الحرب سجال وجولات ، قد تكسب كل معاركها وتخسر المعركة الحاسمة والعكس صحيح، أي إنك قد تخسر كل معاركها وتربح المعركة الحاسمة.لكن يجب التنويه بأن بعض المعارك التي قد تكسبها تكون خسائرها جسيمة جدا ومؤلمة وجراحها غائرة . صحيح أن المغرب قد ربح الجولة الأخيرة من معاركه المستمرة مع جبهة البوليساريو، بعدما تراجعت الولاياتالمتحدةالأمريكية عن تقديم مشروع قرار يقضي بتوسيع مهمة المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان في الصحراء، ولكن من المؤكد أن خسائره كانت كبيرة وتعويضها وتجاوز آثارها يتطلب الكثير من الجهد والسرعة في التحرك و النضج في المواقف والابتعاد عن الانفعال والمبادرة إلى ممارسة الضغط الديبلوماسي المستمر والابتعاد عن تضييع الوقت الذي لا نملكه أصلا، كي نتمكن من ترميم الآثار السلبية المترتبة عن مجرد تفكير الولاياتالمتحدة في طرح هذه القضية في أروقة الأممالمتحدة . 1. سقوط الوهمين الكبيرين ربما الإيجابي في أية أزمة أنها تمكن النبيه الكيس الفطن من استخلاص العبر والدروس، وتنور له الطريق كي يستطيع تقدير الموقف تقديرا سليما مستقبلا.وفي تقديري فإن الأزمة الأخيرة التي مر منها المغرب قد أسقطت على الأقل وهمين كبيرين انبنى عليهما الموقف المغربي لعقود في قضية الصحراء. - الوهم الأول : أمريكا حليف استراتيجي للمغرب ! مقولة ما فتئ ساساتنا وأصحاب القرار ببلادنا يرددونها لوحدهم فقط، ردحا من الزمن وانتهى بهم كثرة استعمال هذه المقولة إلى تصديقها والاقتناع حقا أن المغرب حليف استراتيجي للولايات المتحدةالأمريكية وما يعني ذلك بالنسبة إليهم من دعم لا مشروط للحليف مهما كان موقفه وموطئ قدمه، تماما كما يحدث بين إسرائيل وأمريكا حيث لا تترد هذه الأخيرة في دعمها في كل المجالات وعلى كل الصعد وخصوصا في أروقة الأممالمتحدة . لقد اكتشفنا بشكل فج أننا لن نعدو كوننا دولة صديقة لأمريكا،كما هي الجزائر صديقة لأمريكا أو ربما أقل نظرا لطبيعة العلاقات الإقتصادية بين أمريكا والجزائر ، وعليه يجب أن نبني علاقتنا مع هذا البلد على هذا الأساس وبالنتيجة على أساس العقيدة البراغماتية التي تتحكم في السياسة الأمريكية :"ليس هناك أصدقاء دائمين وأعداء دائمين،بل مصالح دائمة".بمعنى أن صداقة أمريكا تدور حيث تدور مصالحهاكدولة وكشركات. ومن هنا لا يمكن التعويل على دعم لامشروط من طرفها للمغرب أو التعويل على بقائها في موقع المدافع الدائم عن مواقفنا في الصحراء، إذا كان هناك تعارض بين مصالحها والآثار المترتبة عن هذا الدعم . نعم، سقط الوهم وتبين أن هذه الدولة لن تكون إلى جانبنا إلا بالقدر الذي تطمئن فيه إلى مصالحها كدولة وكشركات . في هذا الصدد يجب التنويه أن الدولة الأمريكية لا تخفي انزعاجها من الحظوة التي تتمتع بها فرنسا وشركاتها ببلادنا.