة مع أوروبا (لم يكن رئيس هيئة الأركان التونسي قد قدّم استقالته في حينه وأعلن انه سيترشح لرئاسة الجمهورية). وليبيا بعد معمر القذافي عممّتم فيها الفوضى، وهناك عجز عن بناء سلطة تعمل على إعادة بناء الدولة. واليمن بعد رحيل علي عبد الله صالح يفتقد للإستقرار داخل الحكم أو الهدوء في الشارع، والإضطرابات العسكرية والأمنية لا تزال تتحكّم بكافة مناطقها. أمّا الخليج برمته، فهو على فوهة بركان من البحرين إلى دوله كافة". اضاف بوتين: "تطلبون من روسيا أن تترك الأسد ونظامه والسير مع معارضة لا يعرف قادتها غير الفتاوى التكفيرية، ولا يعرف عناصرها المتعددو الجنسيات والإتجاهات غير الذبح وأكل لحوم البشر، أنتم تكيلون الأمور بمكيالين وتقاربون الأزمة السورية وفق صيغة صيف وشتاء تحت سطح واحد، أنتم تكذبون على شعوبكم من أجل تمرير مصالحكم، وهذا أمر لا شأن لنا به، ولكن من غير المسموح ان تكذبوا علينا وعلى دول العالم وشعوبها، لأن المسرح الدولي ليس لكم وحدكم والأحادية التي انفردتم بها منذ أكثر من عقدين من الزمن انتهت الى غير رجعة". وتابع بوتين: "انتم جميعكم تقفون في سورية مع قوى ادعّيتم خلال السنوات العشر الاخيرة انكم تحاربونها بحجة الإرهاب، وها أنتم اليوم تتحالفون معها وتدعمونها لتصل إلى الحكم في المنطقة، وتعلنون أنكم ستسلّحونها وتعملون على تسهيل إرسال مقاتليها إلى سورية لإسقاطها واضعافها وتفتيتها". وسأل: "بربكم عن أية ديموقراطية تتحدّثون؟ تريدون نظاماً ديموقراطياً في سورية يحلّ مكان نظام الأسد، وهل تركيا والدول الحليفة لكم في المنطقة تنعم بالديموقراطية؟". وتوّجه بوتين بالكلام إلى الرئيس الاميركي وخاطبه بالقول: "بلادك أرسلت جيشها إلى افغانستان في العام 2001، بذريعة محاربة "طالبان" وتنظيم القاعدة والإرهابيين التكفيريّين الذين اتهمتهم حكومتك بتنفيذ هجمات 11 ايلول في نيويورك وواشنطن، وها أنت اليوم تتحالف معهم في سورية، وتعلن رغبتك مع حلفائك بإرسال أسلحة، وها هي قطر التي تقيم فيها أكبر قاعدة عسكرية لقواتك في المنطقة تفتح مكتباً تمثيلياً لطالبان على أراضيها". وسأل بوتين الرئيس الفرنسي:"كيف ترسل جيشك إلى مالي لمقاتلة الإرهابيين التكفيريّين من جهة، ومن جهة ثانية تتحالف معهم في سورية وتدعمهم، وتريد أن ترسل لهم الاسلحة الثقيلة لمقاتلة النظام؟". وكان لرئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون النصيب من "مرافعة" بوتين، وخاطبه قائلاً: "أنت تطالب بقوة بتسليح الإرهابيين في سورية، وهم ذاتهم الذين نفّذ اثنان منهم جريمة ذبح جندي بريطاني في أحد شوارع لندن في وضح النهار وأمام المارّة، غير آبهين لا بدولتك ولا بسلطتك ولا بأمنك، وارتكبوا جريمة مماثلة أيضاً في شوارع باريس ضد أحد الجنود الفرنسيين". ويشير التقرير إلى أن مفاجأة الإجتماع كانت في تأييد المستشارة الالمانية أنجيلا ميركل لكلّ كلمة قالها بوتين في مداخلته، وأعلنت رفضها اي حلّ في سورية غير الحل السياسي "لأن الحلّ العسكري سيقود سورية والمنطقة إلى المجهول"، ورفضت بشدّة تسليح المعارضة السورية "كي لا تصل هذه الأسلحة إلى يد الإرهابيين ويعمدوا إلى استخدامها في عمليات نوعية في مدن دول الإتحاد الأوروبي". كما اشارت إلى عدم رغبتها في أن ترى بعض شركائها الأوروبيين يذهبون في مغامرات عسكرية وسياسية من شأنها ان تساهم أكثر في عجز دولهم المالي والإقتصادي "لأن المانيا لم يعد بمقدورها أنّ تشكل رافعة مالية واقتصادية لهذه الدول، أو أن تساهم بالتغطية على أخطائها". المصدر: جريدة "السفير" اللبنانية