المعرض الدولي للفلاحة بباريس.. تعزيز التبادلات التجارية محور مباحثات البواري مع الوزير الفرنسي للتجارة الخارجية    دراما وكوميديا وبرامج ثقافية.. "تمازيغت" تكشف عن شبكتها الرمضانية    فتح باب الترشح لجائزة المغرب للشباب في دورتها الثانية    انعقاد مجلس للحكومة بعد غد الخميس    رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي: النظرة الجديدة لفرنسا بشأن قضية الصحراء تستند إلى حقيقة مسلّم بها    الغلاء غير المبرر للأسماك.. مطالب برلمانية للحكومة بالتدخل للحد من الاحتكار واختلالات السوق    برادة: تجويد المناهج والبرامج الدراسية جوهر كل إصلاح لمنظومة التربية والتكوين    السلفادور تجدد تأكيد دعمها لوحدة المغرب الترابية وسيادته على صحرائه    الرأس الأخضر تجدد التأكيد على "موقفها الثابت" الداعم للوحدة الترابية للمملكة    وزير التجهيز يطلع على تقدم مشاريع البنية التحتية في إقليم الحسيمة    اختتام المحطة الثانية من الدورة التكوينية للمدربين والمدربين المساعدين بكل من مدينتي الرباط والدارالبيضاء    ندوة بالمدرسة الوطنية للتجارة والتسيير بطنجة حول دور المقاولات الاجتماعية والخضراء في التنمية المستدامة    فرنسا تمهد لمعاقبة نظام الجزائر وتتوعدها بإجراءات انتقامية في نظام التأشيرات    بني أنصار .. توقيف شخص وحجز الالاف من الاقراص المهلوسة    توقيف خمسة أشخاص يشتبه تورطهم في العنف المرتبط بالشغب الرياضي    توقيف شاب بطنجة بسبب سياقة استعراضية خطيرة تهدد سلامة مستعملي الطريق    مدرب رينجرز الجديد: "عصام الشرعي لديه أخلاقيات عمل جيدة وهذا أمر مهم بالنسبة لي"    رينجرز يعين باري فيرغسون مدربا مؤقتا حتى نهاية الموسم    في حلقة جديدة من برنامج "مدارات" بالإذاعة الوطنية: نظرات حول الهوية اللغوية والثقافية للمغرب    قائمة منتخب المغرب في مواجهة النيجر وتنزانيا تعاني من نزيف الإصابات    أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء: أمطار متفرقة وأجواء باردة نسبيًا    الصناعة التقليدية.. 19,17 مليون درهم من الصادرات نحو الدول الاسكندنافية برسم سنة 2024    رصد 893 مليون محاولة تصيد احتيالي في 2024 وسط تصاعد التهديدات السيبرانية    تفكيك خلية "داعش الساحل" .. هل ينهي نواة تنظيم متطرف بالمملكة؟    برشلونة يُخطط لتمديد التعاقد مع فليك    وصفها بالإيجابية.. ترامب يعلن إجراء مباحثات "جدية" مع بوتين لإنهاء حرب أوكرانيا    مهمة علمية جديدة تبحث عن مواقع المياه على سطح القمر    "ألبوم صامت" ينبه لقلق الموسيقيين من الذكاء الاصطناعي    السيسي: نرفض تهجير الفلسطينيين وتهديد الأمن القومي لدول المنطقة    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الأخضر    ابتكار زراعي في الصين: صنف جديد من بذور اللفت يضاعف الإنتاجية ويرفع نسبة الزيت إلى مستويات قياسية    توقيف ثلاثة أشخاص بإنزكان يشتبه تورطهم في ترويج مواد صيدلانية مهربة    بني أنصار… توقيف شخص يشتبه في ارتباطه بشبكة تنشط في الترويج الدولي للأقراص المهلوسة    النفط يصعد وسط مخاوف الإمدادات بعد عقوبات أمريكية على إيران    رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي يزور العيون لتأكيد دعم فرنسا لسيادة