وفي تقديري فإن المفاجأة والصدمة التي أصابت بعض الفاعلين السياسيين ببلادنا من الموقف الأمريكي يعود بالأساس إلى سوء تقدير لمدى براغماتية وحتى ميكيافيلية الساسة الأمريكيين،كما يعود بالضرورة إلى ضعف التحليل للموقف الأمريكي خصوصا مع ظهور الربيع العربي و تبنيها،أي أمريكا، لنظرية الفوضى الخلاقة، في أفق إعادة ترتيب منطقة شمال إفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط (MENA). لست من الذين يقولون أن أمريكا عدو للمغرب ، فهذا كلام غير معقول ولا مقبول، لكن أمريكا لها مصالح وترتيب، علينا أن نعيهما، كما يجب أن لا ننسى، أن ليس كل ما يصدر عن أمريكا خاضع لمنطق المصالح فقط، بل هناك بعض الساسة وفعاليات المجتمع المدني الأمريكي الذين ما زالوا يصدرون مواقفهم من القيم والمبادئ المؤسسة للثورة الأمريكية كالحرية والعدالة والمساواة واحترام حقوق الإنسان، وهؤلاء لن يترددوا في الضغط على حكومتهم كي تتبنى موقفا داعما للقضايا الإنسانية التي يعتقدون بعدالتها. وهذا ما يجب أن يدفعنا إلى التساؤل عن أسباب ضعف التأييد الدولي لقضيتنا الوطنية عموما. في تقديري لا يعود هذا الضعف طبعا إلى ضعف عدالة قضيتنا،بل للأداء المتواضع لديبلوماسيتنا سواء الرسمية أو الموازية التي تقوم بها الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني. وهو الأداء المتسم بالارتجال والتسرع والانفعالية والتسويق السيئ لقضية الصحراء وللتطورات التي عرفها المغرب أخيرا في المجال الحقوقي والسياسي. هناك قاعدة ذهبية تقول: إن وضوح الفكرة عند صاحبها لا يعني بالضرورة وضوحها عند الآخرين. نعم قضيتنا عادلة لكن سوء التسويق لها أوضعفه أوعدم القدرة والكفاءة في تصريف الموقف السليم والتحرك المناسب وفي الوقت المناسب ، يدفع عدد من الحكومات أو منظمات من المجتمع المدني في بلدان أخرى إلى تبني وجهة نظر الآخر/ العدو الذي قد يعوض ضعف حجته بقوة تحركه وأدائه وتوظيفه لعلاقاته وعلاقات أصدقائه وحلفائه.نعم قضيتنا عادلة لكننا جعلناها غير ذلك عند بعضهم بأخطائنا المتواترة القاتلة وضعف فاعليتنا مما سهل البروباغاندا المعادية حتى أصبحت قضيتنا، التي هي بالأساس قضية استكمال التحرير وتصفية استعمار، قضية احتلال ومصادرة حقوق الإنسان . عادة ما تحسم المعارك في التفاصيل، ويكفي سوء تصرف أو تسرع في اتخاذ موقف أو انفعال لحظة أو إغفال تفصيل من تفاصيل القضية حتى يلتبس الحق بالباطل ويصبح المخطئ محقا والمحق مخطئا ، خصوصا في زمن حضارة الصوت والصورة . أليست الأخطاء هي من صنع أسطورة أمينتو حيدر وقضية مجموعة التامك وأاكديم إيزيك..الخ، ألم تخدم الفديوهات التي جابت العالم ، شرقا وغربا ، شمالا وجنوبا ، على اليوتوب والتويتر أطروحة البوليساريو حول انتهاك حقوق الإنسان في الصحراء حينما تم تصوير منع الشرطة المغربية لتظاهرة نسائية مؤيدة للبوليساريو،لا يتعدى عدد المشاركات فيها أصابع اليد وكان هدف هذه التظاهرة استفزازيا بالأساس في يوم شهد زيارة المبعوث الأممي روس للصحراء؟ . كيف ننسى في زمن حضارة الصوت والصورة ، زمن الهواتف الذكية واليوتوب والتويتر والتليفونات الفضائية أن ما قد يصور في شوارع العيون أو السمارة أو بوجدور من أحداث يمكن أن يدور حول العالم ويشاهده مئات الملايين قبل أن يصل إلى المسؤولين في بلادنا في كثير من الأحيان ؟ . -الوهم الثاني : فيتو فرنسا المسلول! ك"سيف الله المسلول" كان الساسة المغاربة يتوقعون دائما أن تلجأ فرنسا إلى استعمال الفيتو( حق النقض)كلما بدا في الأفق ما يهدد موقفنا في الصحراء داخل المنتظم الدولي . ولقد كان المغرب مطمئنا بشكل كبير للموقف الفرنسي الداعم خصوصا بعد زيارة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند لبلادنا وإرساله رسائل إيجابية في ما يتعلق بالمقترح المغربي بمنح الصحراء المتنازع حولها حكما ذاتيا، ليتبين أياما بعد هذه الزيارة مدى الوهم الكبير الذي كنا نتشبث به في هذا الصدد.