وصل عدد العرائض التي قدمها المجتمع المدني بمدينة طنجة وتفاعل معها المجلس الجماعي إلى 17 عريضة في أقل من سنتين، بعد أن تم إدراج 5 عرائض جديدة ضمن جدول أعمال الدورة العادية لشهر فبراير 2021، في رقم اعتبر الأول من نوعه على المستوى الوطني. وأثار هذا العدد، وتفاعل جماعة طنجة معه عبر إدراجه في الدورات والمصادقة عليه، ردود فعل مختلفة، ففي الوقت الذي اعتبرته نائبة العمدة المكلفة في تصريح لموقع "لكم"، أن الجماعة تشجع على مثل هذه المبادرات حيث تكون مناسبة لإشراك المجتمع المدني في مجموعة من الملفات، قالت فعاليات جمعوية لموقع "لكم"، أن الأمر يتعلق بجبر للخواطر ليس إلا، مستدلين على ذلك بكون مآل الأغلبية الساحقة من هذه العرائض رغم مصادقة المجلس الجماعي عليها، إلا أنها ظلت تزين الرفوف، ولم تترجم على أرض الواقع، ويتم استدعاؤها من حين لآخر للتسويق الإعلامي والسياسي. أسباب ارتفاع العدد أرجع ياسين الريش رئيس "جمعية المعهد المتوسطي الديمقراطي للتنمية والتكوين"، التي قدمت لحد الآن 4 عرائض، في تصريح لموقع "لكم"، ارتفاع عدد العرائض المقدمة إلى جماعة طنجة، إلى استفادت مجموعة من جمعيات المجتمع المدني بالمدينة، من مشاريع تنموية وترافعية في إطار برنامج "مشاركة مواطنة"، الذي يعتبر ثمرة شراكة بين الاتحاد الأوروبي، والوزارة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني والمجلس الوطني لحقوق الإنسان ومكتب الأممالمتحدة لخدمات المشاريع، هدفه مواكبة الإصلاحات الشاملة للإطار القانوني المنظمة لأنشطة المجتمع المدني عن طريق تحسين البيئة المؤسساتية والقانونية لمنظمات المجتمع المدني وتدعيم مشاركتها في تحديد السياسات العمومية وتنفيذها وتتبعها وتقييمها. وأضاف الريش، أن جمعيته كان لها نصيب في هاته المشاريع عن طريق مشروع "من أجل جمعيات مواطنة تترافع"، الذي كان يهدف إلى تفعيل الأدوار الدستورية الجديدة لجمعيات المجتمع المدني في إعداد قرارات ومشاريع لدى المؤسسات المنتخبة والسلطات العمومية، وكذا في تفعيلها وتتبعها وتقييمها، وذلك عبر تمكين وتقوية قدرات جمعيات المجتمع المدني على المستوى المؤسسي والتنظيمي وبناء الشبكات وفي مجال الديمقراطية التشاركية والسياسات العمومية، من خلال مجموعة من الورشات التكوينية لفائدة الفاعلات والفاعلين الجمعويين. وأكد المتحدث، على أن تزايد عدد العرائض المودعة خلال سنة 2020 هو راجع بالأساس في تمكين وتقوية قدرات الجمعيات بمقتضيات الدستور وآليات الديمقراطية التشاركية والجوانب التقنية لتقديم العرائض، مرجحا تزايد العدد في سنة 2021 بعد إحداث الائتلاف المحلي للترافع بطنجة والذي يتشكل إلى حدود الساعة من 49 جمعية محلية بطنجة. من جهته، اعتبر حسن الحداد نائب رئيس رابطة الدفاع عن حقوق المستهلكين، أن الدفاع والترافع عن طريق العرائض يعتبر من بين أهم المكاسب التي جاء بها دستوري 2011 الفصل 15 ويمكن عبره تجسيد المفهوم الحقيقي للديمقراطية التشاركية ويعد كذلك وسيلة وآلية مهمة للتعبير عن المطالب