رغم أن الأزمة السورية دخلت سنتها الثالثة مند تاريخ اندلاعها، ورغم أن معالمها منذ الشهور الأولى كانت بينة وواضحة، لازالت إلى اليوم فئة عريضة من الرأي العام ومن النخبة في العالم العربي والإسلامي، أقول نخبة يا للحسرة، ضحية لتأثير الصناعة الإعلامية وبراعتها في فن تسويق الأحداث والوقائع وصياغتها وعرضها في قوالب دراماتيكية من أجل توجيه الرأي العام بطريقة غير مباشرة، في اتجاه مرسوم سلفا، يخدم أهدافا غير بريئة وغير تلك التي تخاض المعارك تحت عباءة شعاراته. :قراءة في الأزمة وسياقاتها إن المتتبع للأحداث وتطوراتها في العالم العربي مند مدة طويلة تسهل عليه قراءة الأزمة السورية ببساطة ودلك من خلال عزلها عن السياق الذي حشرت فيه اليوم، المتمثل فيما غدا يعرف بالربيع العربي، إذ تسهل أيضا عملية استخراج الأسباب والأهداف والفاعلين والمستفيدين إلى غير ذلك من عناصر المشهد. نلفت فيما سيأتي أن التصعيد في سوريا ليس مولودا شرعيا للانتفاضات أو الثورات التي عرفتها وتعرفها أكثر من ساحة عربية اليوم؛ فبالأمس القريب، حيث كان السكون والصمت يخيم على جل هذه الساحاتاللهم بعض التحركات المنعزلة والتي تخمد أنفاسها بكل سهولة مثل حركة "كفاية" في مصر وبعض الاحتجاجات المطلبية هنا أو هناك، خرج فريق في لبنان، ظاهر الولاء، علانية يطالب بإسقاط نظام الأسد، وذلك في سياق خطة يبدو أنها كانت مدعومة،عنوانها المحاكمة والاقتصاص من قتلة رفيق الحريري. فتم استغلال و توظيف دم الحريري بشكل دنيء، لتصفية الحساب ليس مع النظام السوري بل مع كيان الدولة السورية، تحت طائلة التهديد بالمحكمة الدولية ومجلس الأمن الدولي وتطبيق الفصل السابع. وقبل هذه الحملة، سبقتها حملة ممهدة، كان شعارها تلك المرة إخراج سوريا من لبنان ورفع وصايتها عن البلد، وعبر حشد سلة من الضغوط الإعلامية والدبلوماسية والسياسية تم إجلاء كل الجيش السوري الموجود على الأرض اللبنانية وإغلاق كل ثكناته ومواقعه العسكرية وسحب جميع معداته وآلياته وتفكيك راداراته. إدن ما تعرفه سوريا اليوم ليس نتاج ما طفح به الكيل في بلدان عربية أخرى، بل يندرج في سياق مسلسل للصراع بين سوريا بمواقفها المتصلبة من قضية التسوية مع الكيان الصهيوني، ودعمه المطلق للمقاومة في فلسطين ولبنان والعراق بالسلاح والمال والتأطير والتدريب والاحتضان. إلى جانب تحالفه الاستراتيجي مع إيران منذ نجاح ثورتها الكبرى على نظام الشاه المسنود أمريكيا في نهاية السبعينيات من القرن المنصرم. حقيقة الصراع والانتهازية الغربية: وبتعبير أدق إن ما نشاهده اليوم في سوريا هو ركوب انتهازي، في أبشع وأخزى صور الانتهازية لأمريكا والكيان الصهيوني وحلفائه في المنطقة،على مطالب مشروعة ومحقة للشعب السوري في الحرية والديمقراطية والعيش الكريم، وذلك من أجل المفاصلة مع نظام صعب عليهم ترويضه، ومن أجل إنجاز المشاريع والمخططات الاستعمارية في المشرق العربي. هم لا يعبأون بعدد الضحايا من الأبرياء الذين تم الزج بهم، من خلال أدوات إعلامية محرضة وفتاوى مهيجة في معركة غير متكافئة وتحت راية عمية، ومن خلال صناعة مجالس للمعارضة على مقاساتهم، هجينة وطارئة متجاوزين في ذلك المعارضة الحقيقية ذات الشرعية التاريخية