تحول ميدان التحرير في قلب القاهرة إلى ساحة معارك حقيقة بعد اقتحام الآلاف من الموالين للرئيس المصري حسني مبارك بعد ظهر الأربعاء 2 يناير 2011، هذا الميدان الذي يتجمع فيه منذ تسعة أيام آلاف المتظاهرين المطالبين برحيله والذين أصيب منهم 500 على الأقل في هذه المواجهات التي مازالت مستمرة. بدأت الاشتباكات مع تمكن مئات من المشاركين في تظاهرة حاشدة مؤيدة للرئيس مبارك ضمت أكثر من 20 ألف إلى مشارف الميدان من جهة المتحف المصري قادمة من شارع جامعة الدول العربية في الجيزة. وقام هؤلاء، الذين يؤكد عدة شهود إنهم من رجال الأمن وبلطجية الحزب الوطني الحاكم, بقذف المحتجين بالحجارة وقطع الحديد الصغيرة وذلك قبل وصول مجموعة ثانية من أنصار مبارك تتقدمهم خيول وجمال واخذوا يضربون المتظاهرين بإقفال حديدية قديمة. ورأى صحفي من وكالة فرانس برس سيارات إسعاف تنقل الجرحى تباعا في مجموعات بعضها من أربعة أشخاص إلى المستشفيات فيما يقوم محتجون بنقل جرحى آخرين إلى عيادات ميدانية أقيمت في عدة أماكن من الساحة ويعمل فيها متطوعون بوسائل إسعاف أولية. وعلم من مصادر طبية أن ثلاثة مستشفيات استقبلت الجرحى في القاهرة هي القصر العيني والهلال واحمد ماهر. وأفادت المصادر نفسها إن اثنين من المصابين على الأقل في حالة خطرة. ومعظم هؤلاء الجرحى مصابون في الرأس والعيون. واتهمت ثلاث مجموعات احتجاجية رجال شرطة يرتدون ملابس مدنية باقتحام الميدان "لترويع" المتظاهرين. وقال بيان لحركة 6 ابريل وحركة كفاية وتيار التجديد الاشتراكي تلقته فرانس برس إن "عناصر من الأمن بملابس مدنية وعددا من البلطجية اقتحموا ميدان التحرير وقاموا بترويع المتظاهرين بهدف إظهار أن الشعب المصري منقسم". ودعا البيان "أصحاب الضمائر الحية في العالم إلى حماية الثورة المصرية". وأكد احد المتظاهرين أن "احد البلطجية عثر معه على بطاقة تثبت انه رجل امن". وقد تمكن المحتجون في وقت من الأوقات من إبعاد أنصار مبارك والاستيلاء على الخيول التي كانت معهم وقاموا بوضع سواتر على مدخل الساحة من جهة المتحف وبكسر حجارة الرصيف لاستخدامها في الدفاع عن أنفسهم وسط هتافات "مش عايزينه، مش عايزينه" و"يرحل يرحل يرحل" و"مش حنمشي .. هو يمشي". كما اخذ المحتجون يضربون على الحديد تعبيرا عن غضبهم ويدعون باقي المحتجين إلى التقدم لدعم زملائهم في الخطوط الأمامية. وتتواصل الاشتباكات بالحجارة بعنف في طرف الميدان الذي انتشرت فيه بقع الدماء والذي انسحب جنود الجيش من الدبابات التي تقف أمامه والتي صعد إليها المحتجون. وتمكن بعض الموالين لمبارك من الصعود إلى سطح بناية مطلة على الميدان واخذوا يلقون منه قطع ضخمة من الحجارة على المتظاهرين. كما سمعت طلقات نارية قادمة من شارع مؤدي إلى الساحة. وأمام هذا الوضع دعت عدة شخصيات عامة مصرية من بينها رجل الأعمال نجيب ساويرس وسفير مصر السابق لدى الأممالمتحدة نبيل العربي والكاتب سلامة احمد سلامة "المؤسسة العسكرية المصرية إلى ضمان امن وسلامة شباب مصر المتجمع للتظاهر السلمي في ميدان التحرير وغيره من شوارع وميادين المدن المصرية". وتابع البيان "إننا نعقد الأمل على المؤسسة العسكرية للخروج بالوطن والمواطنين من هذه الأزمة وإنقاذ أرواح شباب مصر" وأشارت إلى أن "مخرج الأزمة الخطيرة التي تعصف بالوطن والمواطنين" يتمثل في خطة من خمس نقاط تقضي خصوصا بان يكلف الرئيس نائبه عمر سليمان "بإدارة الفترة الانتقالية". وتأتي هذه الاشتباكات غداة تظاهرات شارك فيها أكثر من مليون شخص في جميع انحاء مصر الثلاثاء تطالب برحيل مبارك الذي أعلن مساء الثلاثاء في خطاب تلفزيوني انه سيكمل ولايته لكنه لن يرشح نفسه في الانتخابات الرئاسية المقررة في سبتمبر. • جوزف بدوي وهانية الملوني • ا ف ب