استطاع المسرح المغربي أن يتبوأ مكانة مميزة في الدورة التاسعة للمهرجان العربي للمسرح التي نظمتها الهيئة العربية للمسرح في الجزائر خلال الفترة الممتدة من 10 إلى 19 يناير، حيث توّج الحضور المغربي بالفوز والتميز على صعيدي الإبداع الفني والبحث الأكاديمي، فقد فازت مسرحية «خريف» بالجائزة الكبرى للمهرجان، فيما نال الباحث عبد المجيد أهري المرتبة الأولى لجائزة البحث العلمي للباحثين الشباب لأقل من 35 سنة، كما كانت المرتبتان الثانية والثالثة من نصيب باحثين مغربيين آخرين، هما عادل القريب وأمل بنويس. وحسب صحيفة "القدس العربي" فقد أجمعت لجنة التحكيم على منح عرض «خريف» لفرقة أنفاس المغربية جائزة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي لأفضل عمل مسرحي عربي لعام 2016، لكونه عرضا «تميز عن سواه في اكتنازه بفحوى إنسانية ولغة إبداعية ترتقي إلى العالمية، قوامها الرئيس احتفاؤها وتمجيدها للحياة من خلال جسد معذب يذوي وينطفئ، إلا أنه يتحدى غول الموت الذي يمزق هذا الجسد بصمت، يقاوم كل أشكال الألم النفسي والجسدي متمسكاً بالأمل وبقيم الحياة، مجابهاً قدره بشجاعة وإصرار حتى اللحظات الأخيرة». وأضاف تقرير اللجنة اأن «هذا العرض الذي نجح في الوصول إلى قلوب وعقول الجميع سهل ممتنع، قدم لنا رؤية إبداعية واضحة قوية بليغة تمس البشرية جمعاء: لن نجعل من مغادرة الحياة عويلاً جائحاً، بل نشيداً للإرادة التي تتمسك بقيم الحياة وتقاوم كل الألم». وعبر هذه الرؤية، وظف العرض باقتدار فضاء العرض المسرحي إلى مشهديات جسدية، تتناغم فيما بينها وتتقاطع لغة الحركة والإيماءة بمختلف أبعادها، الفنية السيميائية بلغة الكلام، وعناصر العرض الأخرى، من سينوغرافيا وموسيقى تألق مؤلفها في عزفها في نسيج فني مترابط، وفي تعبيرية بليغة توحدت جميع مفرداتها وعناصرها لتجعل من الشكل تجلياً للمضمون الإنساني. كما تمكن الأداء من تنغيم الفعل والصراع الداخلي، لنرى في الجسد والصوت روحاً واحدة تجسد الألم والمقاومة، وتجسد رؤية الإخراج بتوهج وإبداع. والجدير بالذكر أن العمل من تأليف فاطمة الهوري التي كتبت تجربتها مع السرطان وتوفيت بسببه، حيث قامت شقيقتها المخرجة أسماء الهوري بإعداد العمل مع رشيد برومي وتقديمه بمعالجة فنية استطاعت أن ترقى به، لينال في المهرجان الوطني في المغرب لينال جائزة النص وجائزة السينوغرافيا والتمثيل إناث مع الممثلة فريدة بوعزاوي، وصولاً إلى نيل جائزة القاسمي في نسختها السادسة. وتشكلت لجنة التحكيم برئاسة الناقد والشاعر السوداني يوسف عيدابي وعضوية كل من الممثلة اللبنانية رندة الأسمر والمخرج السوري عجاج الحفيري والمخرج والكاتب الفلسطيني فتحي عبدالرحمن والناقد البحريني يوسف الحمدان. ومن جهة أخرى، أعلنت لجنة التحكيم الخاصة بالندوة المحكمة للمسابقة العربية للبحث العلمي المسرحي عن فوز الطالب والباحث المغربي عبد المجيد أهري بالجائزة الأولى للمسابقة التي خصصت لأفضل ثلاثة أبحاث ضمن المسابقة العربية للبحث العلمي المسرحي لسنة 2016، والتي تعنى بالشباب دون 35 سنة، تحت عنوان «المسرح لحظة عبور إلى الذات، الآخر، الافتراضي»، التي أدارتها الدكتورة جميلة مصطفى الزقاي من الجزائر، ووزعت الندوة على ثلاث جلسات. وحسب الباحث المصري الدكتور سامح مهران، عضو لجنة التحكيم، فإن نتائج المسابقة تمت على أساس الموضوعية التامة والتحكيم النوعي. من جهتها، أشارت رئيسة الندوة الدكتورة جميلة مصطفى الزقاي إلى أن المسابقة تمت على أساس مقاييس علمية ومعرفية ومنهجية عالمية، مكنتها من توطيد 24 بحثا مسرحيا عربيا، أسفر عن اختيار ثلاثة بحوث جميعها تمثل المملكة المغربية التي تم الاتفاق عليها بإجماع النقاد ولجنة التحكيم. ويتعلق الأمر ببحث الأساتذة أمل بنويس من المغرب «المسرح والحداثة المفقودة في محاولة تركيب»، حيث استعرضت فيه في إطارين نظري وإجرائي، قراءة بعض التجارب المسرحية المغربية الخاصة. في حين شمل البحث الثاني للناقد والباحث المغربي عادل القريب «المسرح المغربي العربي الشمولي للآخر إلى فضاء الهجنة»، بحيث استعرض بعض التجارب النقدية المسرحية العربية الحديثة والمعاصرة، في حين قدم المتوج بالجائزة الأولى من خلال عمله «المسرح الجديد من تحلل نظرية الدراما إلى تشكيل جماليات ما بعد الدراما»، بعض التجارب الجمالية النقدية التي ساقها نقاد غربيون في كيفية تشكل تكوينية جديدة للمسرح. تجدر الإشارة إلى أن الندوة المحكمة للمسابقة العربية للبحث العلمي المسرحي، أشرفت عليها اللجنة المحكمة للبحوث، ويتعلق الأمر بكل من: مصطفى رمضاني من المغرب وكريم مبارك من العراق ومحمد المديوني من تونس وسامح مهران من مصر، ونسقها الدكتور سليم بركان من الجزائر.