ففرنسا كقوة كبرى غير قادرة على المضي بعيدا في تأييدها للموقف المغربي لاعتبارات ثقافية وسياسية واقتصادية تتحكم في العلاقات الفرنسية الجزائرية بنفس القدر الذي تتحكم فيه في العلاقات المغربية الفرنسية خصوصا في ظل حكم الحزب الإشتراكي الحاكم اليوم. ثم إن فرنسا في ظل الحكم الإشتراكي اليوم لن تستعمل حق النقض ضد أمريكا خصوصا في قضية تحمل عنوانا حقوقيا. 2. خلاصات أساسية من خلال التحركات التي قام بها القصر والحكومة المغربية ومنظمات المجتمع المدني والمجلس الوطني لحقوق الإنسان والأحزاب المغربية والتعبئة القصوى التي عرفها الشارع المغربي في الأيام والساعات الأخيرة التي سبقت التصويت على قضية الصحراء في أروقة الأممالمتحدة وأدت إلى تراجع الولاياتالمتحدة عن قرارها القاضي بتوسيع صلاحيات المينورسو، نستنتج مجموعة من الخلاصات الأساسية التي يجب العمل بمقتضاها مستقبلا. الخلاصة الأولى : أمريكا دولة عظمى ،نعم، لكن هناك دول عظمى أخرى كالصين وروسيا لها قدرة على استعمال الفيتو بالقدر الذي تستعمله أمريكا ،كما أن هناك دول كبرى كفرنسا وبريطانيا اللتين تتمتعان بحق النقض . وإذا كان من الصعب التعويل على موقف داعم لقضيتنا من طرف بريطانيا خصوصا في معارضة الموقف الأمريكي، وإذا كان من الصعب الطلب من فرنسا أن تتحمل ما لا طاقة لها به داخليا وخارجيا ، فإن في انفتاح سياساتنا الخارجية على الدولتين العظميين روسيا والصين سيكون له أثر أكثر من إيجابي على موقفنا مستقبلا باعتبار النفوذ الكبير الذي يتمتعان به في المنتظم الدولي وعلى الكثير من دول العالم . كما أن هناك قوى دولية كالهند وألمانيا والبرازيل وأستراليا وكندا وإسبانيا وإيطاليا وتركيا وهناك دول إقليمية وازنة أخرى يجب إعادة تقييم العلاقة معها و الموقف منها في أفق تقريبها من الموقف المغربي أو على الأقل تحييدها في الصراع الدائر في منطقتنا . الخلاصة الثانية : يتأكد يوما بعد يوم أن المغرب قد تمتع بمكانة اعتبارية في العالم العربي والاسلامي نظرا للدور الذي كان يلعبه في قضية القدس ومنظمة المؤتمر الإسلامي والجامعة العربية ودول عدم الانحياز . لكن تراجع دروه على هذه الساحات خلال العقد الأخير قد أساء إليه بالقدر الذي سهل مأمورية خصومه في الصحراء.وقد آن الأوان لاستدراك هذا الأمر في اتجاه تعميق التقارب مع دول العالم العربي والإسلامي ودول عدم الانحياز لما تمثله من عمق استراتيجي لبلادنا و ما قد تقدمه لنا من إمكانيات هائلة للدعم لقضيتنا الوطنية. الخلاصة الثالثة : نحن جزء من إفريقيا فكيف يعقل أن نشارك الأفارقة بطولة الأمم الإفريقية في كرة القدم أو السلة أو ألعاب القوى وفي البنك الإفريقي للتنمية ونرفض مشاركتهم في منتظمهم الإفريقي:منظمة الوحدة الإفريقية ؟!. لم يعد مقبولا ولا مسموحا أن نمارس سياسة الكرسي الفارغ في منظمة الوحدة الإفريقية بحجة أن البوليساريو متواجد في هذه المنظمة . فالأفارقة لم ولن يفهموا كيف يستمر المغرب في مقاطعة منتظمهم منذ عقود لوجود البوليساريو فيه،في