على بعد أسابيع قليلة من عيد الأضحى، تعيش العديد من الأسر المغربية وضعا اقتصاديا صعبا، ناجما عن تداعيات أزمة كورونا وغلاء أسعار مختلف المواد الأساسية، وهو ما يجعل شراء الأضحية مهمة شاقة، بل ومستحيلة بالنسبة للعديد من الأسر. اقتناء الأضحية يزداد صعوبة مع الغلاء الكبير الذي تشهده أسعار المواشي في السوق الوطنية، وهو ما دفع بالعديد من أرباب الأسر الذين تحدثوا لموقع "لكم" إلى التأكيد بأنهم لن يستطيعوا ذبح أضحية هذا العام. أحمد، أحد أرباب الأسر الذي يشتغل في قطاع السياحة، أكد ل"لكم" أن الأسعار التي تروج حاليا تجعل شراء الأضحية "مهمة مستحيلة" بالنسبة ل"الدراوش لي مافحالهومش"، خصوصا مع "الأزمة" وفقدان الكثير من الأشخاص لعملهم. غلاء الأضاحي غلاء الأضاحي هذا العام، أكده العديد من الكسابة في تصريحات متفرقة ل"لكم"، حيث عزوا الغلاء لعاملين رئيسين؛ أولهما اتسام الموسم الفلاحي بالجفاف، ما أثر على المراعي والمحاصيل الزراعية التي يرتكز عليها الكسابة ومربو الماشية، وثانيهما الغلاء الملحوظ الذي عرفته أثمنة الأعلاف. وأشار يونس وهو أحد مربي الماشية بجهة فاسمكناس إلى أن أغلب أنواع العلف، شهدت زيادة تفوق 30 في المئة مقارنة بالسنة الماضية، وقد تجاوزت هذ النسبة بكثير في بعض المناطق، ناهيك عن تأثر الأدوية الخاصة بالماشية بموجة ارتفاع الأسعار. وسجل المتحدث في تصريحه لموقع "لكم" أن الجفاف أسهم في ارتفاع أسعار الماشية المعدة للتسمين قبل أشهر من عيد الأضحى، ما يضاعف تكاليف إنتاج خروف العيد، "فإذا ما أضفنا التكلفة المرتفعة للخرفان المعدة للتسمين إلى الأثمنة المرتفعة للأعلاف والأدوية، سنجد أن تكلفة إنتاج الخروف تتجاوز الثمن الاعتيادي للبيع، ما يضطر الكساب إلى إضافة هامش ربح، وهو ما يسهم في ارتفاع ثمن العرض". واعتبر يونس أن حملة الدعم التي أطلقتها وزارة الفلاحة لم تكن كافية أبدا، فالشعير المدعم يشكل جزءا يسيرا من دورة الإنتاج ولا يمكن له أن يسد حاجيات الكسابة، مشددا على ضرورة أن تحدث الدولة تعويضات استثنائية موجهة للكسابة في حالات الجفاف، إذ إن عدم تقديم مثل هذه الحلول يجعل الكسابة في حالة تصادم مباشر مع المواطن الذي يحمل الكساب مسؤولية ارتفاع الأسعار، ما قد يؤدي إلى كوارث مشابهة لما في بعض أسواق الماشية في مواسم سابقة.
ضعف القدرة الشرائية بوعزة الخراطي رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، أكد أن القدرة الشرائية الحالية للأسر المغربية لا تسمح لهم بشراء الأضحية، مبرزا أن هذا الأمر يظل سنة وليس فرضا، وعلى المستهلك ألا يحمل نفسه أكثر مما تطيق. وانتقد الخراطي في تصريح لموقع "لكم" الغلاء الكبير الذي تشهده أسعار المواشي اليوم، خصوصا وأن العديد من الكسابة خرجوا في مقاطع مصورة يهيئون فيها المستهلك للقبول بأسعار خيالية. واعتبر أن حجم غلاء الأضاحي لا تبرره الزيادات التي شهدتها أسعار الأعلاف وغيرها من المواد التي تدخل في الإنتاج، فلا يعقل أن تبلغ الزيادات نسبة 100 %، بحجة غلاء العلف، علما أن الدولة قدمت الشعير المدعم للكسابة، وأن القطاع لا يؤدي الضريبة، وهو ما يعد دعما غير مباشر ينبغي أن تتأثر به الأسعار. كما نبه الخراطي إلى أن المستهلك سيجد نفسه –إضافة إلى ما سبق- أمام جشع الوسطاء الذين يزيدون الطين بلة، ويرفعون الأسعار أكثر فأكثر، وهو ما يتطلب تدخل الدولة وتنظيم الأسواق. وأشار إلى أنه من غير المقبول أن يكون عيد الأضحى مناسبة لترويج 70 مليار سنتيم سنويا لكنه يظل غير مقنن، وتظل الأسواق غير منظمة، يتحصل من خلالها أشخاص على مال من جيوب المستهلكين. وأكد الخراطي أن عدم إقبال المستهلكين على اقتناء الأضاحي بسبب غلائها سيضطر إلى خفض الأسعار، لافتا إلى وجود بعض الصيغ التضامنية من أجل الاحتفال بعيد الإضحى كما تفعله بعض الفنادق، كما أن عدم ذبح الأضحية -خاصة في هذه الظروف الصعبة- ينبغي ألا يشكل أي حرج بالنسبة للأسر المغربية.