اعتدى مواطن سعودي الخميس بسكين على حارس أمن في القنصلية الفرنسية في جدة في وقت تشهد دول ذات غالبية مسلمة تحركات احتجاجية غاضبة ضد فرنسا بسبب نشر رسوم تجسد النبي محمد فيها. وجاء الاعتداء بعد أن قتل رجل يحمل سكينا في كنيسة في مدينة نيس بجنوب شرق فرنسا، ثلاثة أشخاص أحدهم على الأقل نحرا، وجرح آخرين قبل أن تعتقله الشرطة. وأكدت السفارة الفرنسية في الرياض حصول الاعتداء على القنصلية، مشيرة الى أن "حارس الأمن نقل إلى المستشفى حيث وضعه الصحي لا يدعو للقلق". وأوردت وكالة الأنباء السعودية نقلا عن شرطة منطقة مكةالمكرمة أن "القوة الخاصة للأمن الدبلوماسي تمكنت -بفضل الله- من القبض على مواطن بالعقد الرابع من العمر بعد اعتدائه بآلة حادة على حارس أمن بالقنصلية الفرنسية بجدة نتج عنها تعرضه لإصابات طفيفة". وبحسب البيان، "تمّ نقل المصاب إلى المستشفى لتلقي العلاج اللازم، كما تم إيقاف الجاني واتخاذ الإجراءات النظامية بحقه". ولم تعلن السلطات عن جنسية حارس الأمن. وقالت السفارة الفرنسية في بيان "تعرضت القنصلية الفرنسية في جدة هذا الصباح لهجوم بالسكين استهدف حارسا موظفا في شركة أمنية". ودانت السفارة "بشدة هذا الاعتداء الأثيم ضد منشأة دبلوماسية"، ودعت مواطنيها في السعودية إلى "اتخاذ أقصى درجات الحيطة والحذر". ولم تعلن السلطات السعودية ولا السفارة الفرنسية عن أي دوافع وراء الهجوم. لكنه يأتي في فترة يتصاعد فيها الغضب في العالم الإسلامي بعد تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي تعهّد "عدم التخلي عن رسوم كاريكاتور" تجسّد النبي محمد. وتم تشديد الإجراءات الأمنية حول القنصلية الفرنسية في جدة. ورأى مصور لفرانس برس سيارات الشرطة السعودية تقوم بدوريات حول المجمع. في الرياض، رأى مراسل فرانس برس سيارتين تابعتين للشرطة خارج السفارة الفرنسية الواقعة في الحي الدبلوماسي في المدينة، بينما منعت الشرطة المارة من التقاط الصور. استنكار سعودي واستنكرت السعودية الثلاثاء الرسوم الكاريكاتورية للنبي محمد التي نشرت في صحيفة "شارلي إيبدو" الفرنسية، مؤكدة في الوقت ذاته إدانتها "كل عمل إرهابي" ورافضة أي محاولة للربط بين "الإسلام والإرهاب". ودعت السعودية إلى "أن تكون الحرية الفكرية والثقافية منارة تشع بالاحترام والتسامح والسلام وتنبذ كل الممارسات والأعمال التي تولد الكراهية والعنف والتطرف وتمس بقيم التعايش المشترك والاحترام المتبادل بين شعوب العالم". في فرنسا، أعلن رئيس الوزراء جان كاستيكس الخميس رفع درجة التأهب الأمني في المباني ووسائل النقل والأماكن العامة، في أعقاب هجوم بسكين في كنيسة في نيس بجنوب شرق البلاد أودى بحياة ثلاثة أشخاص. وشهدت فرنسا أخيرا اعتداءات نفذها مسلمون متطرفون، أبرزها الجريمة المروعة المتمثل بقطع رأس أستاذ التاريخ سامويل باتي، بيد الشيشاني عبد الله أنزوروف البالغ 18 عاما، وذلك بسبب عرض الأستاذ الرسوم الكاريكاتورية للنبي أمام تلامذته. ودفع مقتله ماكرون إلى التعهد بقمع التطرف الإسلامي، بما يشمل إغلاق مساجد ومنظمات متهمة بالتحريض على التطرف والعنف، مؤكدا في الوقت نفسه تمسكه بالدفاع عن حرية نشر الرسوم. واندلعت على الأثر احتجاجات ضد فرنسا في عدد من الدول الإسلامية، وحضت جهات على مقاطعة المنتجات الفرنسية. وتفاقم التوتر بشكل خاص بين ماكرون والرئيس التركي رجب طيب إردوغان حول القضية. وفرنسا في حالة استنفار أمني تحسبا لهجمات منذ الاعتداء في 15 كانون الثاني/يناير 2015 على مقر شارلي إيبدو في باريس. وتجري حاليا جلسات محاكمة متهمين بالمشاركة في الاعتداء. ويسلط الاعتداء في جدة الضوء على السعودية التي تشهد حملة انفتاح بعد عقود من التشدد في إطار خطة ولي العهد لتنويع الاقتصاد ووقف الارتهان للنفط، وخصوصا عبر جذب الاستثمارات في قطاعي الترفيه والسياحة. والعام الماضي، أقدم مواطن يمني على طعن أربعة إسبان بالسكين خلال عرض مسرحي في حديقة في الرياض بالهواء الطلق. وكان ذلك الاعتداء الأوّل ضد إحدى فعاليات الترفيه التي باتت تنظمها الرياض ومدن سعودية أخرى بانتظام. ويحذّر بعض السعوديين من أن إدخال مثل هذه الإصلاحات في مجتمع محافظ للغاية ينطوي على مخاطر. وتم تنفيذ حكم الاعدام باليمني في شهر أبريل الماضي، بحسب السلطات التي كانت اتّهمت فرع تنظيم القاعدة في اليمن بالوقوف خلف الاعتداء.