ماذا يعني أن يُلمح رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، أمام ملايين المشاهدين المغاربة وغير المغاربة، لمستشار برلماني، وهو ادريس الراضي بأنه "فاسد" " ثم ينتفض الأخير مُعريا عن بطنه، تعبيرا منه على سلامة ذمته، قبل أن يعود بنكيران والمستشار "المتهم" إلى معانقة بعضهما البعض، وكأن شيئا لم يقع، كما أظهرتهما يومية "الصباح" في عددها ليوم الخميس 13 فبراير الجاري، على صفحتها الأولى؟ ثم ماذا يعني أن يبتلع "السيد" المستشار البرلماني هذه "التبهديلة" الفظيعة والتجريح الخطير في حقه أمام ملايين الناس، ثم يعانق بعد ذلك بنكيران بدل اللجوء إلى القضاء لرد الإعتبار لنفسه والدفاع عن شرفه، مادامت عبارة " شنو فْكرشو" لا يقولها المغاربة إلا للشخص الذي تحوم حوله الشبهات؟ إن هذا يعني أشياء كثيرة: أولها، أن رئيس الحكومة و المستشار الراضي ومعهما كل أعضاء الحكومة وأعضاء البرلمان بغرفتيه يضحكون على الشعب المغربي، بل ويستهزئون بالمؤسسات الدستورية وبالقانون عامة، ما دام كل واحد منهم تابع المسرحية دون أن يتطوع ولا واحد منهم على الأقل إلى لعنة فصولها البئيسة، و لا توجه واحد منهم للقضاء للفصل في تلك العبارة الحمالة لأكثر من دلالة سلبية في الثقافة الشعبية المغربية. ثانيها، أن " بنكيران، وللأسف الشديد، هو مسؤول، غير مسؤول في نفس الوقت، مادام يملك بين يديه كافة الصلاحيات الدستورية والقانونية بإعتباره رئيسا لرئيس النيابة العامة ولم يوظفها في تحريك الدعوى العمومية ضد البرلماني إذا كان يلمح إلى أنه ف"كرشو" شيء ما(..). رابعها، قد يعني، للأسف الشديد، صمت "السيد" الراضي وقبوله هذه"التبهديلة" أمام ملايين المغاربة وعدم لجوئه للقضاء، صحة ما ذهب إليه بنكيران بتلميحه ذاك، وهذا أمر مُشين للغاية إن كان صحيحا، بل وفيه إساءة بليغة لكل السادة البرلمانيين والبرلمان إن قبل بشخص هو حقا"فاسد"(..). خامسها، وهذا هو الخطير للغاية، أن هؤلاء "المسؤولين" المغاربة استطابوا الكراسي الوثيرة لدرجة لم يعد معها يعنيهم، لا شرفهم، ولا هيبة قانون، ولا مؤسسات دستورية، ولا تاريخ، ولا رأي عام وطني، ولا رأي عام دولي، ولا كبريائهم أمام المواطنين، وهذا أكبر تعبير على البؤس الأخلاقي الذي عم معظم المسؤولين الحكوميين والنواب البرلمانيين، مثلما هو إشارة مُؤلمة إلى النفق الذي دخل إليه البلد، وللأسف الشديد، بعد "ربيع الشعوب الديمقراطي"! إن السكوت على مسرحية بنكيران والراضي داخل البرلمان، من طرف كل شرفاء هذا الوطن والغيورين على القضاء وهيبته وعلى البرلمان وحرمته وعلى كل المؤسسات الدستورية وأصالتها، يُعد مشاركة رمزية في هذه المسرحية البئيسة، التي وإن جاز لنا أن نلتمس العذر لشخص مثل "السيد" ادريس الراضي أن يكون بطلا فيها، فإنه من المؤسف جدا أن يكون شخص مثل رئيس الحكومة بطلها الثاني خاصة أن أن حزبه أطر حملته الانتخابية بشعار: "صوتك فرصتك ضد الفساد والاستبداد"، بل إن بنكيران ظل يشنف آذان المغاربة خلال تلك الحملة بأنه سيحارب الفساد في المغرب إذا وصل للحكومة! والظاهر أن بنكيران قد حارب كل شيء بعد وصوله إلى الحكومة(..) إلا الفساد!