– بات في حكم المؤكد أن سفير فلسطين في المغرب أصبح في وضع "الشخصية غير المرغوب فيها" مع وقف التنفيذ في انتظار انتهاء مهامه رسميا كممثل لبلاده لدى الرباط خلال شهر. وعلم موقع "لكم. كوم" من مصادر موثوقة أن السفير الفلسطيني أحمد صبح طرد فعلا من الرباط عندما طلب منه يوم 4 ماي الجاري مغادرة المغرب خلال 48 ساعة، وهو ما تم بالفعل حيث عاد الدبلوماسي الفلسطيني إلى رام الله يوم 26 ماي. ومنذ ذلك التاريخ ظلت سفارة فلسطين، لأول مرة في تاريخها منذ اعتراف المغرب بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني عام 1974، شاغرة لمدة أسبوعين وبدون ممثل لفلسطين التي يعتبرها المغاربة قضيتهم الوطنية. وحسب نفس المصادر فقد جرت اتصالات على أعلى مستوى بين الرباطورام الله من أجل إيجاد حل للمشكل الذي جاء ليؤزم العلاقات المغربية الفلسطينية، وحلت شخصية فلسطينية رفيعة المستوى بالرباط ليتوصل الطرفان المغربي والفلسطيني إلى تسوية "حبية" للمشكل، تتمثل في عودة السفير مؤقتا حتى انتهاء مهمته التي لم يتبق على ولايتها سوى شهر واحد، رغم أنه كان قد طلب تمديد بقائه عاما آخر وهو ما تمت الموافقة عليه. وطبقا لذات المصادر فإن قرار الطرد مازال قائما، وقد تم تأجيله حتى نهاية ولاية السفير كي لا يأخذ القرار أبعادا أخرى، خاصة وأنها المرة الأولى في تاريخ العلاقات المغربية الفلسطينية التي يقدم فيها المغرب على طرد سفير فلسطين من أرضه، بل وهي المرة الأولى التي يطرد فيها سفير فلسطيني من دولة عربية وإسلامية. وطبقا لمراقبين فإن العلاقات المغربية الفلسطينية لم تشهد مثل هذا القرار الذي وصفته ب "المهين" للقضية الفلسطينية ولشعور المغاربة الذين ظلوا دائما يناصرونها، وذلك حتى في أسوء مراحل أزماتها. ونقل الموقع عن مراقبين في الرباط أنه حتى أوج الخلاف المغربي الفلسطيني عام 1987 عندما قال الملك الراحل الحسن الثاني في خطاب موجه للشعب إنه سيلطخ باب أي مغربي ب "داك لي ما يتسمى" (في إشارة إلى البراز البشري) إذا ناصر القضية الفسطينية، وذلك ردا على حضور وفد من جبهة "البوليساريو" إلى مؤتمر منظمة التحرير الفلسطينية المنعقدة في الجزائر، لم يقم المغرب بطرد ممثل فلسطين آنذاك في الرباط السفير أبومروان، الذي ظل في مكتبه بزنقة سوسة إلى أن عادت العلاقات إلى طبيعتها وتشبثت الرباط ببقاء أبومروان سفيرا لبلاده في الرباط بعد ذلك لعدة سنوات إلى تقاعده بالمغرب. وحسب معلومات استقاها الموقع من مصادر متطابقة فإن قرار طرد السفير الفلسطيني الحالي من منصبه يعود إلى تقارير رفعت إلى جهات عليا في المغرب حول ملاحظات أبداها الدبلوماسي الفلسطيني أمام مسؤولين مغاربة حول أهمية تفعيل لجنة القدس التي يرأسها الملك محمد السادس، وكذا ملاحظاته على طريقة صرف أموال بيت القدس الذي أنشأه المغرب للحفاظ على الهوية العربية والإسلامية للقدس. وكانت عدة تقارير صحفية تحدثت عن تجميد نشاط لجنة القدس التي لم تعقد أي اجتماع لها منذ 12 سنة، وهو ما حذا بدولة قطر رئيس القمة العربية حاليا إلى إبداء رغبتها في تولي رآسة هذه اللجنة لتنشيط دورها خلال انعقاد القمة العربية الأخيرة بالدوحة مما أدى إلى توتر في العلاقات المغربية القطرية مازالت تداعياته تنعكس سلبا على البلدين. وأمام تمسك الرباط برآسة لجنة القدس بادرت الدوحة إلى خلق صندوق ب 500 مليون دولار خلال القمة العربية الأخيرة لدعم القدس وهو ما رآى فيه المغرب منافسة للصندوق المغربي "بيت مال القدس"، الذي تواكب آدائه العديد من الانتقادات بخصوص صرف أمواله التي تنفق على ندوات ومؤتمرات تعيد انتاج نفس الأدبيات أو على سفريات كبار أطره ومديره، المدغري العلوي الوزير السابق للأوقاف والشؤون الإسلامية لمدة 18 سنة في عهد الملك الرحل. وتزامن قرار طرد السفير الفلسطيني مع انتقادات عصام العريان، القيادي في حزب "العدالة والحرية" الحاكم في مصر، لدور الملك محمد السادس على رأس لجنة القدس، وهو ما فسرته الرباط بأنه من وحي الحرب غير المعلنة بين الرباطوالدوحة على رآسة هذه اللجنة، وربطت ذلك بالتأثير الكبير الذي باتت تمارسه إمارة قطر على حزب "الاخوان المسلمين" في مصر. وهو ما دفع الرباط إلى شن حملة إعلامية واسعة لإبراز دور الملك كرئيس للجنة القدس، وإبراز دور بيت "مال القدس" في الحفاظ على الهوية العربية والإسلامية للمدينة القدس. ويربط مراقبون بين قرار المغرب التراجع عن قرار طرد السفير الفلسطيني مؤقتا، وبين تصريحات العريان وذلك في اتجاه احتواء تداعيات الأزمة قبل أن تتخذ أبعادا أخرى يصعب احتواها.