كشفت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان عن المحنة الجديدة التي تجتازها العاملات والعمال من جراء تفشي وباء كوفيد-19، وآثاره على الحقوق الشغلية، وعلى ظروف العمل على الخصوص. وأوضحت الجمعية في بيان لها حول المستجدات الشغلية، أن آثار تفشي الوباء امتدت للوسط العائلي للعاملات والعمال ومحيطهم الاجتماعي، وتكرست بفعل السلوك اللامسؤول للعديد من المشغلين وضعف جهاز المراقبة، وتواطؤ السلطات المحلية والمركزية.
وأثارت الجمعية الانتباه إلى تذكيرها المستمر بتردي أوضاع العاملات والعمال، سواء الذين وجدوا أنفسهم خارج العمل، أو الذين اضطروا لمواصلة العمل في ظروف تهدد صحتهم وحياتهم، خاصة مع إهمال شروط السلامة بمواقع العمل، ما أدى إلى انفجار العديد من البؤر المهنية كما سجلت أكبر جمعية حقوقية بالمغرب انقطاع الدخل بالنسبة للعديد من العاملات والعمال، الذين استغل المشغلون أزمة كوفيد19 للتخلص منهم، أو الذين حرموا من التعويض الاستثنائي المحدث، بسبب عدم التصريح بهم لدى الضمان الاجتماعي، رغم هزالته وعدم كفايته لتأمين الحدود الدنيا للعيش الكريم، كما أن بعض المشغلين فرضوا على أجرائهم العمل بأجرة أقل. وتطرقت الجمعية في بيانها إلى الشغيلة من غير المأجورين كالباعة والحرفيين الذين وجدوا أنفسهم، بين عشية وضحاها، دون دخل ولا حماية فعلية من الفقر، مما سيكون له أوخم العواقب على صحتهم وصحة عائلاتهم وعلى عيشهم. وأشارت الجمعية إلى أن أزمة كوفيد أفصحت عن فظاعة التهرب من التصريح بالأجراء في نظام الضمان الاجتماعي، أو التصريح بهم بأقل من أجرتهم، ما حرم فئة كبيرة منهم من الاستفادة من التعويض المحدث، وهي ظاهرة عامة تشمل كل القطاعات، مما يفسر الاحتجاجات العمالية التي شهدتها أغلب مناطق المغرب. وكما استغل العديد من المشغلين ظروف كوفيد19 للتخلص الكلي أو الجزئي من العمال القدامى أو التراجع عن مكاسبهم، فإن الحكومة، حسب الجمعية، استغلت نفس الأزمة لتمرير عدة إجراءات وتشريعات تراجعية كالقانون التعديلي للمالية ومشروعي قانون النقابات وقانون الإضراب، وهي التشريعات لاشعبية تؤكد التوجه العام للدولة الحامية لمصالح الشركات الكبرى والخاضعة لإملاءات المؤسسات المالية الدولية على حساب حقوق الشغيلة والفئات الدنيا. وأضافت الجمعية أنه وأمام هذه الأوضاع الاجتماعية المتردية، شهدت العديد من مناطق المغرب حركات احتجاجية واجهتها السلطة، في غالب الأحيان، بالعنف غير المبرر والاعتقالات، حيث تم استصدار قرار بتفكيك معتصم عمال أمانور بطنجة، وإصدار أحكام قاسية في حق شباب مدينة جرادة، وتدخل عنيف لقوات الدرك بمحاميد الغزلان ضد مجموعة من المعطلين كانوا يطالبون بحقهم في الشغل والعيش الكريم، واعتقال سبعة من شباب قرية بني تجيت لنفس السبب والحكم عليهم بأحكام قاسية، واعتقال عشرة مواطنين بالقنيطرة على إثر احتجاج التجار الصغار ودعم السكان لهم ضد إجراءات الطوارئ المبالغ فيها التي فرضتها السلطات المحلية وغيرها. وفي هذا الصدد، دعت الجمعية الدولة المغربية لتحمل مسؤولياتها المنصوص عليها في المواثيق الدولية المتعلقة بالحقوق الشغلية، مطالبة بوقف العنف الرسمي ضد هذه الحركات الاحتجاجية المشروعة، وإطلاق سراح الشباب المعتقل بجرادة وبني تجيت وغيرهما، وإطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين ومعتقلي الحراكات الشعبية ومعتقلي الرأي والصحافة، والعمل على تلبية المطالب الشغلية والمطالب الشعبية عموما.