والنضالية التي بنتها داخل الوطن السوري. بل إن مجموعة من هؤلاء الانتهازيين لا يريدون إلا عددا أكبر من الضحايا والقتلى حتى تسهل عليهم إدانة النظام ويفسح لهم المجال لتصويغ وشرعنة التدخل الدولي من خلال إصدار قرار لمجلس الأمن. حيث صرح سفير أمريكا السابق في دمشق)إدوارد جيريجيان) في مؤتمرالسياسة العالميةالمنعقد في مدينة كانالفرنسية السنة الفارطة بما يلي: "لن نستطيع التحرك إلاإذا انتشرت الحرب الأهلية في البلاد وزاد عدد الضحايا، علينا أن ننتظر حتى ذلك الوقت كي نتحرك".إن الغرب لا تهمه الديمقراطية في دول الجنوب، بما فيها الأقطار العربية؛ فإلى غاية عشية هروب الدكتاتور بنعلي من تونس، كان التأييد السياسي والدعم اللوجيستي يتقاطر عليه من فرنسا وغيرها وكان يشاد بهذا النظام ويسوق على كونه النموذج الحداثي التنموي الناجح، بل إن النظام السوري نفسه عرضت عليه صفقة بأن يفك الارتباط مع إيران وينفض يده من المقاومة وله ما يريد في المنطقةدورا إقليميا متميزا يضمن بقاءه في لبنان إلى ما شاء الله. إن رفع شعار التصعيد ضد النظام السوري من أجل حرية السوريين والدفاع عن المدنيين هي كذبة لا يمكن أن يكون تصديقها إلا غباءا وسذاجة. مسلسل الاحتواء والإدماج: إن ما تعرفه الساحة السورية اليوم لا يندرج ضمن ما يصطلح عليه" بالربيع العربي" أو " الثورات العربية"، خاصة وأن الحراك الثوري العربي اتسم في التجارب التي نجحت في إسقاط رأس النظام وأركانه الداعمة بسلمية ضيقت الخناق على أنظمة الفساد والاستبداد. وما يؤكد على هذا الطرح أن التصعيد اليوم هو حلقة في مسلسل أمريكي-إسرائيلي بالدرجة الأولى غايته الوحيدة هي تغيير طبيعة النظام السياسي في هذا البلد وتغيير اختياراته، لأن ذلك هو المدخل الأساسي لتغيير خريطة الشرق الأوسط من أجل المصالح الأمريكية في هذا الجانب من العالم. الحلقة الأولى من هذا المسلسل كانت سمتها الاحتواء والإدماج على الشاكلة التي نهجتها الإدارة الأمريكية مع ما يسمى بدول الطوق، أي الدول ذات الحدود مع الكيان الإسرائيلي. حيث استطاعت الإدارات الأمريكية المتعاقبة على البيت الأبيض من خلق اختراق. وهكذا استطاعت احتواء وإدماج كل من مصر عبر اتفاقية " كامب ديفيد"، حيث تحول النظام المصري من موقع العدو، على عهد جمال عبد الناصر إلى موقع الصديق على عهد أنور السادات ثم إلى موقع الخادم المطيع على عهد مبارك، إذ تم نعته من قبل الصهاينة غداة سقوطه " بالكنز الاستراتيجي"، كيف لا وهو من شدد الحصار على قطاع غزة وهدم الأنفاق وقطع الأرزاق على الشعب الفلسطيني. عملية الاحتواء والإدماج هذه شملت أيضا النظام الأردني من خلال عقد اتفاقية "واد عربة"المذلة. أيضا السلطة الفلسطينية هي الأخرى لم تنج من هده الخطة، فكانت موضوعا للاحتواء والإدماج عبر إخضاعها من خلال مجموعة من الاتفاقيات "أوسلو"، "مدريد"، "واي ريفير" إلخ... وحينما أصبح الشهيد ياسر عرفات يعرقل ويناور من خلال التهديد بانتفاضة جديدة تم اغتياله مسموما، ليتم تنصيب الجنيرال "دايتون" مرجعا أمنيا ومؤطرا عسكريا للسلطة الفلسطينية. شمل هذا المسلسل كل دول الطوق، إلا أن حلقاته توقفت عند النظام السوري فبقي عصيا على الاحتواء و الإدماج، فلم تنفع معه لا العصى ولا الجزرة و لم يبق إلا أسلوب الاجتثاث، عبر استثمار الحراك الثوري العربي، واستغلال أخطاء النظام السوري في تعامله مع مطالب شعبه المحقة في الحرية والعدالة الاجتماعية وبناء الدولة الديموقراطية. المصالح الأمريكية و التهديد السوري: ما هي الحجرة التي ظلت تعرقل المخطط الأمريكي في المنطقة والتي أصبح الأمر يستدعي إزاحتها؟ وهل بقي الأمر فقط عند حدود العرقلة أم تجاوزه ليهدد المخطط في صميمه؟؟ من خلال ما تقدم يظهر أن سياسة الاحتواء و الإدماج التي انتهجتها الإدارات الأمريكية مند بداية السبعينيات لم تنفع مع النظام السوري، وخاصة في عهد الأسد الابن، فظل مستعصيا عليها تطويعه، بحيث ظل يمثل حاجزا سميكا وسدا منيعا بينها وبين تحقيق خطتها ومشروعها في المنطقة و الذي أعلنت عنه "كوندوليزا رايس" وسمته بالشرق الأوسط الجديد؛ فالنظام السوري يعتبر عدوا لأمريكا لأنه يضرب في صميم مصالحها الاستراتيجية في المنطقة والمتمثلة بالأساس في أمن الكيان الإسرائيلي والحفاظ على منابع النفط والطاقة. * التهديد الاقتصادي: لم يبق النظام السوري في وضعية المشاكس والمعرقل فحسب، بل انخرط في مشروع بناء منطقة مستقلة اقتصاديا وسياسيا وأمنيا إلى جانب كل من إيران، تركيا،لبنان، حيث يلاحظ كل المتتبعين حجم الاتفاقيات التي أبرمت بين هذه الدول في السنوات الأخيرة و التي اشتملت بالنسبة لبعضها على رفع الحواجز الجمركية وإلغاء التأشيرات وإحداث مناطق للتجارة الحرة وإقامة مشاريع كبرى كمد شبكات للغاز والنفط والسكك الحديدية وما إلى ذلك من رفع مستوى المعاملات التجارية البينية وغيرها. *التهديد الأمني: مع عدوان تموز 2006 على لبنان وما شكلته من نكسة كبيرة وخسارة مدوية للمعسكر الغربي، وهول ما اكتشفه الأمريكيون والصهاينة من حقائق كانت في حصن حصين، بعيدة عن أعين استخباراتهم، حيث صرح أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله في إحدى خطبه أن مخازن الصواريخ السورية قد فتحت على مصاريعها لحزبه إبان العدوان، فما صب على الكيان من حميم كان مصدره سوريا وإيرانيا، وهو غيض من فيض حرب الثلاثة والثلاثين يوما التي جعلت الخسارة تلحق بالكيان وتتعداه لتشمل أمريكا أيضا والتي نصبت جسرا مباشرا للتموين بالأسلحة عبر بريطانيا. مع عدوان غزة 2009/2008 ازداد الاقتناع وترسخ بما لا يدع مجالا للشك أن المقاومة الفلسطينية ما كانت لتصمد وتمنع جيش الاحتلال، الذي يعتبر أقوى جيش في المنطقة وهو الذي عرف وروج له منذ زمن أنه الجيش الذي لايقهر، من أي اختراق أو غزو لأرض غزة على امتداد ثلاثة وعشرون يوما، لولا الدعم القوي الدي تقدمه جبهة الممانعة وفي القلب منها سوريا..، كما أن الأمريكي أدرك يقينا أن خروجه وانسحابه في عتمة الليل وبشكل مذل من أرض العراق ومغادرة جيشه لهذه البلاد، وهو الذي جاء ليبقى فيها عقودا، ما كان ليتم لولا حرب الاستنزاف التي أوقعته فيها سوريا بالخصوص، حيث كانت تقدم دعما قويا للمقاومة العراقية وشكلت أرضها قاعدة خلفية لهم. هذه هي مجمل الأسباب و الخلفيات الحقيقية الكامنة وراء خوض أمريكا لهذه المعركة وبهذه القساوة، حيث جعلت هدفا لحربها تغيير النظام في هذا البلد، فشكل رأس النظام مطلبا