وزير خارجية قطر إسرائيل ليست ذئبًا لكن أغلبنا نعاج نصر الله: مستقبل المنطقة تصنعه الأسود وليس النعاج على إثر الهجوم العدواني الذي نفذه الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة ، توالت التصريحات الشاجبة والمدينة لهذا العدوان الغاشم ،وكان من أطرف هذه التصريحات ما قاله وزير خارجية قطر ، ثم ما جاء في رد السيد حسن نصر الله على تصريح هذا الأخير ، حيث أن الأول توجه باللوم لمعظم الحكام العرب ووصفهم ب "النعاج " بينما اعتبر الثاني أن الأسود هي التي ستصنع مستقبل المنطقة وليس النعاج . إن قراءة سريعة في التصريحين تبين أن الحكام العرب صنفان : صنف مكون من نعاج وهذا هو الصنف الغالب وهو كغثاء السيل كما جاء في الحديث النبوي الشريف ؛ لا ترجى منه فائدة خاصة بالنسبة للقضية الفلسطينية ، وصنف ثان مكون من أسود وهذا هو الصنف الضعيف عدديا ومع ذلك يظل هو الصنف المعول عليه في تحرير فلسطين ، والقضاء على الكيان الإسرائيلي نهائيا ؛ على اعتبار أنه الصنف المؤثر على موازين القوى في المنطقة العربية ،بدليل أن كل القوى السياسية المتحكمة في زمام الأمور عالميا تفكر ألف مرة قبل اتخاذ أي قرار ضد هذا الصنف من القادة الذين يعتبرون " مُمانعوالنظام العالمي الامبريالي المتوحش " الذين يؤمنون بالمقاومة كسلاح لكسب القضايا المصيرية المرتبطة بالكيانات الوطنية ، ولايعترفون بوجوب استجداء المنتظم الدولي لإيجاد حلول لمشاكل هذه الأخيرة . إن إسرائيل ليست ذئبا هي عبارة تحتمل تأويلين اثنين الأول : أن الكيان الإسرائيلي ليس كيانا فتاكا متوحشا وقويا إلى درجة أن نخشاه كما نخشى الموت ، وهذا التأويل أجده أبعد ما يكون عن فكر من طينة فكر وزير خارجية قطر ، والتأويل الثاني هو أن إسرائيل هي دولة قائمة ذات نظام ديمقراطي ، لا تعتدي على أحد ، بل تدافع عن نفسها فقط ، ولذلك وانطلاقا من حمولة هذا التصريح الدبلوماسي الخطير، يجوز أن نقلب المعادلة المألوفة " القوي من يستفز الضعيف " إلى معادلة جديدة من إبداع السيد الوزير القطري وهي " الضعيف من يستفز القوي "وإذا تعرض هذا الضعيف لهجوم شرس قاتل من هذا القوي فذلك يعتبر من تحصيل حاصل " أو كما تعبر عنه القوى العظمى بدون استحياء بحق الدفاع عن النفس . إن تصريح السيد وزير خارجية قطر سالف الذكر يذكرني بقصة كنت قرأتها وأنا تلميذ بالمرحلة الابتدائية ، والقصة تقول أن ذئبا وُجد يوما في أعلى مجرى مائي ، فشرب من مائه الصالح للشرب ولما انتهى ، رمق حملا صغيرا في أسفل المجرى وهو يحاول أن يطفئ عطشه بقطرة من ماء ، فتحركت في داخل الذئب فطرته التي فطره الله عليها وهي "شهية الافتراس " ، ولكن كان لابد من سبب حتى وإن كان غير وجيه ليبرر به افتراس هذا الحمل الوديع المسالم ، فنادى الذئب الحمل وقال له كعادة الطغاة في مخاطبتهم للضعفاء والمحكومين " إنك تلوث الماء الذي أشربه ، ولذلك فأنت تستحق أن أقتلك ثم أفترسك " فتعجب الحمل وتساءل كما يتساءل عادة المقهورون والمظلومون : كيف لقابع في أسفل المجرى أن يلوث الماء لمتربع على قمة هذا المجرى ؟ ؟ فإسرائيل ،حسب التأويل الثاني وحسب مضمون القصة ،هي دولة مسالمة ومهادنة ، وأن من يثير المشاكل والحروب معها هي حماس الحركة المقاومة ، هذه الأخيرة هي التي لوثت "مياه " إسرائيل الصافية حينما تجرأت وصنعت " فجر " وغيره من الصواريخ المزعجة لأمن إسرائيل ، فجاء رد هذه الأخيرة قويا ، ووحشيا إلى أبعد حد فقتلت 145 فلسطينيا . ولذلك يحق لنا أن نتساءل : هل "النعاج " التي جاءت من كل حدب وصوب ، بعد أن ارتوى وشبع المجرمون الصهاينة من الدم الفلسطيني الحر ، لتطالب بهدنة بين حماس وإسرائيل ، وبشروط لا تستحق أن نقول عنها أنها مكاسب حققتها المقاومة ، هل هذه النعاج تقاسم السيد الوزير القطري نفس الرأي في هذا الوصف المهين أو الحقيقي لحكامنا العرب والمسلمين ؟ وهل احتفال أهل غزة ب"الانتصار " على الكيان الإسرائيلي بطريقة توحي وكأن الأمر يتعلق بتحرير فلسطين نهائيا من براثن الاحتلال الإسرائيلي الغاشم ، هو مجرد احتفال نعاج لا حول لها ولا قوة ؟؟ وهل وجب أن يعترف جميع الحكام العرب ، كما اعترف الوزير القطري، بأن إسرائيل ليست ذئبا . وأنهم نعاج تثير بوداعتها وخنوعها شهية الافتراس والاعتداء لدى هذا الكيان الذي يستأذبه الكثير من الحاقدين عليه ؟؟ أما تصريح السيد حسن نصر الله فقد حمل تلميحا ذكيا إلى أن مستقبل المنطقة لن يؤمن إلا من لدن الأسود ، أي أولئك الذين يؤمنون بجدوى سلاح المقاومة في مواجهة إسرائيل ، وليس "النعاج " التي تقف مرعوبة أمام جبروت وهمجية العدو الإسرائيلي المحتل ، ومن الوارد جدا أن يكون في تصريح السيد حسن نصر الله إشارة قوية إلى أن مستقبل المنطقة العربية برمتها سيكون بيد المقاومة الشيعية وليس بوداعة وتخاذل نعاج السنة أو غيرهم من " الطوائف" المنبطحة لأصحاب القرار في النظام العالمي الامبريالي المتوحش .