الوقت الذي يقبل فيه الجلوس مع البوليساريو على طاولة المفاوضات التي ترعاها الأممالمتحدة لإيجاد حل لقضية الصحراء . آن الأوان لاستدراك هذا الأمر فلقد أصبح وجودنا في هذه المنظمة ضرورة حيوية، وأكيد أنه بوجودنا فيها سنضيق الخناق على خصومنا ونقلل من هوامش التحرك والمناورة لديهم . - الخلاصة الرابعة : مهما تكن فاعليتنا وأداؤنا في السياسة الخارجية فإن عامل التماسك الوطني وتعبئة جل المغاربة من أجل قضيتهم الوطنية يعد بحق أكبر ضمان لاستمرار مغربية الصحراء. ولقد آن الأوان أن يحظى الرأي العام الوطني خصوصا في مكونه الصحراوي بدور طليعي في بلورة السياسات والتدابير التي يتوجب على المغرب القيام بها من أجل دعم حقوقه المشروعة . آن الأوان أن تطلع الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني بأدوار الشريك الحقيقي في تدبير هذا الملف لأن من شأن هذا الإشراك والمشاركة أن يرفع من منسوب التعبئة ويخرجنا من العمل والاهتمام الموسمي، أي كلما حلت بنا الانتخابات أو حاصرتنا المشاكل كما حدث أخيرا عندما أرادت الولاياتالمتحدةالأمريكية توسيع صلاحيات المينورسو. إن الموسمية تسيئ إلى قضيتنا الوطنية وتعطي انطباعا أن هذه القضية ليست قضية شعب بل قضية نظام سياسي لا يلجأ إلى الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني والشعب إلا ساعة العسرة وعندما تحاصره الإكراهات كما حدث أخيرا . فلنحرص أن تكون التعبئة مستمرة والتشاور متواصل خصوصا مع أهلنا في الصحراء ولنفهم العالم أن قضية الصحراء قضية أمة وحضارة وتاريخ . 3. كيف نطور أداءنا في الصحراء؟ أ . تحسين وضح حقوق الإنسان بشكل عام ما زال المغرب يعرف الكثير من الصعوبات في مجال احترام حقوق الإنسان ولقد أثرت الحرب على الإرهاب كثيرا في هذا الصدد ، كما أن تداعيات الحراك في المغرب منذ 20 فبراير 2011 وتداعيات الأحداث المتتالية في الصحراء خلال السنوات الأخيرة قد زاد الطين بلة . مما يتطلب اليوم الإسراع إلى تحقيق مصالحة وطنية قد يكون مدخلها إصدار عفو شامل في حق المعتقلين السياسيين وإعادة إدماجهم في المجتمع وجبر ضرر كل من عانى من انتهاك حقوقه و الحيلولة دون تكرار ما جرى تنفيذا لمقتضيات توصيات هيأة الإنصاف والمصالحة وجعل حد للإفلات من العقاب . إن من شأن طي صفحة الاعتقال السياسي ومعالجة آثاره أن يزيد من منسوب الثقة لدى المغاربة من طنجة إلى لگويرة ويرسل إشارات إيجابية مطمئنة إلى المنتظم الدولي . كما أن من شأن دعم مهام المنظمات الوسيطة في مجال حقوق الإنسان كالمجلس الوطني لحقوق الإنسان والجمعيات الحقوقية وتمكينها من الإشتغال بشكل شفاف ومسؤول ومن دون إكراهات وقيود أن يرفع من مصداقية هذه المنظمات و يساهم في تطوير وضع حقوق الإنسان ببلادنا. ب. دعم البناء الديمقراطي بالرغم من كل المجهودات التي بذلت في بلادنا من أجل توسيع الهوامش الديمقراطية منذ أزيد من عقد من الزمن وخصوصا منذ خطاب 9مارس2011 ، الذي أعقب الحراك الذي عرفته أكثر من خمسين مدينة مغربية يوم 20فبراير 2011 ، وما تلاه من إصلاح دستوري ، حيث أعطى الدستور الجديد رئيس الحكومة صلاحيات كثيرة وربط المسؤولية بالمحاسبة، وإجراء انتخابات تشريعية تعد بحق الأكثر نزاهة في تاريخ المغرب الحديث ، وبالرغم من احترام