واقتراح الحلول . وأضاف الفاعل المدني في تصريح لموقع "لكم"، أنه ومنذ صدور القانون التنظيمي رقم 44-14 المتعلق بتحديد شروط وكيفية ممارسة الحق في تقديم العرائض للسلطات العمومية، كذا والقانون التنظيمي رقم 64-14 المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة الحق في تقديم الملتمسات في مجال التشريع الصادر سنة 2016 شرعت مجموعة من الإطارات الجمعوية في وضع عرائض مهمة تصب في كثير من الأحيان نحو الرقي بالخدمات الموجهة للمواطنين. بدوره، ذهب الحسن زروالي نائب الكاتب العام لجمعية الأخوة للأشخاص ذوي الإعاقة بطنجة، في نفس الاتجاه، مشيرا إلى أن هناك طفرة نوعية تعد بالشيء الكثير في المجتمع المدني بعاصمة البوغاز، مرجعا إياها إلى البرنامج الترافعي الذي نظمته جمعيات بطنجة، مشيرا إلى أن البرنامج كان بتمويل دولي يتوخى الترافع الجمعوي ومن بين مخرجاته موضوع العرائض ومساعدة الجمعيات على إعداد العرائض وتقديمها للجهات المعنية، توج بائتلاف محلي. تمرير العرائض دون أجرأتها حسن الحداد نائب رئيس رابطة الدفاع عن حقوق المستهلكين، اعتبر في حديث مع "لكم"، أن هناك كثير من العرائض والملتمسات سبق أن قوبلت بالترحيب من طرف المجالس المنتخبة وخصوصا بطنجة، معبرا عن أسفه لكونها ظلت ليومنا هذا تزين الرفوف ولم يكتب لها أن تطورت الى أفعال. ليخلص المتحدث، إلى أن هذا يدل على أن التعامل في بعض المرات مع الملتمسات والعرائض مجرد ترضية للخواطر وكذلك من أجل التسويق الاعلامي والاستغلال السياسي، مبرزا أنه لا يعقل ان تدرج عريضة في دورة المجلس المتخب ويتم التصويت عليها بالقبول دون أجرأتها. وأبرز الحداد، أنه إذا قمنا بدراسة وتحليل بعض العرائض والملتمسات على المستوى الوطني، نجد أن كثير منها زاغت عن المصلحة العامة وتخندقت داخل خندق السياسة وتصفية الحسابات واحراج المؤسسات المنتخبة بغية ربح مسافة نضالية عبر استغلال القانون ولي عنقه بطرق مفضوحة مكشوفة هذا ما جعل مصير الاغلبية الرفض وعدم التجاوب. وأكد حسن الحداد، على أن المشرع تفطن لهذا الأمر ووضع نصوص تنظيمة للحد من استغلال هذا الحق وتحويره لخدمة الأجندات السياسية والفئوية الضيقة حيث كان النص واضحا ولا يحتمل أي تأويل وخصوصا المادة الرابعة من القانون التنظيمي 44.14، التي تنص على أن العريضة تكون غير مقبولة حين تخل بمبدأ استمرارية المرافق العمومية، وبمبدأ المساواة بين المواطنات والمواطنين في الولوج إلى المرافق العمومية، أو حين تكتسي طابعا نقابيا أو حزبيا ضيقا أو طابعا تميزيا، أوحين تتضمن سبا أو قذفا أو تشهيرا أو تضليلا أو إساءة للمؤسسات أو الأشخاص. لجنة من أجل تتبع مآل عريضة الولوجيات في ذات السياق، قال الحسن زروالي نائب الكاتب العام لجمعية الأخوة للأشخاص ذوي الإعاقة بطنجة، إحدى الجمعيات التي صادق المجلس على عريضتها، أن مكتب الجمعية سيعمل على تشكيل لجنة للتتبع، مشددا على أنه كان من المفروض أن أي رخصة خرجت إلا ويجب أن تتضمن شرط إدراج الولوجيات في أي رخصة، (مقهى، محلبة، فندق، مطعم..)