انتشرت العشرات من التقارير الإخبارية، منذ الاثنين الماضي، تُرجح أسباب منع مصطفى الباكوري، رئيس جهة الدارالبيضاء – سطات، ورئيس أكبر وأهم مؤسسة للطاقة المتجددة في المغرب (مازن) من السفر، حينما كان متوجهًا عبر مطار محمد الخامس بالدارالبيضاء إلى الإمارات. على غرار نشر العشرات من المواقع الإخبارية، أسباب مختلفة أفضت إلى منع مصطفى الباكوري من السفر، من بينها اختلالات تتعلق بمشاريع للطاقة المتجددة، وأخرى تتحدث عن "اتهامات بالتخابر مع ألمانيا"، فيما ربطت مواقع إخبارية أخرى، مقربة من جهات في الدولة، قرار المنع بوجود الباكوري على رأس أكبر جهة في المغرب. مصادر مقربة من مصطفى الباكوري، أوردت أنَّ ما هو معروف حتى الأن، أن الباكوري مُنع من السفر بناءًا على قرار أصدرته النيابة العامة في الدارالبيضاء أوساط مارس الماضي، مما يُشير إلى بحث قضائي فتح ضده ولا تُعرف طبيعته بعد". روايتان وطبقا لرواية ربط قرار منع الباكوري من السفر بوجوده على رأس الوكالة المغربية للطاقة الشمسية منذ 2009، فهي تتحدث عن فتح بحث قضائي يتعلق باختلالات تشوب عمل الوكالة، والتي تعتبر المسؤولة رقم واحد عن تسيير قطاع الطاقات المتجددة في المغرب. ووفقًا لنفس الرواية، فُسر بلاغ الديوان الملكي الذي صدر في 23 من أكتوبر 2020، باعتباره توبيخا وجه ضد الباكوري وجرى فتح تحقيق بشأن ما جاء فيه، ويقول البلاغ إنَّ: "الملك محمد السادس سجل بعض التأخير الذي يعرفه ملف إستراتيجية الطاقات المتجددة في المغرب، ولفت الانتباه إلى ضرورة العمل على استكمال هذه الورش في الآجال المحددة من أجل تأمين 52 في المائة من احتياجات المملكة الكهربائية في 2030". ومن جهة أخرى، كشفت يوم الأحد، مصادر إعلامية مقربة من جهات في الدولة، أن البحث الذي أمرت به النيابة العامة خلال شهر مارس لا علاقة له بمشروع مازن العملاق، ورجحت أن يكون المنع يتعلق بتدبير الشأن العام باعتبار أن مصطفى الباكوري يوجد على رأس أكبر جهة في المغرب (جهة الدارالبيضاء – سطات). أما مجلة "جون أفريك" الصادرة في فرنسا فقالت وفقًا لمصادر جيدة الإطلاع إنَّ النيابة اتخذت القرار بالمنع في السفر في 23 مارس الماضي بعد فتح تحقيق استهدف مصطفى بكوري لشبهات بسوء الإدارة والاختلاس في سياق مهامه على رأس مازن، وسيجري استدعائه رسميًا الأسبوع القادم". من هوَ الباكوري؟ شغل مصطفى الباكوري (57 سنة) مهمة الأمين العام السابق لحزب الأصالة والمعاصرة ما بين 2012 إلى عام 2016، ولا يزال حتى اليوم، أحد أبرز قياديه. كما أنه يشغل منصب رئيس جهة الدارالبيضاء-سطات، منذ شتنبر 2015 بفضل دعم حزب الأحرار الذي يتزعمه عزيز أخنوش له. ويُعتبر مصطفى الباكوري أحد أبرز الأطر المغربية الذين انضموا في غشت 2001 إلى الخدمة المدنية العليا، وذلك بعد دراسته في مدرسة القناطر بفرنسا وتدرج مهندسا ثم مسؤولا عن مجموعة أبناك فرنسية، ثم عهد إليه الملك محمد السادس بإدارة صندوق الإيداع والتدبير CDG الذراع المالية للدولة، إلى أن تم إعفاؤه بشكل مفاجئ في 2009، وبعد 6 أشهر، عهد إليه الملك إدارة وكالة "مازن" المسؤولة عن تطوير الطاقات المتجددة، وهو أحد المشاريع الملكية. وفي عام 2019، صنفت مجلة جون أفريك، المقربة من جهات نافذة داخل مربع السلطة في المغرب، تقريرا يضم أبرز 10 شخصيات مقربة من الملك محمد السادس، وكان ضمن هذه الشخصيات مصطفى الباكوري، والتي قالت عنه إن الملك محمد السادس يُعول عليه في مجال الطاقات المتجددة للدفع به وكسب الريادة فيه. المنع من السفر تتخذ النيابة العامة في المغرب قرارات المنع من السفر، في إطار أبحاث قضائية تُجريها، ضد أشخاص مشتبه بهم، وفي عام 2015، أصدر قاضي المستعجلات بالمحكمة الابتدائية بالرباط قرارا وصف بالتاريخي اعتبر في سابقة من نوعها، أن الإبقاء على قرار المنع من السفر لمدة تزيد عن ثلاثة أشهر، في ظل الفراغ التشريعي، يشكّل اعتداء ماديا على حرية التنقل ويستوجب تدخلا للقضاء الاستعجالي الاداري لرفعه، مما يُشير، في الوقت الحالي، إلى بروز تفاصيل قضية مصطفى الباكوري في ظرف الشهرين القادمين. وقال إسماعيل حمودي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة فاس، إنَّ منع الباكوري من السفر، يعني أن هناك بحثاً قضائيًا وتحريات حوله، إذ لا يمكن منع أحد من السفر دون تحريك مسطرة البحث القضائي". وبحسب حمودي، فإن "تكوين صورة واضحة عن هذه القضية لازال في حاجة إلى مزيد من المعطيات التي نجهلها لحد الآن بسبب الغموض الذي يلف الموضوع، وتضارب الإشاعات حوله، التي وصلت حد الربط بين الأزمة السياسية مع ألمانيا والتحقيق مع الباكوري".