عبد الله أفتات شيع الآلاف من ساكنة مدينة طنجة زوال اليوم السبت 26 دجنبر 2020، جثمان الشيخ محمد السعدي المعروف بالجردي، الذي وافته المنية صباح السبت عن سن 80 سنة، متأثرا بإصابته بوباء كورونا، وفق ما أكده مقربون منه لموقع "لكم". وغصت مقبرة المجاهدين بمحبي وتلاميذ الشيخ، رغم إجراءات الحجر الصحي، ويكفي إلقاء نظرة على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي لنرى شعبية الراحل، حيث زينت صوره منذ صباح اليوم السبت، "فروفايلات" رواد الفضاء الأزرق. ويعد الراحل الجردي، أحد أشهر خطباء مدينة طنجة بالنظر لفصاحته وتطرقه لمواضيع قلما يتطرق إليها خطباء الجمعة، حيث كانت من أسباب التفاف الناس حوله، وحضورهم بأعداد كبيرة سواء يوم الجمعة أوعند إلقائه الدروس في باقي أيام الأسبوع، خاصة في فترة الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، حيث يعتبر المد الإسلامي بطنجة والمغرب عموما. وزادت شهرة ومكانة الرجل، عندما تعرض للتوقيف سنة 2001، بسبب توقيعه لفتوى ضمت توقيعات 16 عالما من مختلف جهات المغرب، تحرم مشاركة المغرب في الحرب الأمريكية ضد الإرهاب، التي أطلقتها بعد أحداث 11 شتنبر 2001 بالولايات المتحدةالأمريكية. المدرسة السلفية التقليدية الشيخ محمد السعيدي المعروف بالجردي نسبة للقرية التي ولد فيه "الجردة" من قبيلة أنجرة الشهيرة بضواحي طنجة شمال المغرب، حيث يعتبر حسب مجموعة من المراقبين، من علماء ودعاة مدينة طنجة المشهورين،وبحسب الباحث عبد الرحمان الشعيري منظور المهتم بالجماعات الإسلامية وبالمجال الديني، فإن للراحل إسهام دعوي متميز في الحقل الديني بطنجة من خلال خطبه للجمعة بمسجد عقبة ابن نافع، المعروف وسط الناس "بمسجد الأربعين"، ودروسه الفقهية التي كان يتفاعل فيها مع أسئلة المجتمع، كما درّس أفواج من الطلبة بمعاهد التعليم العتيق بالمدينة. وأضاف منظور في حديث مع موقع "لكم"، أن جهود الشيخ محمد الجردي في مجال الخطابة والوعظ والإرشاد برزت منذ التسعينات في أوج الصحوة الإسلامية بالمغرب و التي كانت طنجة من أبرز مدنها في المغرب نظرا للحركية الدعوية للعديد من الشيوخ ومنهم وقتئذ الشيوخ الصديقيون والشيخ الجردي والحضري والفيزازي، وكان للشيخ الجردي سلوك دعوي يمكن تصنيفه ضمن المدرسة السلفية التقليدية خاصة مع تأثره الكبير بابن تيمية والألباني والشيخ محمد الزمزمي وتقي الدين الهلالي، لكن التوجه السلفي للشيخ بقي محافظا على طابعه المغربي نظرا لتتلمذه على علماء كبار من مدرسة " النبوغ المغربي" من أمثال : الشيخ عبد الله كنون و عبد المجيد ازميزم والحسن بن الصديق. استقلالية الشيخ في تعامله مع السلطة من مميزات الشيخ الجردي كذلك، يؤكد الباحث، أنه حافظ على نوع منالاستقلالية في تعامله مع السلطة السياسية، مشيرا إلى أنالشيخ كان من الستة عشر عالما الموقعين على " فتوى تحريم مشاركة المغرب في الحرب الأمريكية ضد الإرهاب" والتي صدرت بعد أحداث 11 شتنبر 2001 بالولايات المتحدةالأمريكية، وعلى إثر هذا التوقيع تم توقيفه من خطبة الجمعة بمسجد الأربعين بطنجة، وبعد ذلك تم السماح له بإلقاء دروس الفقه والوعظ والتدريس في معاهد العلوم الشرعية، خاصة أن الشيخكانتله شعبية لدى عامة الناس نظرا لدروسه الفقهية المتفاعلة مع قضاياهم، كما كانت له مكانة متميزة في أوساط التيار السلفي نظرا لخلافه مع الصوفية ومع الأدبيات الفكرية والسياسية للتيار الحركي الإسلامي. وأكد الشعيري منظور، على أن الشيخ الجردي بقي إلى وفاته رحمه الله واعظا ببعض مساجد طنجة تحت إشراف المجلس العلمي المحلي، ولوحظ على خطابه الدعوي -على غرار معظم العلماء مع تقدمهم في السن- ابتعاده عن الخلافيات وتركيزه على الوعظ والرقائق. سلاسة اللغة وميله إلى الدعابة من جهته، اعتبر الداعية عبد الله اشبابو أن مدينة طنجة رز7ت في عالم أصول جليل من علمائها ، وداعية رباني من دعائها ، وخطيب مصقاع من خطباء مساجدها ، وواعظ مفوه من وعاظها،إنه الفقيد الجليل الشيخ محمد الجردي رحمه الله، الذي قضى عمره في الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة ، والتبليغ عنه وعن رسوله صلى الله عليه وسلم على منبر الجمعة ، وفي حلقات الوعظ والإرشاد، وفي حلقات تدريس العلم الشرعي . وأضاف اشبابو في اتصال مع موقع "لكم"، أن الراحل تميزبأسلوبه الخاص، وبلغته التي كان يراعي فيها مقام الكلام ومستوى المخاطبين ، فكان يلتزم الفصاحة في خطبه المنبرية ومعالجة القضايا العامة ، ويجنح إلى السهولة في اللغة واستعمال الدارجة في الوعظ والإرشاد ، مع الميل إلى الدعابة أحيانا عندما يقتضي الأمر ذلك ، إما زيادة في التوضيح ، او دفعا للملل عن المستمعين. هكذا عرفته رحمه الله، يقول اشبابو، منذ أن تعرفت عليه في منتصف السبعينات في مسجد الموحدين بطنجة، وهو المسجد الذي برز فيه اسمه رحمه الله وذاع صيته،إذ كان منطلقا لدعوته من منبر الجمعة، وهناك استقطب آلاف الشباب والكهول والشيوخ ، حتى صار المسجد على سعته يكتظ وما حوله بالمصلين ، وصاروا يقبلون عليه من كل أحياء المدينة . وأشار اشبابو إلى أن الأمرظل على هذا الحال حتى تم ايقافه عن الخطبة ، بعد توزيع مناشير مسيئه للنظام فيه،ولم يتوقف الشيخ الجردي رحمه الله بعد ذلك عن تبليغ الرسالة والدعوة والتعليم الشرعي، بل ظل يلقي دروسه في عدة مساجد بالمدينة ، إلىأنأصابتهوعكتة صحية، أعقبهاابتلا5ه بالوباء الذي أسلم فيه الروح إلى باريها رحمه الله . وختم اشبابو تصريحه لموقع "لكم" قائلا: أسأل الله تعالى أن يتقبله شهيدا عنده ،وأن يتقبل منه جهاده الدعوى والتعليمي ، وأن يجازيه عنا جميعا ، عن من علم ، وعن من اهتدى على يديه ، وأنيبو7هأعلى مقام في جنة الفردوس ، وأن يلهمنا ويلهم كافة أهله ومحبيه جميل الصبر على فراقه . ولا حول ولا قوه الا بالله العلي العظيم .