قال الصحفي أبو بكر الجامعي إنه عندما نتحدث عن غلاء الأسعار في المغرب نشير إلى الخارج، وإلى أحداث الحرب التي يعرفها العالم وإلى الجفاف، لكن لا يمكن أن نغفل المشاكل الهيكلية التي يعرفها المغرب، والناتجة مباشرة من مؤسسات غير ديمقراطية لا مساءلة فيها. وأشار الجامعي في نقاش " المغرب في أسبوع" الذي عرض أمس الثلاثاء في منصة "ريفيزيون"، أن التضخم يطرح مشكل لفئة من المجتمع التي يكون لها مدخول قار، وهي فئة المأجورين أي الطبقة الوسطى، خاصة عندما يكون هناك تضخم فج لا يتناسب مع القدرة الشرائية، مؤكدا أن التضخم يكون له دائما عواقب سياسية. وأوضح أن وزير الفلاحة سبق وقال إن الجفاف الذي نعيشه هذه السنة لم نعرف مثيلا له منذ 1981، وكلنا نعرف هذا التاريخ وما تلاه من وقائح منها أحداث الدارالبيضاء عندما نزل الجيش بثقله إلى المدينة من أجل إيقاف المظاهرات. وأكد الجامعي أن الجفاف وارتفاع الأسعار لا يبشران بالخير وقد تكون لهما عواقب سياسية، موضحا أنه يجب البحث عن الأسباب الهيكلية لهذه المشاكل، التي أظهرت عيوب حكامة الاقتصاد المغربي. ولفت إلى أن انهيار القدرة الشرائية للمغاربة يجعل المسؤولين أمام خيارين، وهما إما دعم المواطنين بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، وهو الدعم المقدم عن طريق صندوق المقاصة، أو من خلال المساعدات المباشرة أي أن الدولة تقدم مساعدات مالية للفئات المحتاجة. وشدد على أن الإشكال الكبير الموجود في المغرب هو طبيعة الاقتصاد المغربي، الذي يحمل مرضا سرطانيا هو الاحتكار والتكتلات غير الأخلاقية، وهناك قطاعات كثيرة تعيشه، مثلا الاسمنت في المغرب هو الأغلى سعرا عالميا، وفي الأبناك وقطاع الطاقة. وأبرز الجامعي أن الدول التي تكون لها حكامة معقولة في اقتصادها عندما تكون هناك أعطاب في السوق تتدخل من أجل التقنين كي لا يكون هناك احتكار وتكون هناك ترسانة مؤسساتية تمنع هذه الاختلالات. وأضاف " عندما يكون الاحتكار كبيرا يكون هامش الأرباح كبيرا أيضا لأنه عندما تكون هناك تنافسية ينعكس هذا الأسعار التي تنخفض". وتحدث الجامعي عن تحرير أسعار المحروقات سنة 2015، مشيرا أن ميزانية الدولة لم تعد تتحمل عبء دعم المحروقات علما أن هذه الوسيلة تبقى غير عادية من الناحية الاجتماعية لأن أكبر مستهلكي الطاقة هم من يملكون السيارات الفخمة والمعامل والشركات والضيعات الكبرى. وأوضح أن التحرير وتقليص الدعم كان يجب أن تواكبه إجراءات موازية منها المساعدات المباشرة أو غير المباشرة للفئات الهشة كي لا يتفاقم الفقر. وأشار أن عبد الإله بنكيران هو من كانت له الشجاعة السياسية لتحرير المحروقات، لكن مع الأسف الشجاعة تملكها لتفقير الشعب فقط، علما أنه سبق وصرح أنه عندما أراد تقديم الدعم المباشر طلب منه أخنوش أن يوقف هذا الإجراء. وتابع " طبعا نحن نعرف لماذا رفض الدعم المباشر ووقف ضده أخنوش الذي كان بمثابة وزير أول ثاني لأن المخزن لا يريد أن يردد بنكيران ومن معه للمواطنين أنهم يقدمون لهم المال والمساعدات، وهذا حقهم لأن هذه هي طبيعة السياسة، ولكي يظهر دائما أن الملكية والمخزن هم من يهتمون ويعنون بشؤون المغاربة ولا أحد يزاحمهم في ذلك". وشدد على أن الأخطر فيما قاله بنكيران ليس حديثه عن مجيء أخنوش عنده التماسه التراجع عن مشروع الدعم المباشر بل ترديده أن أخنوش أقنعه بعدم جدوى هذا القرار وصعوبة تطبيقه، علما أن المساعدات المباشرة معروفة في الأدبيات الاقتصادية وحتى البنك الدولي تحدث عن وقع تحرير الأسعار وعن إشكالات الاقتصاد السياسي والمساعدات المباشرة. وأكد الجامعي أن ارتفاع الأسعار يولد الثورة وهناك عدة نماذج تاريخية على ذلك، فأكبر الثورات في تاريخ الإنسانية تبعت تضخما كبيرا ومثال ذلك الثورة الفرنسية، والثورة الإيرانية كذلك وسوء التدبير في مداخيل البترول في عهد الشاه.