أصدرت منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية تقريرا الجمعة الماضي، تشير فيه إلى أن الاعتراف ينتزع تحت الإكراه في المحاكمات ذات الطابع السياسي وأن النظام القضائي يحتاج إلى إصلاح حقيقي. وحددت الهيئة ست حالات لم تستفد من شروط المحاكمة العادلة وان الاعترافات تنتزع تحت الإكراه وعلى أن القضاة تجاهلوا مطالب الضحايا بخصوص تعرضهم للتعذيب. وأكد السيد إيريك كولد ستين، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أن هناك "تواطؤ بين القضاة والشرطة" حيث تنتزع الشرطة الاعتراف تحت الإكراه، '' وبعدما تتم إحالة المتهمين على المحكمة يضيف إيريك بأن "القضاة وبشكل سريع يدينون المتهمين بناءً على محاضر وقعت تحت الإكراه دون البحث الجدي والعميق عن أدلة واقعية" لطالما تعرض النظام القضائي المغربي لانتقادات لاذعة في الماضي. و في سنة ،2009 قدم الملك محمد السادس وعودًا بإصلاح هذه المنظومة فكان عنوانا للشعار الذي حمله حزب العدالة والتنمية الذي اكتسح انتخابات 2011 وهو الذي يترأس الحكومة الحالية . لكن وبعد مرور سنة ونيف على تسلم الحكومة الجديدة مقاليد الحكم لازال مطلب الإصلاح قيد النقاش. وفي هذا السياق أكد مسؤولون من هيومن رايتس ووتش بأن وزير العدل ،مصطفى الرميد رفض لقاء أعضاء المنظمة أثناء صياغتهم لهدا التقرير. كما أن انتزاع الاعتراف تحت التعذيب يعد إجراء غير قانوني في المغرب، ورغم ذلك فقد أشار خوان مانديزالمقرر الأممي حول التعذيب إلى وجود حالات متعددة خلال زيارته للمغرب في سبتمبر 2012. مؤكدا على وجود حالات "تعذيب وسوء معاملة المتهمين خلال الحراسة النظرية وأثناء أطوار التحقيق وهو الأمر الذي يظل مشكلا حقيقيا في المغرب''. ويتطرق تقرير منظمة هيومن رايتس ووتش إلى هذه الحالات التي تؤكد وبالملموس الرهانات التي تواجه أي إصلاح في المنظومة القضائية المغربية. وأفاد كولد ستين خلال الندوة الصحفية التي قدم خلالها التقرير، بأن انتزاع الاعترافات تحت التعذيب لا يمكن البتة تعميمه في كل المحاكمات ذات الطابع الجنائي في المغرب، لكنه يشدد على أن الإكراه البدني والنفسي يستعمل في كل المحاكمات ذات الطابع السياسي، على غرار محاكمة النشطاء السياسيين. وأورد التقرير حالات متعددة لمحاكمات طالت نشطاء الصحراء الغربية والنشطاء النقابيين والمنادين بالديمقراطية والسياسيين المتابعين في ملفات الإرهاب. وبهذا الخصوص تم عرض شريط فيديو خلال الندوة الصحفية تخللته شهادات متهمين سابقين يصفون طرق التعذيب وسوء المعاملة التي تعرضوا لها أثناء الحراسة النظرية بما فيها إمضاء محاضر إدانة تحت الإكراه. وحسب خبراء حاورتهم أسوشياتد بريس ، أكدوا على أن القضاة يتعرضون لضغوطات من قبل جهات عليا خصوصا أثناء المحاكمات السياسية مما يجعلهم يعتمدون على تقارير الشرطة دون غيرها ،وهو ما يؤكده رفض القضاة لكل الملتمسات القاضية بإحضار مزيد من الشهود وهدا الرفض يسرع من وثيرة إصدار أحكام الإدانة في حق النشطاء. وقد جاء الدستور المعدل في يوليوز 2011 ،ليعزز المنظومة القضائية ويجعلها فرعا قائما بذاته مثله مثل السلطتين التشريعية والتنفيذية، وعلى أن تظل تحت الوصاية المباشرة لوزارة العدل. لكن مضامين هدا الدستور الجديد لم ترى بعد طريقها إلى الوجود. وصرح لأسوشياتد بريس محمد عنبر ، نائب رئيس نادي القضاة وهي المنظمة التي تأسست سنة 2011 بهدف الضغط لبلوغ ضمان استقلال القضاء، وكد عنبر على أن القضاة في الحالات الحساسة يتعرضون لضغوطات كبيرة من قبل وزارة العدل لما لها من سلطة على مراكزهم ورواتبهم، مضيفا في السياق ذاته بأن المطلب الرئيس لنادي القضاة يتجلى في تعديل المسطرة الجنائية لضمان حضور المحامين أثناء التحقيق. وأبرز كولد ستين بأن إصلاح المنظومة القضائية بالمغرب أمسى إحدى الأولويات الرئيسة خاصة بعد الاضطرابات السياسية للربيع العربي في شمال إفريقيا والتي انطلقت منذ العام 2011 نظرا للدور الذي لعبه القضاء في حماية الدكتاتوريات . وقال كولد ستين بأن الإصلاحات التي حققها المغرب منذ عشرون سنة الماضية لم تشمل المنظومة القضائية بل كانت هذه الأخيرة تلميذا متأخرا عن الفصل، وهو ما يشعرنا بضرورة المضي بشكل حثيث للدفع بمطلب استقلالية جهاز القضاء . بقلم : بول شيم - عن الأسوشياتد بريس