أساسيا لها وشرطا وحيدا لإيقاف معركة سفك الدماء وإزهاق الأرواح وتدمير البلد. فلا مجال لواهم أن يعتبر أن ما يدور هناك هو من باب الأخلاق الرفيعة عند الغرب و الأمريكان و غيرتهم على حقوق الشعوب و حرصهم على أن يتمتع الشعب السوري بكرامة العيش وبنظام سياسي ديمقراطي. لقد عقد المحافظون الجدد آمالا عريضة على أن يولد الشرق الأوسط الجديد على أيديهم، خاصة في عهد الرئيس بوش الابن، وفي عهد ولايتهم، وذلك لما يمثله هذا المخطط من إطار جيوسياسي يجعل اليد الأمريكية في المنطقة هي العليا لمواجهة الاقتصاديات الصاعدة والقوى المنبعثة من جديد مثل الصين، روسيا ، الهند والبرازيل. ويسمح لها بالتموضع بشكل جيد ضد كل الاحتمالات السيئة المقبلة على أرض الطاقة أرض النفط. النظام السوري وحظه من المسؤولية: بعد تبياننا لحقيقة الأزمة السورية من خلال مناقشتنا لها داخل سياقها التاريخي، السياسي والاقتصادي، يبقى السؤال القائم أمامنا هو عن جانب المسؤولية التي يتحملها النظام اتجاه الأزمة الحالية؟؟ إن التحليل الموضوعي و العلمي لا يسمحا بالتغاضي عن مسؤولية النظام السياسي السوري وإخراجه من هذه الأزمة إخراج الشعرة من العجين، أو أن يصبح فعل المقاومة أو الممانعة ذريعة أو مصوغا يستباح معه كل شيء، أو يتم غض الطرف عن جانب تقصيره في توفير الأرضية الخصبة للأعداء ليعبثوا بأمن سوريا ووحدة شعبها وأراضيها. تتميز طبيعة النظام السوري بخاصيتين أساسيتين تصلان إلى حد التناقض والتعارض. الخاصية الأولى هي مجموع ما جاء فيما تقدم من كون النظام هو نظام ممانع ورافض للهيمنة الغربية وداعم لقوى المقاومة في المنطقة.لكن الخاصية الثانية تتمثل في كونه نظاما شموليا أحاديا، يغلب عليه الطابع الأمني المخابراتي، ويعتمد بالأساس المناهج والمقاربات القمعية في إدارة الاختلاف والتعاطي مع الخصوم السياسيين، بحيث يشكل حزب البعث عموده الفقري، فلا يسمح للغير بالمشاركة السياسية إلا ضمن هوامش ضيقة وضمن أدوار ثانوية، بما يضفي على المشهد الداخلي مسحة من الديمقراطية والتعددية الحزبية ذات الطبيعة الشكلانية، ناهيك عن سقف الحريات في الإعلام والتعبير النازل إلى حد كبير والغالب عليه الطابع البيروقراطي الرسمي. فوجه التناقض بين الخاصيتين لدى النظام السوري يكمن في الأسس والمنطلقات، فرفضه للهيمنة الأجنبية ودعمه لقوى التحرر مبني على قيم العدالة والكرامة والحرية والحقوق، هذه القيم هي نفسها التي تنتفي في منهج إدارته الداخلية للبلاد والعباد. إذ الدستور الذي تم تغييره مع بداية الحراك الشعبي كان يختزل السلطة في حزب البعث ويجعل منه وصيا وحيدا على الشعب، فينفرد بالقرار السياسي كما أن أطره يسيطرون على مفاصل الدولة ومؤسساتها، ويتمتع أعضاؤه والمنتسبون له بكل الامتيازات، مشرعة في وجوههم كل الأبواب. ونتيجة لهذه السياسة الداخلية للنظام تأتي مطالب الشعب السوري في تحقيق الحرية والانعتاق من سيطرة الحزب الواحد وإشراك فاعلين سياسيين آخرين من كل المشارب الإيديولوجية في الحياة السياسية، وإعادة النظر في شكل بناء الدولة ومؤسساتها وإعادة صياغة دستورها وقوانينها، تأتي من باب المطالب المشروعة والمحقة؛ فخروج الجماهير للتظاهر في الشوارع بالأشكال