، مشيرا إلى أن العريضة تضمنت إشارة مهمة وهي تحت طائلة سحب الرخصة أو الزجر أو ما شابه. وأضاف زروالي في ذات الحديث مع موقع "لكم"، أن الواقع سيظهر إلى أي حد الجماعة جادة في تنفيذ وتنزيل ما تم تقريره في دورات المجلس، مشيرا إلى أن "جمعية الأخوة" ستعمل على مراسلة الجماعة لاستفسارها عن مآل العريضة بعد المقرر الجماعي. وكانت جمعية الأخوة قد قدمت عريضة للجماعة تتعلق بشرط إدراج الولوجيات في الرخص التجارية التي تصدرها، وفي الصفقات التي تشرف عليها في الفضاءات وفي المرافق العمومية، وقبلت ومرت في دورة فبراير سنة 2020، وحازت على إجماع الحاضرين، لكنها لم تخرج إلى حيز الوجود حتى الآن رغم مرور حوالي سنة على المصادقة عليها، وفق المسؤول في الجمعية. من جهة أخرى، طالب زروالي، جماعة طنجة بتنفيذ المقرر الذي صادقت عليه على إثر العريضة الذي قدمتها جمعيته، عبر التنصيص في الرخص وفي دفاتر التحملات على شرط إدراج الولوجيات، معتبرا أنه لا يعقل أن يبقى المقرر والعريضة دون تنفيذ رغم المصادقة. وشدد الفاعل الجمعوي، على ضرورة احترام الاتفاقيات الدولية، والوثيقة الدستورية التي تؤكد في الفصل 34 على أن السلطات العمومية تقوم بوضع وتفعيل سياسات موجهة للأشخاص ذوي الإعاقة مع تيسير التمتع بكافة الحقوق والحريات المعترف بها للجميع، ثم أيضا القانون الإطار المتعلق بالنهوض وحماية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة 97-13، الذي يشير في مادته 3 وبصيغة الوجوب على السلطات العمومية عند إعدادها وتنفيذها للسياسات العمومية احترام مجموعة من المبادئ ومن جملته تيسير الولوج إلى مختلف الفضاءات العمومية. المجتمع المدني قوة اقتراحية ياسين الريش رئيس جمعية المعهد المتوسطي الديمقراطي للتنمية والتكوين، فله رأي آخر في هذه القضية، فقد اعتبر في حديث مع "لكم"، أن جماعة طنجة أو أي مؤسسة منتخبة أو عمومية ستكون سعيدة في حالة التوصل بمقترحات وحلول عملية لتخطي المشاكل الناتجة عن التحولات السريعة للنمو الاجتماعي والاقتصادي التي تعرفها مدينة طنجة. وبالتالي ما على جمعيات المجتمع المدني، يضيف الريش، إلا أن تكون قوة اقتراحية، والبحث عن الحلول عن طريق تقديم العرائض وتتبع وتقييم السياسات العمومية بغرض إطلاق عملية تغيير إيجابية لصالح الساكنة والمدينة إلى جانب مؤسسات الدولة الحكومية والمنتخبة والتخفيف من عبء هذه المشاكل. ونفى المتحدث، أن يكون لهذا التفاعل، علاقة بقرب الانتخابات، لافتا الانتباه إلى أن تفاعل جماعة طنجة مع العرائض المودعة هو في صلب واجباتها واختصاصاتها المنصوصة في القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات، مبرزا أنه في حالة توفر العريضة على الشروط الشكلية والموضوعية، يتم قبولها وتسجيلها في جدول أعمال المجلس في الدورة العادية الموالية، وتحال على اللجان الدائمة المختصة لدراستها. وبالتالي، فكما وضحت من قبل، فعدد العرائض المدرجة في دورة المجلس هو راجع إلى عدد العرائض المودعة. تحفيز على تقديم العرائض أما