غرام عابر للمحيط الأطلنطي (1947– 1964) سنة 1947 : سيمون دو بوفوار في الولاياتالمتحدةالأمريكية : بدعوة من جامعات أمريكية عديدة،سافرت سيمون دو بوفوار إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية،بحيث مكثت هناك طيلة الفترة الممتدة من شهر يناير غاية ماي. خلال شهر فبراير،في نيويورك،التمست ماري غولدستين من صديقها نيلسون ألغرين،حين زيارته مدينة شيكاغو،الذهاب قصد التعرف على الكاتبة. فعلا اجتمع بها وقضيا معا ليلة،وعند ظهيرة اليوم التالي،اصطحب ألغرين بوفوار في جولة شملت أحياء المدينة المهمشة،وكذا حانات الحي البولوني. بعد ذلك، أخذت بوفوار القطار المتجه إلى لوس أنجلس. (الرسالة 1) السبت ليلا 23فبراير 1947 (على متن قطار كاليفورنيا) عزيزي نيلسون ألغرين؛ سأحاول الكتابة باللغة الانجليزية.لذلك،أتمنى سعة صدركم وأرنو إلى تسامحكم بخصوص مستواي اللغوي، وكذا توظيفي لبعض الكلمات على غير هدى معناها الحقيقي.أيضا،لا أمتلك خطَّا جميلا،ثم إنِّي بصدد الكتابة داخل قطار منطلق. حينما افترقنا،أنهيتُ مقالتي في الفندق،أخشى أن لاتكون وفق المستوى المطلوب،لكن لايهم.تناولتُ طعام المساء مع هؤلاء الفرنسيين وقد أحدث لديَّ وجودهم الإحساس بالامتعاض والتقزز،ومن جهة ثانية بسبب كونهم شكلوا أمامي عقبة كي أتقاسم معكم وجبة العشاء تلك. اتصلتُ بكم هاتفيا،بعدها وجدتُني جالسة على سرير داخل مقطورة القطار،منهمكة في قراءة كتابكم"صحراء النيون".استسلمتُ لحكايات صفحاته إلى أن غفوتُ.اليوم،أتابع القراءة بجوار النافذة،وأتملَّى بمتعة تلك المناظر الخارجية :يوم هادئ جدا،لكن قبل الذهاب للنوم،وددت التعبير عن مدى إعجابي بكتابكم،وأنتم أيضا أحببتكم شخصيا كثيرا. أعتقد،بأنكم أدركتم ملامح هذا الشعور مع أننا لم نتحدث سوى قليلا. لن أتقدم لكم بمزيد من عبارات الامتنان،لأنها ستكون بلا معنى،في المقابل أودُّ أن تعلموا مدى سعادتي وأنا بصحبتكم.لذلك مستاءة،أن أقول لكم إلى اللقاء،بل ربما وداعا على امتداد حياتي. أحب حقا الرجوع إلى شيكاغو شهر أبريل،استمروا في استحضار سيرتي ثم أخبروني عنكم.هل سيكون الوقت لصالحنا؟أتساءل،عموما :افترقنا البارحة ونحن منزعجان، ألن يكون فظيعا الافتراق بعد أن تقاسمنا معا خمسة أو ستة أيام وتحولنا بالتأكيد إلى صديقين جيِّدين؟لاأعرف. عموما،إلى اللقاء أو وداعا،لن أنسى تلك اليومين في شيكاغو،توخيت القول لن أنساك. سيمون دو بوفوار اكتشف نيلسون أليغرين جراء إشعار،مغادرة سيمون دو بوفوار للفندق دون انتباهها للحصول على الكتب التي تركها باسمها في مكتب الاستقبال.هكذا،ندرك انجذابه الفوري نحو بوفوار متسليا بالتناقض الناجم عن الاتفاق العفوي بينهما ثم في الوقت ذاته الجهل العميق بخصوص ماتمثله لديه شخصية بوفوار وكذا فكرها وعملها :لم يكن يعرف عنها شيئا،غير مضامين مقالة حول الوجودية وردت في صحيفة نيو يوركر. * المصدر : رسائل سيمون دو بوفوار، غاليمار،1997 .