السلمية تعتبر من أبسط الحقوق التي تضمنها كل الشرائع والمواثيق والقوانين في عصرنا الحالي. وهذا التعارض هو الذي جعل النظام السوري ينطوي على وجهين مختلفين، فكان سبب اللبس الذي جعل هذه المطالب المشروعة محط تشويش، حيث انقسم الجمهور العربي إلى قسمين إما مع سوريا الممانعة أو ضد سوريا النظام ذي البنية التسلطية، وبينهما ضاعت حقيقة الأزمة وتلاشى مضمونها. كتلة الممانعة المعادلة الصعبة: عندما فكر الأمريكي في إشعال الجبهة السورية، داهمته موجة"الربيع العربي"ولم يقدر جيدا الفروق التي تجعل سوريا مختلفة في وضعها عن مصر، ليبيا وتونس وغيرهما، بحيث أراد اهتبال الفرصة وتوظيف الجو العام في المنطقة العربية للإجهاز على غريمه السوري. إن كتلة الممانعة، التي تمثل فيها سوريا طرفا محوريا، لن تسمح بإحداث شرخ في جسمها الممانع، ولن تستسلم بل ستخوض المعركة بكل مكوناتها وبشكل جماعي، وهذا ما يفسر دعم إيران الاقتصادي والمالي والإعلامي للنظام السوري، وما رأيناه من دعم عسكري لعناصر حزب الله في الآونة الأخيرة. خاصة في المناطق الحدودية بين البقاع اللبناني وريف حمص حيث تشكل المنطقة عمقا استراتيجيا لحزب الله يدخل عبرها ما يعده من أسلحة ومعدات لمعركة فاصلة قادمة لا محالة مع الكيان الصهيوني.إن جبهة المقاومة تعتبر أي استهداف لأي طرف من أطرافها يعتبر استهدافا للمنظومة ككل، من هنا يحتمل أن تكون معركة غزة في السنة الماضية والتي طالت فيها صواريخ المقاومة ولأول مرة مواقع استراتيجية حيث كانت الضربة الأولى على تل أبيبدون تدرج في مراحل المعركة، كانت بمثابة إنذار تم تمريره عبر الصواريخ الإيرانية الصنع التي خلقت للمرة الأولى شبه حالة توازن الردع بين الكيان والمقاومة الفلسطينية. هدا التكتل لن يسمح بأن تنفرد أي جهة معادية بأحد مكوناته، كما أنه عبر أكثر من مرة ممثلوها على أنه يتوفر على خطة وعلى رؤية واستراتيجية لإدارة صراعاته مع الخصوم، وأن له خطوطا حمراء لا يسمح لأي كان بتجاوزها. وعليه فلينتظر الجميع ردة فعل باقي مكونات هده الكتلة الممانعة، وعما يوجد في جعبتها من مفاجآت إدا ما وصلت الأحداث إلى حافة الهاوية، حينذاك ستخاض المعركة على نطاق أوسع وبأدوات وآليات أقوى مما عرفته مواجهات المراحل السابقة. المخرج المنطقي: إن المخرج المشرف والسليم الذي يمنع، ليس سوريا فقط، وإنما المنطقة ككل من كارثة محققة هو أن تهتدي المعارضة الوطنية والتي توجد بالداخل وليس تلك التي صنعت أمريكيا في فنادق خمس نجوم التركية وبالتمويلات القطرية والسعودية، إلى الالتفاف مع "هيئة التنسيق الوطنية" بقيادة شخصيات وطنية مثل هيثم المناع وحسن عبد العظيم... في جسم معارض واحد ثم الدخول في حوار مفتوح مع النظام بضمانات وإشراف الدول التي لها تأثير على سوريا مثل إيران و روسيا ودول مجموعة "البريكس" لتنتزع المكتسبات التي أصبحت واجبة ولا يمكن أن يعقد أي توافق أو مصالحة أو تسوية إلا من خلالها، إنها مكتسبات الإصلاح الشامل، بحيث سيضيق هامش المناورة لدى النظام ولن يبقى أمامه من خيار سوى الإسراع من أجل إنقاذ نفسه وتفويت الفرصة على أعدائه وسحب البساط من تحت أرجلهم. إلى ذلك الحين ستبقى سوريا بلدا وشعبا مقاوما عزيزا وأبيا.