قال أحمد شوقي بنيوب المندوب الوزاري المكلف بحقوق الإنسان اليوم الثلاثاء، إن السنوات الأخيرة عرفت ارتفاع وتيرة ادعاءات بانتهاكات جسيمة في حقوق الإنسان ووجود ردة حقوقية بالمغرب. واعتبر بنيوب خلال حلوله ضيفا على ملتقى وكالة المغرب العربي للأنباء لتقديم الاستعراض الخاص حول حماية حقوق الإنسان أن أطروحة الانتهاكات الجسيمة والردة الحقوقية غير صحيحة، في حين يوجد إشكال آخر جدي، يتمثل في أزمة تطور نظام حماية حقوق الإنسان في بلادنا، وأزمة في معادلة حقوق الإنسان وحفظ النظام العام. وانتقد بنيوب بشدة غياب التقارير الموثقة لحالة حقوق الإنسان سنويا، مشيرا إلى أنه ومن أصل 30 جمعية حقوقية، لا تصدر سوى ستة منها تقارير سنوية موثقة للوضع، فضلا عن تراجع تقارير المؤسسات أيضا، وهذا الغياب هو ما يفتح الباب أمام سوء الفهم وسوء القول والاستنتاج. وباستثناء البلاغات والبيانات، التي اعتبر بنيوب ألا قيمة لها في التوثيق، فقد سجل أنه لا توجد تقارير عامة أو خاصة نتيجة أبحاث ميدانية أو تقصي الحقائق ترتبت عنها خلاصة تفضي إلى وجوة انتهاك جسيم لحقوق الإنسان بالمغرب، وهو نفس الأمر مع غياب أي تقرير حول موضوع الحكامة الأمنية وحقوق الإنسان، ومدى التوازن بين حقوق الإنسان والأمن العام، في حين تدور مقاطع الفيديو بسرعة الضوء. واعتبر بنيوب أنه يوجد خطابان حقوقيان، خطاب متشدد راديكالي غايته التنديد والبحث عن التشكيك، وهو خطاب أقصى المعارضة، له حقه في التعبير، ويعد أكبر حجة على حرية التعبير، مقابل خطاب إصلاحي متفاعل يرمي إلى الاشتباك مع السياسات العمومية. وبخصوص التضييق على الجمعيات، فقد أشار المتحدث إلى أنه وحتى بالتسليم بوجود مشكل، إلا أنه لا يوجد ملف توثيقي واحد من أي جهة حول وضعية الخروقات والانتهاكات، يضم توثيقا كاملا للجمعيات المعنية، ولماذا لم يتسلم منها الطلب. ورغم أن المندوب الوزاري أكد على أن تقريره لا يرد على جمعية وإنما هو رد على المعطيات المتوفرة في شموليتها، إلا أنه عاد وعبر عن استغرابه من إثبات تقرير لإحدى الجمعيات انتهاكا بالرجوع لتقرير لمنظمة دولية تخوض حملة منظمة ضد الصحراء المغربية. واعتبر أن هناك استغلالا سياسيا أجنبيا، ممثلا لذلك بمنظمة مراسلون بلا حدود، مشيرا إلى أنه اعتذر عن استقبالها نهاية الشهر الماضي، بسبب عدم إنصاتها لمختلف الأطراف، وعدم أخذ مسافة الحياد اللازمة في الصحراء المغربية، معتبرا أن من أراد تقديم توصيات حول الصحراء المغربية عليه أن يزور الرباط والأقاليم الجنوبية ثم يذهب لتندوف للوقوف على الأوضاع، ليكون هناك حياد. كما قال المندوب إن هناك هجوما على الأحكام والمحاكم، في حين لا يوجد تقرير واحد لملاحظة المحاكمات، ما عدا تقارير المجلس الوطني في ملاحظاتها على أحداث الريف وقضايا صحافيين متابعين حول الحق العام، إذ تغيب تقارير حول الشق المتعلق بالضمانات، في حين باتت الأحكام معروضة للطعن على قارعة الطريق. وأبرز غياب ادعاءات صريحة باعتقال شخص أو إيقافه في مركز سري غير نظامي، أو ادعاءات باختفاء قسري، وغياب ادعاءات متواترة بالتعذيب إذ إن تباينا كبيرا بين المنظمات الحقوقية في هذا الباب، فضلا عن أنه لا توجد أي حالة تخص اضطهاد حرية الفكر. وبخصوص الاعتقال التعسفي، أشار المندوب الوزاري إلى غياب تقارير توثق ادعاء الاعتقال التعسفي، من خلال توثيق تجاوز الحراسة النظرية وتجاوز المدان مدة الاعتقال الاحتياطي. ومقابل نفيه لوجود انتهاكات أو ردة، أكد بنيوب وجود أزمة تطور في حقوق الإنسان، تبرز بالأساس في عدم عناية السلطة الحكومية والبرلمانية بتوصيات المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وتراجع التدخل المؤسساتي من خلال إصدار التقارير، والتراخي في الالتزامات الدولية المتعلقة ببلادنا، من قبيل اتفاقية الاختفاء القسري،التي بقي إعدادها وتقديمها في غرفة الانتظار لسنوات، إضافة لتقرير لجنة مناهضة التعذيب، التي لم يصدر تقريرها، ناهيك عن التدبدب في مسار الخطة الوطنية للديمقراطية وحقوق الإنسان. وبخصوص حرية التجمع والتجمهر فقد أشار المندوب إلى أن المهيمن لحد الساعة هو الحفاظ ما أمكن على ضبط النفس من الطرفين، منتقدا غياب قوة اقتراحية واضحة الرؤية في تدبير التجمهر. ودعا بنيوب إلى مواصلة تقوية التفاعل مع الآليات الأممية، وتحصين المكتسبات، و مراجعة المنظومة الجنائية، وتقوية التنسيق المؤسساتي والتعاون جهويا بين المتدخلين، وإجراء حوارات رصينة حول القضايا الخلافية. والتزم المندوب الوزاري بتقديم مجموعة من التقارير في الأشهر المقبلة، منها تقرير حول وضعية حقوق الإنسان بالأقاليم الجنوبية، وآخر حول الحكامة الأمنية وحقوق الإنسان، وآخر حول ضمانات المحاكمة العادلة، مع فتح حوارات مع الجمعيات، فضلا عن تنظيم مؤتمر علمي جامعي حول حقوق الإنسان.