المنهجية الديمقراطية حسب منطوق الدستور الجديد والذي ينص على تولية رئاسة الحكومة للحزب الذي يحصل على أكبر عدد من المقاعد، فإن الملموس اليوم هو أن المسافة بين ما هو كائن ويمارس وما كان يأمله المغاربة ما تزال كبيرة بل هناك إحساس بتراجع واضح في منسوب الأمل لدى المواطنين المغاربة الذين يتطلعون باستمرار إلى إقرار ديمقراطية حقيقية ببلادنا من خلال تأويل ديمقراطي للدستور وقيام الحكومة بأدوارها الدستورية مما يمكنها من تفعيل برنامجها الذي انتخبت على أساسه والاطلاع بمسؤوليتها كاملة . اليوم ، نحن مطالبون بالتحلي بالشجاعة لإقرار ديمقراطية حقيقية وبالجرأة الكافية لتفعيل مقتضيات الدستور والدفع به إلى أقصى حدود التأويل الديمقراطي . من جهة أخرى لم يعد ممكنا الاستمرار في التحكم في الحياة الحزبية بما يساعد على إفسادها أو محاصرة هذا التوجه السياسي أو ذاك ومنع هذا الحزب أو تلك الجمعية من الممارسة في إطار اللوائح التي ينص عليها القانون . أي إن المغرب مطالب بتوسيع ما ضاق في مجال الممارسة السياسية وحرية التنظيم والتعبير والاحتجاج في عموم المغرب وفي الصحراء على وجه الخصوص . على سبيل الختم : كلمة قلتها منذ أزيد من عقد من الزمن ولن أكف عن ترديدها حتى يسمعها من به صمم : من باب عزم الأمور، أن نشتغل اليوم في المغرب على السيناريو الأكثر كارثية وقتامة ، ويتلخص في أننا قد نجد أنفسنا في أية لحظة وجها لوجه مع قرار أممي يفرض علينا استفتاء حول تقرير المصير في الصحراء بنفس الشروط التي فرض فيها الاستفتاء على أندونيسيا في ما يخص إقليم تيمور الشرقية أو على السودان في ما يخص جنوب السودان. يومها لن يكون التعويل إلا على الذين سيحق لهم الاستفتاء . فالرهان كل الرهان على الإنسان الصحراوي والرهان كل الرهان على فعاليتنا وأدائنا من أجل كسب هذا الإنسان الصحراوي . آن الأوان بأن نلقي السمع ونحسن الإنصات لنبض هذا الإنسان في الصحراء: نعيش مشاكله ، نستوعب مطالبه، ونشاركه قلقه . نعم لا شيئ قد حسم لحد الآن في الصحراء حيث المواطنون مقسمون إلى ثلاثة فئات: -هناك من هم مع مغربية الصحراء ، - وهناك من هم ضد هذا الأمر ، - وهناك من هم في منزلة بين المنزلتين . ومن شأن اتباع سياسات اجتماعية واقتصادية وسياسية وحقوقية صحيحة أن تساهم في ضم القريب وتقريب البعيد خصوصا لدى المواطنين الذين لم يحسموا موقفهم بشكل نهائي. ومن باب الاستعجال، السعي إلى تنزيل الجهوية المتقدمة في الصحراء بعد أن تعذر علينا تطبيق الحكم الذاتي في الشروط الموضوعية الحالية. وحينما نتحدث عن جهوية موسعة بمقاربة ديمقراطية ، فهذا يعني الوقوف مليا عند المطالب الاجتماعية والاقتصادية التي تعبر عنها الساكنة المحلية، في الصحراء ، وعلى رأس تلك المطالب الاستفادة العادلة من ثروات الإقليم أي في المحصلة إعادة توزيع ثروة المنطقة توزيعا عادلا بعيدا عن منطق الريع الذي كان سببا في غضب الكثيرين من أبناء الصحراء واحساسهم بالغبن والمس بكرامتهم وحقوقهم. ويقينا أننا كلما تقدمنا في تحقيق الديمقراطية الحقيقية وما يستتبع ذلك من أثر اجتماعي واقتصادي كلما زاد تعلق واعتزاز المواطنين سواء في شمال المغرب أو جنوبه بالانتساب إليه والتمسك بوحدته وأمنه واستقراره . الرباط في 28/04/2013