جرى مساء أمس الثلاثاء، بمسرح استوديو الفنون الحية بالدار البيضاء ، عرض مسرحية "خريف" لفرقة (مسرح أنفاس) ضمن فعاليات الدورة ال33 للمهرجان الدولي للمسرح الجامعي الذي تتواصل فعالياته الى غاية 30 اكتوبر الجاري. وأفلح شخوص " خريف " في شد انتباه الجمهور نحو الركح لمتابعة عمل مسرحي مثقل بأحاسيس إنسانية بليغة ، يتناول موضوع مرض السرطان إن تعلق الأمر باعتماد لغة بصرية حسية لافتة او ارتبط بجمالية النص. فطيلة ساعة ونصف، كان لزاما على جمهور المهرجان أن ينصهر في ثنايا عرض مسرحي متميز طافح بأحاسيس إنسانية حافلة بلغة إبداعية راقية أسهمت في إعطاء العمل بعده الفرجوي الخالص. هو نص مسرحي صلبه الاساس الانتصار للحياة من خلال جسد أنثوي يعاني وينطفئ في صمت ، لكنه يواجه قساوة الموت، ويقاوم كل أشكال الألم النفسي والجسدي متشبثا بالأمل، مجابها قدره بشجاعة الى آخر رمق. مسرحية " خريف " التي نجحت في اختزال معادلة الموت والحياة، بلغة بسيطة ولافتة، تمكنت من اقتحام أحاسيس الجمهور بدون استئذان، برؤية إبداعية قوية وجلية وبليغة تسائل الإنسانية جمعاء، بضرورة التمسك بقيم الحياة حتى آخر لحظة، بعيدا عن اجترار المعاناة، وتمسكا بوازع العزيمة لمقاومة الألم. كل هذه التجليات لم تكن لتدنو لولا توظيف هذا العرض المسرحي ، الذي أخرجته أسماء هوري برؤية أدائية ، لغة حركة وايماءات حسية مختلفة الأبعاد، تعتمد على جوانب فنية وسيميائية لافتة، من سينوغرافيا وموسيقى باهرة تألق مؤلفها في عزفها في نسيج فني مترابط، وفي تعبير بليغ يوحي للمتلقي بمضمونها الإنساني المرهف. والمسرحية من تأليف فاطمة هوري، شقيقة المخرجة، والتي رحلت بعد صراع طويل مع مرض السرطان، وقد اشتغلت طوال حياتها كإعلامية ومديرة لمحطة جهوية إذاعية مغربية . وتقدم المسرحية، التي شخصتها كل من فريدة بوعزاوي وسليمة مومني، قصة امرأة تعاني من مرض السرطان، تحمل للركح حالة استبطان، وبوح امرأة يكشف يومياتها المحمومة والهشة والمكرورة والمقتضبة في نشيد ملحمي يمجد الحياة ويسخر من الموت. وهو توالد فني، كما جاء في تقديم هذا العمل، يعبر الجسد لينشر إلى ما لا نهاية انفجار الحواس وليقترح إعادة التفكير في الحياة للاحتفال بها أفضل وسبق لهذا العمل المسرحي أن حاز على مجموعة من الجوائز منها ، أحسن نص وجائزة أحسن سينوغرافيا في المهرجان الوطني للمسرح في دورته الثامنة عشرة، التي احتضنتها مدينة تطوان سنة 2016 . وتألقت المخرجة اسماء هوري في أعمال مسرحية عديدة مثل "دموع بالكحول"، و"أنت هو"، و"شتاء"، حيث تتميز ببصمة إخراجية خاصة وسط الجيل الجديد من المسرحيين المغاربة. وسبق للمسرحية أن حازت على جائزة أحسن نص وجائزة أحسن سينوغرافيا في المهرجان الوطني للمسرح في دورته الثامنة عشرة، التي احتضنتها مدينة تطوان في نونبر 2016.