المغرب على الصحراء    حسنية أكادير تنفي أخبارا حول ميزانية النادي ومدربه    الوقاية من نزلات البرد ترتبط بالنوم سبع ساعات في الليل    بوعياش تشيد ب"الإرادة المعلنة والصريحة للأمن في بلورة ممارسات ومقاربات مهنية تحيط باحترام حقوق الإنسان"    الشرع يشدد على وحدة سوريا و"احتكار" السلاح بيد الدولة في افتتاح مؤتمر الحوار الوطني    دراسة: المريخ كان يضم شواطئ ومحيطات بأمواج ورياح    حدث فلكي.. اصطفاف 7 كواكب في السماء هذا الأسبوع    تلاميذ طنجة أصيلة يتألقون في البطولة العربية لألعاب الرياضيات والمنطق ويحصدون ميداليتين ذهبيتين    استراتيجية المغرب في التعاون الدولي نهج استباقي، متعدد الأبعاد وشامل    دراسة.. ارتفاع معدلات الإصابة بجرثومة المعدة لدى الأطفال بجهة الشرق    دنيا بطمة تعود إلى نشاطها الفني بعد عام من الغياب    الدار البيضاء.. الأوركسترا السيمفونية الملكية تحتفي بالفنان الأمريكي فرانك سيناترا    سفير اسبانيا .. مدينة الصويرة تلعب دورا محوريا في تعزيز الروابط الثقافية بين المغرب واسبانيا    دراسة تكشف عن ارتفاع إصابة الأطفال بجرثومة المعدة في جهة الشرق بالمغرب    "كابتن أميركا" يواصل تصدّر شباك التذاكر في أمريكا الشمالية    إصابة نايف أكرد تقلق ريال سوسييداد    مناقشة أول أطروحة تتناول موضوع عقلنة التعددية الحزبية في المغرب بجامعة شعيب الدكالي    المغربي أحمد زينون.. "صانع الأمل العربي" في نسختها الخامسة بفضل رسالته الإنسانية المُلهمة    فقدان الشهية.. اضطراب خطير وتأثيره على الإدراك العاطفي    رمضان 2025.. كم ساعة سيصوم المغاربة هذا العام؟    اللجنة الملكية للحج تتخذ هذا القرار بخصوص الموسم الجديد    أزيد من 6 ملاين سنتيم.. وزارة الأوقاف تكشف التكلفة الرسمية للحج    الأمير رحيم الحسيني يتولى الإمامة الإسماعيلية الخمسين بعد وفاة والده: ماذا تعرف عن "طائفة الحشاشين" وجذورها؟    التصوف المغربي.. دلالة الرمز والفعل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لا تفقد الحكومة مصداقيتها
نشر في الصحيفة يوم 19 - 02 - 2022

لا يختلف اثنان حول كون مسؤولية الحكومة تتمثل في حسن تدبير الشأن العام وتنفيذ الوعود الانتخابية التي رفعتها مكوناتها خلال الحملة الانتخابية . لسوء حظ حكومة عزيز أخنوش أن المغرب يشهد موسما جافا شبيها بالذي عاشه نهاية الثمانينيات من القرن العشرين حيث اختفى الدقيق والأعلاف من الأسواق والمتاجر بفعل الاحتكار والاستغلال البشع للظروف المناخية والاجتماعية من طرف تجار الأزمات.
إلا أن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة حينها خففت نسبيا من حدة الأزمة (إشراف السلطات على تنظيم عملية بيع الدقيق منعا للاحتكار والزيادة في الأسعار ، إلغاء أضحية العيد، دعم الفلاحين الصغار ..). لكن الذي لم تتعامل معه الحكومات السابقة وكذا الحالية بكل حزم ومسؤولية هو ارتفاع الأسعار الناتج عن الاحتكار . فالأمر لا يتعلق بمنتوجات مستوردة يخضع سعرها لقانون السوق الدولية ، بل بمواد ومنتوجات محلية ( الأسمدة ، الأعلاف ..) يتضاعف سعرها لأربع مرات أو أكثر .ذلك أن الفلاحين الصغار ومربي المواشي يشتكون جميعهم من هذا الغلاء دون أن تتدخل الحكومة في مراقبة الأسعار .
