شهدت مدينة العيون بداية الأسبوع الجاري عودة التوتر في بعض الثانويات. فتيل هذا التوتر نزع بسرعة، لكنه رسالة إلى الوالي الجديد الذي باشر مهامه يوم الاثنين. دشن الوالي الجديد لولاية العيون بوجدور الساقية الحمراء عامل عمالة العيون خليل الدخيل عمله أول أمس الاثنين بزيارة إلى ثانوية شهدت احتقانا بين تلامذة من شمال الصحراء وآخرين من أبناء العيون. وكانت ثانويتا "محمد الخامس" الإعدادية القريبة من فندق "بارادور" الشهير و"التنمية" الإعدادية بحي المسيرة، قد شهدتا يوم الاثنين احتقانا ومشاداة بعد تنظيم تلامذة لوقفة اعتبرت تتمة لمسيرة الأحد بالدار البيضاء، وقد رفعت الأعلام المغربية وردد النشيد الوطني. استفزاز وتحرش وهجوم هذه الوقفة اعتبرها بعض التلامذة الصحراويين تحرشا واستهدافا لهم، وقد تعرض المدير لاعتداء من قبل شاب من مدينة العيون، فوقعت مشاداة بين التلاميذ، لكنها لم تسفر عن إصابات بليغة. وقد نزع الوالي فتيل فتنة كادت تعيد إلى سكان العيون أحداث الثامن من نونبر الماضي. جمعيات آباء تلامذة الثانويات عقدت اجتماعا، أمس الثلاثاء، وتقرر فيه عودة التلامذة إلى المدارس والثانويات وتفادي كل ما من شأنه خلق فتنة في مدينة لم تستفق بعد من أحداث الثامن من نونبر التي خلفت 11 قتيلا في صفوف القوات العمومية، ووفاة مواطنين مدنيين. وقد استأنف التلاميذ دراستهم بشكل عادي أمس الثلاثاء. وفي موضوع ذي صلة بالمدينة، شرع مجموعة من أطر مدينة العيون خريجي الجامعات والمعاهد العليا، في تأسيس إطار جمعوي. ةحسب معطيات حصل عليها موقع "لكم"، فإن الجمعية لها أهداف اجتماعية صرفة، إذ تتوخى الدفاع عن "تعليم جيد" في مدينة لا تتوفر على مدارس على جودة عالية ولا يلج أبناؤها إلا كليات العلوم الإنسانية والاجتماعية والقانونية، كما يطالب هؤلاء ب"حدائق لساكنة المدينة" و"مستشفى يدخله المواطنون دون أن يخشوا على أنفسهم". وتسعى الجمعية المزمع تأسيسها قريبا إلى مساعدة الوالي الجديد على حل مشاكل اجتماعية ظلت معلقة لسنوات. كما أن أصحاب المبادرة يرغبون التي لا تنبني على أسس قبلية، في إيصال فكرة عن أطر المدينة، مفادها أن أبناء العيون لا يركضون على امتيازات مثل السكن والوظيفة، بل يفكرون في تطوير مدينتهم وتنميتها. والي صحراوي هذه الحيوية التي بدأت تظهر في أوساط أطر العيون، جاءت بعد تعيين أحد أبناء المدينة واليا عليها، وهذه أول مرة يتم تعيين صحراوي من العيون في هذا المنصب. هذا الموظف السامي في وزارة الداخلية ولد بمدينة العيون منتصف يونيو 1945، حصل على دبلوم المدرسة العليا للتجارة. سبق لهذه الشخصية التي تحظى باحترام كبير من قبل الصحراويين، أن شغل مناصب سامية، فما بين 1975 و1979 قاد الديبلوماسية المغربية في كوبا، كان الهدف من ذلك تعيين صحراوي من مدينة العيون في هافانا الكوبية المعروفة بولائها الكبير ودعمها اللا مشروط لجبهة البوليساريو المطالبة بانفصال المحافظات الصحراوية عن المغرب، بعد ذلك سيعين سفيرا في دولة أخرى تساند البوليساريو، يتعلق الأمر ببلغراد، استمر في منصبه هذا إلى سنة 1982. عاد إلى وزارة الداخلية بعدها ليبدأ مسارا جديدا، إذ عين عاملا منتصف غشت 1983 بعمالة السمارة، واختلف تقييم الصحراويين لفترته، فالبعض يصفه بالصحراوي الذي ساهم في وضع البنيات التحية للمدينة بل بانيها، بينما يرى آخرون أنه استغل منصبه هذا ليدير أعماله الخاصة. كان التعيين حينها دلالة كبيرة، ففي زمن الملك الراحل الحسن الثاني، كانت الدولة تتفادى تعيين صحراويين في مدن صحراوية. بعد عشر سنوات تقريبا سينتقل محافظا على شفشاون في الشمال المغربي، وسنة 1998 عين محافظا بعمالة بولمان، ولم يحبذ خليل الدخيل هذا المنصب. نهاية 1999 سيعينه الملك محمد السادس عاملا ملحقا بالمصالح المركزية لوزارة الداخلية. هذا الصحراوي المعروف بولائه للمملكة المغربية الموحدة التي تضم الصحراء الغربية، كان سيكون ضمن الحكومة التي رغبت إسبانيا الاستعمارية آنذاك تعيينها قبل عودة الصحراء الغربية إلى المغرب سنة 1974، وكان أحد كبار الشخصيات في الصحراء، لعب دورا كبيرا في عودة مجموعة من الشخصيات الصحراوية إلى المغرب، شاءت الصدف أن يكون ضمن هؤلاء خليهن ولد الرشيد، رئيس المجلس الملكي الاستشاري لشؤون الصحراء، فقد أقنعه أواسط السبعينات بالعودة إلى المغرب بعد رحلة معه إلى بيروت سنة 1975، كان خليل الدخيل، رفقة عبد الرحمان الهيبة، القنصل المغربي بلاس بالماس حاليا، ضمن اللجنة التنفيذية ل"البونس"، وهو حزب أنشأه صحراويون بدعم إسباني لحكم الصحراء الغربية. معروف على هذا الركيبي وطنيته، فقد درس في المدرسة المحمدية بالدار البيضاء في التعليم الابتدائي، عاد إلى العيون بعد أن توقف عن الدراسة، وعمل مع الإسبانيين كمترجم، هو ابن أحد الشخصيات المعروفة في جيش التحرير (قاوم الاستعمار الإسباني). وقد اعتبر تعيينه على السمارة ذلك نصرا كبيرا للحسن الثاني في عز الحرب بين المغرب وجبهة البوليساريو. على طاولة هذه الشخصية اليوم ملف عجز عن حله المحافظ السابق محمد كلموس، يتعلق الأمر بالحد من نفوذ حمدي ولد الرشيد، رئيس المجلس البلدي لمدينة العيون والأخ الأصغر لخليهن ولد الرشيد. رغم أن العلاقة بين الرجلين (الوالي الجديد وخليهن) ليست على ما يرام، فانتماؤهما إلى نفس القبيلة، قبيلة اركبيات، سيساهم في تجاوز مشاكل كثيرة "أنا متفائل كثيرا بالتعيين لأول مرة يعين شخص مناسب في هذا المنصب" يقول أحد الأعيان الذي فضل عدم الكشف عن اسمه.