بعد عقود من الانتظار السريري الذي عاشه الشعب المغربي منذ الاستقلال الناقص إلي اليوم. والفرص الضائعة في ركوب قطار الديمقراطية الحقيقية والتحديث والتنمية في خضم صراع الفرقاء السياسيين حول طبيعة النظام السياسي وانتصار تصور الراحل الحسن الثاني في تطبيق ملكية تنفيذية متحكمة في النسق السياسي والحزبي عبر دسترتها في دستور الممنوح. أدى هذا الواقع إلى ضغط القوى المعارضة المتجلي في انتفاضات شعبية وانقلابات عسكرية متكررة. إلا أن انتصار المخزن في جميع معاركه ضد خصومه وسيطرته على الاقتصاد الوطني وارتفاع أسعار الفوسفاط كان مصدرا لشراء النخب السياسية تقوية الشبكات المستفيدة منه. وساعدته هذه العوامل على إحكام قبضته على الشأن السياسي والاقتصاد للبلاد. وبعد الأزمة الاقتصادية في الثمانينيات وتحذير صندوق النقد الدولي لحكام الرباط من السكتة القلبية وصراع القصر مع المعارضة الاتحادية، كل ذلك أدى إلي بلورة تجربة التناوب التي فشلت نتيجة سيطرة قوى الفساد السياسي علي مركز القرار وعدول القصر عن المنهجية الديمقراطية بتعيين حكومة تكنوقراطية بعد أحداث 16 ماي 2003 والمحاولة المخزنية لتأسيس قطب يميني لخلق أغلبية مخزنية جديدة بتحالف مع بعض القوى اليسارية للسيطرة على المشهد السياسي المريض والمنهك جسديا وعقليا بعد شيخوخة نخبه وعدم استطاعتها مواكبة دينامية محمد السادس، لوضع المغرب على سكة البلدان النامية بعد تحوله – أي المغرب- إلي صف الدول النائمة. أفشل الحراك الإقليمي المشروع الاحتوائي للمخزن وكشف عن بطلان نظرية الاستثناء المغربي وأن أجهزة التحكم المركزي أصبحت تفقد بطاريتها المشحونة بالخوف، وأضحى من الضروري البحث عن طاقات جديدة بديلة لضبط المشهد. وبعد صعود القوى الإسلامية كفاعل أساس في المشهد السياسي الإقليمي والمغربي وضعف التحكم المخزني في الشأن الديني بعد تزايد التأثير الخارجي وتعدد وسائل الاستقطاب الديني وعودة خطاب ديني شبيه ببداية دخول الإسلام إلي بلاد الامازيغ مما جعل المخزن يتحالف مع حزب العدالة والتنمية لتجاوز مرحلة الخطر ليعود المغرب لرسم معالم جديدة لانتقال ديمقراطي بقوى "جديدة" في ظل تخوف القوى السياسية الكلاسيكية من سيطرة أحزاب الإسلام السياسي على المشهد السياسي بعد تراجع أحزاب العالم القروي في ضبط الهوامش وأحزاب اليمين الإداري واليسار في ضبط المدن وشيخوخة الأعيان والطبقة الحزبية الفديمة مما نتج عنه عجز المخزن في ضبط المجال خصوصا بعد 20 فبراير التي زادت من احتمال تنامي موجات الاحتجاجات الشعبية بسب المناخ الإقليمي المضطرب والوضع الاقتصادي العالمي المتأزم وتداعياته المباشرة علي الوضعية المعيشية للطبقات الشعبية المرتبطة بالأنشطة الاقتصادية ذات الصلة بار وربا كالهجرة والتجارة الدولية في المواد المخدرة وتهريب المواد البترولية والغذائية و السياحة. وأمام تصاعد التيارات الشعبوية و"التشمكير" السياسي داخل الأحزاب، وفشل مشروع عقلنة المشهد السياسي الذي دفع به المخزن في اتجاه "الفلكلرة" والفكاهة السياسية الدينية التي أدّت إلى انحطاط القاموس السياسي. ونظراً لاستعصاء اجتثاث المشروع الإصلاحي لحزب العدالة والتنمية الذي يلقى معارضة قوية من داخل هياكل المخزن العتيد والأحزاب المستفيدة من الريع السياسي و الفوضى السياسية رغم مهادنة البنكيرانيين للمتسلطين على الوطن والشعب مما يجعل جميع مشاريع المغرب مؤجَّلة من ديمقراطية وعدالة اجتماعية و حكم ذاتي وإنصاف للامازيغية... وفي الأخير نطلب من المينورسو توسيع صلاحياتها لتشمل تحديد معايير المواطنة لرفع الوصاية علي الشعب المغربي وتحديد الحالة العقلية للنخب السياسية المغربية لتفادي الهزات العصبية التي بدأت تظهر أعراضها على أغلبية المواطنين المغاربة. دار الكبداني الدريوش 12\05\2013