قالت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان وشبكة "تَقَاطُع" للحقوق الشغلية، إن واقع الصحة والسلامة في العمل بالمغرب مزر، وقد تفاقم خلال الجائحة، بتحول العديد من الضيعات والمعامل والأوراش إلى بؤر للفيروس. وسجلت الهيئتان في بيان مشترك بمناسبة اليوم العالمي للصحة والسلامة المهنية تضاعف حوادث النقل الجماعي للعاملات والعمال، مخلفة آلاف الضحايا بين قتلى ومعطوبين وأرامل وأيتام، نتيجة لغياب الشروط القانونية والتقنية في وسائل النقل المستعملة، وتقاعس السلطات الإدارية والأمنية والقضائية في وضع حد لهذه الكوارث. وتوقف البيان على الأرقام الرسمية التي تشير إلى وقوع 50 ألف حادث شغل سنويا، تخلف 2000 قتيلا حسب المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، لا تحصي منهم وزارة الشغل سوى حوالي 800 حالة، في حين يتراوح عدد القتلى سنويا بين 3000 و5000 حسب تقديرات متطابقة غير رسمية. وحسب ذات المصدر، فإن المكتب الدولي للشغل يقدر كلفة حوادث الشغل بالمغرب ب 4.25% من الناتج الداخلي الخام بسبب وقوع 47.8 حادثة شغل مميتة لكل 100 ألف عامل، ومعدل مخاطر في مجال حوادث الشغل أكبر 2.5 مرة من معدل المخاطر في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وأكدت الهيئتان أن الواقع الشغلي بالمغرب يتميز بالغياب شبه التام لقانون الشغل المتعلق بالصحة والسلامة المهنيتين بأغلب المقاولات، و ربع المشتغلين فقط مؤمنون عن حوادث الشغل، و17% من المقاولات تتوفر على لجان الصحة والسلامة، أما مصالح طب الشغل فلا تتوفر سوى ببضع المقاولات الكبرى. وسجل البلاغ استمرار الخصاص في الأطر الكفيلة بالسهر على توفير شروط الصحة والسلامة بالمقاولات، من أطباء الشغل والمهندسين والتقنيين المتخصصين في السلامة المهنية. كما توقفت الهيئتان على الخصاص المزمن في مفتشي الشغل الذي سيتفاقم بالنظر للعدد الهزيل من مناصب الشغل المحدثة برسم سنة 2022، والذي لا يتعدى 50 منصبا لكل المصالح التابعة لوزارة "الإدماج الاقتصادي والمقاولات الصغرى والشغل والكفاءات". وانتقد ذات المصدر استمرار استعمال مستحضرات ومواد خطيرة على صحة العمال والعاملات، بالعديد من المعامل وورشات الصناعة التقليدية والضيعات الفلاحية، خارج أية مراقبة فعلية تقنية أو قانونية. كما أن تفعيل القانون، تضيف الهيئتان، يصطدم بتحايل المقاولات التي تتكتم حول طبيعة المواد والمستحضرات المستعملة وغياب الكفاءات العلمية المتخصصة في أغلب هذه المقاولات وبمصالح مراقبة الشغل بالمغرب. وطالب البيان بالإسراع بوضع القانون الإطار المتعلق بالصحة والسلامة في العمل بمشاركة ممثلي العمال والمشغلين، مع إسناد تدبير الصحة والسلامة في العمل لمؤسسة عمومية للحماية الاجتماعية والتخلص من هيمنة الشركات الخاصة للتأمين على هذا المرفق الاجتماعي الاستراتيجي، مع المصادقة على الاتفاقيات الدولية بهذا الخصوص. كما دعا إلى اعتبار الأمراض التي تنتشر في مواقع العمل كأمراض مهنية، بما في ذلك الأوبئة العابرة للقارات وآخرها كوفيد19، مع جعل ملف الصحة والسلامة في العمل في قلب الحوار الاجتماعي المنتظم والممأسس بين مختلف الفاعلين الاجتماعيين.