هناك مثل إنجليزي شهير يقول " لا تحكم على الكتاب من غلافه" وتطبيقاً لهذا المثل تقدمنا لاجتياز المباراة المذكورة أعلاه التي حُجبت لمدة سبع سنوات حيث إن آخر مباراة تعود لسنة 2005 وكان ذلك بعد جمع عدد كبير من الأوراق الإدارية التافهة والاضطرار الى تحمل وقاحة بعض موظفي البلدية الذي يجدون صعوبة بالغة في كتابة أسماء طالبي هذه الأوراق. وفاق عدد المقاعد التي سيتم التباري عليها 200. حتى هنا تبدو الأمور عادية لكن بمجرد قرب انتهاء المبارة أُخبرنا بأنه سيعلن عن النتائج بعد شهرين: ردح من الزمن كاف للتلاعب في النتائج حسبما أرادوه مخرجو هذه المسرحية السيئة دون التقيد بأدنى الضوابط التي تحكم تقديم أي عرض كهذا. وخلال فترة التصحيح، حدث تسريبات تفيد بأن مستوى الخريجين ضعيف كما هي العادة. وهي محاولة بائسة الغرض منها إحباط المرشحين ولفت انتباههم الى أمور أخرى وقطع الطريق على أي محاولة احتجاج للذين رأوا أن النتائج غير منصفة. فرضا لو أن صاحب هذه التسريبات على صواب، فلماذا لا يطلب من مدرسة الملك فهد للترجمة أن تسحب شهاداتها من الطلبة الذين لا يستحقونها. واعتقد أن الشجاعة لا تنقصه لتقديم هكذا طلب طالما أنه يرى أن حاملي هذه الشهادات عديمي الكفاءة ودون المستوى المطلوب. إن سوْق هذه المسوغات للإيهام بأن المستوى ضعيف حتى يتسنى التلاعب في النتائج وتقزيم لائحة الناجحين إلى أبعد الحدود مردود عليه وغير مقبول مهنيا ولا أخلاقيا إن بقيت هناك أخلاق. كيف يُعقل أن يفوق عدد المقاعد المتبارى عليها 200 ولا ينجح سوى أكثر من 50 مرشحا بقليل؟ إنه منطق التحكم وعقلية التلاعب والاحتكار المسيطران على هذا القطاع حتى مع تولي شخص له ماض حقوقي وزارة "العدل" والعدل منها براء وشعارات الشفافية والنزاهة التي تُرفع بدون كلل أو ملل. والنتيجة ارتفاع مهول في عدد المعطلين حاملي دبلوم مترجم تحريري رغم امتصاص دول الخليج لأعداد كبيرة منهم واضطرار البعض الآخر للانخراط في تنسيقيات المعطلين المناضلة في الرباط. وتجدر الاشارة الى أن لائحة الناجحين لم تضم أي قائمة انتظار بخلاف ما هو جاري به العمل في كل المباريات التي تضم لائحة انتظار إضافة الى لائحة رئيسية بأسماء الناجحين. إذن لا داعي لسرد المزيد من الخروقات التي تبين بالملموس أن نية الاحتكار ثابتة والأساليب المتبعة بهذا الخصوص غير قانونية ولا أخلاقية. وكل هذا يزيد من سخط التراجم المعطلين وإفقاد دبلوم مدرسة فهد للترجمة كل قيمة ويثبت زيف الشعارات الرنانة المرفوعة. غريب أمر من يقرر في هذا المغرب الذي تبلغ فيه العطالة أرقام قياسية ولا يتم ادخار أي جهد لخفض نسبتها على الأقل لأن القضاء عليه بوجود عقليات لا تؤمن بالمنافسة الحرة ولا تكافؤ الفرص وهمها الوحيد هو مراكمة الثروة والعقارات والتلذذ بمعاناة الخريجين الذين يجد الكثير منهم صعوبة كبيرة في التنقل للرباط لغرض من الأغراض. إن التفسير المنطقي المقبول لهذه النتائج هو ان الوزارة لم تنجح في فرض مبادئ الكفاءة والاستحقاق والنزاهة لتكون هي السائدة. والسبب هو غياب الإرادة السياسية للقيام بإصلاحات فعلية وهذا ينطبق على كافة المهن المساعدة للقضاء. من ثم لا داعي للاستغراب من التقارير التي تصنف المغرب في مراتب جد متأخرة في الرشوة، بحيث احتل المغرب الرتبة 80 في آخر تقرير لمنظمة الشفافية الدولية. ويعتبر قطاع العدل من أكثر القطاعات فسادا مع احترامنا لشرفائه على قلتهم لاسيما أولئك القضاة الشرفاء الذين يُجرون من استنطاق لآخر لترهيبهم. ختاما يجب انتظار سبع سنوات أخرى لمن يراوده حلم ترجمان محلف مع توقع الأسوأ في بلد ينحدر الى الحضيض وربما يأتي يوم يخترق فيه القعر ليُعلن رسميا أن ما يسمى بالمغرب خرج من دائرة الأمم المتحضرة وآنذاك سيكون تحت رحمة الكواسر لنهش ما تركه حداثيو وديمقراطيو ممارسة القرون الوسطى. 16 ديسمبر 2012