إجراء لن يكلّف الحكومة غير إصدار مرسوم يحدد أثمنة الأعلاف والأسمدة التي ما أن يحل الموسم الفلاحي حتى ترتفع أسعارها بشكل صاروخي . ربما يتحمل الفلاح والكسّاب ارتفاع الأسعار في المواسم الماطرة أملا في مردودية أوفر تغطي المصاريف ، بينما لا عُذر للحكومة في السماح للمضاربين والمحتكرين باستغلال وضعية الجفاف لامتصاص دماء هذه الفئة . لقد حان الوقت لتتحمل الحكومة كامل مسؤوليتها الدستورية والوطنية لوضع حد لكل أشكال الاستغلال والاحتكار التي يذهب ضحيتها المواطنون عموما ،وسكان البوادي والقرى على وجه الخصوص لكونهم يتعرضون لاستغلال مضاعف: (استغلال في معيشتهم، استغلال في علف مواشيهم ، استغلال في مواد فلاحتهم ثم استغلال لجهدهم وأنشطتهم الفلاحية ) . ومعلوم أن القطاع الفلاحي يساهم بشكل رئيسي في نقاط نمو الناتج الداخلي الخام للمغرب ؛ إذ مرت نسبة مساهمته من 7٪ خلال العقد 1998-2008 إلى 17٪ خلال العقد 2008-2018 ، حسب تقرير "مخطط المغرب الأخضر: الحصيلة والآثار 2008-2018". فضلا عن كون قطاع الفلاحة يشكل أكبر مشغّل لليد العاملة بالمغرب وذلك بمساهماته بنسبة 38 % من إجمالي العمالة، والتي وصلت في المناطق القروية إلى 73.7%. هذه الأهمية الأساسية والدور المحوري الذي يلعبه قطاع الفلاحة في النمو الاقتصادي ،في التشغيل وفي توفير الأمن الغذائي للشعب المغربي أثبتت جائحة كورونا الدور الحيوي لهذا القطاع في تأمين الحاجيات الغذائية للمغاربة يستوجب على الحكومة التعجيل باتخاذ الإجراءات الضرورية للتخفيف من آثار الجفاف وإنقاذ الماشية من الهلاك بسبب الجوع والعطش .
إن حكومة عزيز أخنوش ،ومنذ تنصيبها ،تعلقت حولها آمال ملايين المغاربة اعتبارا لأمرين جوهريين:
أولهما : إزاحة البيجيدي عن رئاسة الحكومة التي استغلها ، لمدة عقد من الزمن، في إغناء أعضائه وإفقار الشعب المغربي . وما يعانيه المغاربة اليوم من شدة الغلاء وقسوة المعيشة إنما يتحمل فيه البيجيدي ، بشكل كبير ،المسؤولية بسبب القرارات المجحفة التي اتخذها ، وعلى رأسها: تحرير أسعار المحروقات ،إلغاء صندوق المقاصة، تجميد الزيادات في الأجور ، إلغاء الترقيات . يضاف إلى هذه القرارات الظالمة ، قرار الاستدانة التي باتت تثقل خزينة وتستنزف جزءا مهما منها كان من المفروض أن يُوجه نحو الاستثمار وتجويد الخدمات الاجتماعية ( نهاية سنة 2020، بلغت خدمة الدين حوالي 41 مليار درهم، مقابل 29 مليار درهم سنة 2019، و28 مليار درهم سنة 2018 ، ويتوقع أن تبلغ خدمة الدين 45 مليار درهم سنة 2024) .
ثانيهما : تنفيذ النموذج التنموي الجديد الذي بلورته الكفاءات المغربية بالانفتاح على مختلف شرائح المجتمع وقواه السياسية والاقتصادية والمدنية الحية . ومعلوم أن النموذج التنموي السابق استنفذ فاعليته وطموحه ، مما فرض البحث عن نموذج تنموي جديد يستجيب لتطلعات الشعب وطموحاته . فلا خيار أمام الحكومة سوى أجرأة مضامين هذا النموذج وتجسيده على أرض الواقع . وأي فشل ، لا قدر الله، سيدفع الشعب والوطن ثمنه .