فاتحة الزاير النائبة الثامنة لعمدة مدينة طنجة مكلفة بملف التنمية الاجتماعية والثقافية ، فقد أكدت في حديث مع موقع "لكم"، على أن جماعة طنجة تحفز و تشجع المجتمع المدني على تقديم العرائض، وتزايد عددها أوصلها لدرجة الظاهرة، معتبرة أنه لا مشكلة لدى الجماعة، فقط يجب أن تستوفي الشروط المطلوبة، بحيث تكون مناسبة بالنسبة للمجلس الجماعي لعرض مجموعة من الملفات. ومن طرق التشجيع التي تعتمدها الجماعة، حسب الزاير، الجلوس مع الجمعيات التي تقدم العرائض، ومناقشة معها الموضوع بشكل مباشر، مضيفة، نكون سعداء لأننا نشتغل ونتعاون مع المجتمع المدني. وأفادت الزاير أنه كان للجماعة بعض المقترحات، ولما لاحظت أن هناك اهتمام جمعيات ببعضها، انتظرنا حتى تأتي منها، كما هو حال عرائض ستعرض خلال دورة فبراير بطلب من جمعيات وبتفاعل منا. المآل العملي للعرائض من خلال الوثيقة التي أرسلتها جماعة طنجة لموقع "لكم"، يتضح من خلال بعض الأمثلة التي سنعرضها، أن مجموعة من العرائض لم تجد طريقها نحو التنفيذ رغم مصادقة المجلس الجماعي عليها، فعريضة "جمعية التكتل الجمعوي لطنجة الكبرى"، حول "المعالجة الثلاثية للمياه العادمة بمدينة طنجة"، والتي تم إيداعها 22 مارس 2019، فقد تعذر تنفيد المعالجة الثلاثية نظرا لكلفتها الباهظة وذلك وفق توصيات لجنة التعمير واعداد التراب والمحافظة على البيئة ولجنة الشؤون الاجتماعية والثقافية والرياضية، رغم مصادقة المجلس الجماعي عليها في دورته العادية لشهر ماي 2019 . ودائما حسب الوثيقة المشار إليها فإن عريضة "تثمين النفايات المنزلية والمشابهة لها"، التي قدمتها "جمعية مدرسي علوم الحياة والأرض بالمغرب"، بتاريخ 01 أبريل 2019، لم يكن حالها أحسن من سابقتها، فقد صادق عليها المجلس الجماعي في دورته العادية لشهر ماي 2019، إلا أنه تم التأكيد في القرار على توصية اللجنة بان طلب الجمعية المتعلق بإحداث ودعم مقاولات اجتماعية لتدوير النفايات المحصل عليها من عملية الفرز لا يدخل ضمن اختصاص الجماعة. "جمعية التحدي لتنمية الشباب والشباب في وضعية إعاقة بطنجة"، قدمت بتاريخ 22 يونيو 2019، عريضة تروم إحداث "ولوجيات النقل العمومي الحضري (حافلات الزا)"، صادق عليها المجلس الجماعي في دورته العادية لشهر أكتوبر 2019، وقرر دعوة هذه الشركة إلى ضرورة استخدام الولوجيات الخاصة بذوي الاحتياجات المتوفرة ببعض الحافلات والعمل على تعميمها، إلا أن الشركة لم تتفاعل حسب فاعلين تحدث إليهم موقع "لكم". هذا المصير حدث أيضا لعريضة "جمعية الإخوة للأشخاص ذوي الإعاقة"، حول "إدراج شرط وجود الولوجيات في المرافق والفضاءات العمومية"، التي قدمتها 07 أكتوبر 2019، و صادق عليها المجلس الجماعي في دورته العادية لشهر فبراير 2020 حيث عبر عن موافقة المبدئية، بشان إدراج شرط وجود الولوجيات في المرافق والفضاءات العمومية والخاصة ذات الاستعمال العمومي في رخص الجماعة ودفاتر التحملات، إلا أنه وحسب مسؤول بالجمعية فإن الجماعة لم تعمل على تنفيذه رغم مرور سنة على المصادقة.