إن الدولة الاجتماعية التي ترفع الحكومة شعارها تقتضي اتخاذ إجراءات حازمة ، خصوصا في وضعية الجفاف هذه التي يعرفها المغرب ، وكذا ارتفاع أسعار المحروقات . وفي مقدمة تلك الإجراءات التي يمكن أن تخفف من انعكاسات الجفاف على الفلاحين ومربي المواشي أساسا ، ثم عموم المواطنين :
1 إحداث صندوق تضامني خاص لمحاربة آثار الجفاف يتم تمويله من مساهمات الفلاحين الكبار الذين استفادوا لعقود من الإعفاء الضريبي ، وكذا الموظفين السامين والوزراء والبرلمانيين ،وجزءا من أرباح شركات توزيع المحروقات التي استغلت تواطؤ حكومتي البيجيدي معها لتوسيع هامش الربح . وفي هذا الإطار على الحكومة استرجاع مبلغ 17 مليار درهم الذي راكمته هذه الشركات بشكل غير قانوني وفق تقرير لجنة التقصي البرلمانية.
2 مراجعة أسعار المحروقات بما يتناسب مع القدرة الشرائية لعموم المواطنين ، مع تقليص هامش الربح المبالغ فيه (درهمان في كل لتر) ، بالإضافة إلى إعادة تشغيل "لاسمير" بأي طريقة كانت حتى وإن أدى الأمر إلى تأميمها عبر اكتتاب وطني .
3 إلغاء الدعم المالي المخصص لتجديد أسطول الشاحنات والحافلات وسيارات الأجرة ، وكذا الدعم الذي يستفيد منه كبار الفلاحين (الإعفاء الضريبي ، 4000 درهم عن كل عجل مولود ، الدعم لاقتناء الآليات والمعدات الفلاحية ..).
4 توفير الأسمدة والأعلاف والبذور في الأسواق ، وفق التعليمات الملكية ، مع تقنين أثمنتها وتشديد العقوبات ضد كل المخالفين والمحتكرين. إذ أثبتت التجربة أن الأعلاف المدعّمة لا تنج من الاحتكار ورفع الأسعار .
5 مراجعة أنظمة أسواق الجملة لتقليص تدخل الوسطاء وللحفاظ على أسعار معقولة للمنتوجات الفلاحية تنفيذا لرأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي الذي أكد أن الوسطاء يزيدون من حدة المضاربة "مما يكون له انعكاس جلي على المنتج والمستهلك على حد سواء، خاصة بالنسبة للفواكه والخضروات، حينما لا تواكبها مراقبة صارمة ومستمرة ومكثفة بالقدر الكافي".
6 تنفيذ التوجيهات الملكية لرئيس الحكومة ووزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات ،بالإسراع بتنفيذ البرنامج الاستثنائي الذي أعدته الحكومة لمواجهة آثار الجفاف وتقديم المساعدة للفلاحين ومربي الماشية المعنيين بهدف حماية الرصيد الحيواني والنباتي ، وتدبير ندرة المياه .
إذا كانت حكومة عزيز أخنوش غير مسؤولة مباشرة عن ارتفاع أسعار المحروقات وانعكاساتها على أسعار باقي المواد الاستهلاكية ، أو عن الجفاف الذي هو ظاهرة بنيوية في المغرب ، فإنها اليوم مسؤولة عن حسن تنفيذ البرنامج الاستثنائي باتخاذ التدابير اللازمة حتى تذهب المساعدات إلى مستحقيها . وكل تأخير لها عن اتخاذ الإجراءات العاجلة للتخفيف عن المواطنين من آثارهما ، سيجعلها مسؤولة أمام الملك وأمام الشعب ؛ الأمر الذي يضع مصداقيتها في الميزان ويحيي آمال المتربصين بها في العودة إلى المشهد السياسي والاجتماعي بعدما خرّبوهما .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.