خيمت حالة من الحزن الممزوج بالصدمة على ساكنة طنجة والمغرب عموما، في أعقاب إعلان المديرية العامة للأمن الوطني في ساعة متأخرة من ليلة أمس الجمعة /السبت 11و12 شتنبر 2020، العثور على جثة الطفل عدنان بوشوف مدفونة قرب منزل أسرته بطنجة وإلقاء القبض على الجاني . وأفاد بلاغ في الموضوع، أن الشرطة القضائية بمدينة طنجة، تمكنت مساء الجمعة 11 شتنبر الجاري، من توقيف شخص يبلغ من العمر 24 سنة، مستخدم في المنطقة الصناعية بالمدينة، وذلك للاشتباه في تورطه في ارتكاب جناية القتل العمد المقرون بهتك عرض قاصر.
وتعود بداية القضية إلى يوم الاثنين الماضي 7 شتنبر الجاري، عندما تلقت مصالح أمن بني مكادة، بلاغا للبحث لفائدة العائلة، بشأن اختفاء طفل قاصر يبلغ من العمر 11 سنة، قبل أن تكشف الأبحاث والتحريات المنجزة أن الأمر يتعلق بواقعة اختفاء بخلفية إجرامية. وفي الوقت الذي انطلقت فيه حملة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، شاركت فيها صفحات ومواقع إلكترونية محلية، كما أن بعض أفراد العائلة سجلوا وصلة عبر القناة الثانية من خلال "مختفون"، تمكن بعض أفراد الحي من رصد مشاهد من بضعة ثواني من إحدى الكاميرات المثبتة على جدران أحد المنازل، ظهر فيها الطفل عدنان بصحبة شخص لم يتعرف عليه سكان الحي لأنه لم يسكن في الحي إلا حديثا. وأجمعت التصريحات التي استقاها موقع "لكم" من سكان حي الزموري 1 بطنجة، أن عدنان "طفل درويش، قليل الكلام، خدوم، يمارس رياضته المفضله" التكواندوا" بنادي الحي"، وقال أحد جيرانه، إن والديه في حالة نفسية لا يمكن وصفها، خاصة وأن الجميع كان يأمل أن يظهر في أي لحظة، لكن القدر كان يخبئ شيء آخر. وتجمع طيلة هذا يوم السبت بالقرب من منزل عائلة عدنان، المئات من الأشخاص رجالا ونساء وأطفالا، من ساكنة الحي ومن مختلف أحياء طنجة، للتعبير عن تضامنهم واستنكارهم لهذا الفعل الشنيع، حيث رفعت شعارات قوية تطالب بإنزال أقسى عقوبة في حق الجاني المنحدر من مدينة القصر الكبير، والذي يبلغ من العمر 24 سنة ويشتغل هو ومن معه بالمنطقة الصناعية بطنجة، كما خرجت مسيرة تقودها نساء من حي النصر، رفعن خلالها شعارات مختلفة أبرزها، "هذا عار هذا عار، وليداتنا في خطر"، "علاش جينا علا ش جينا عدنان بقا فينا"، ومعظمهن كن في حالة من البكاء والحزن العارم. يذكر أن النيابة العامة، قد أمرت بدفن جثة الطفل عدنان، بعد الانتهاء من تشريحها وكتابة التقرير الطبي، حيث تم دفن الطفل عدنان بمقبرة المجاهدين في فترة ما بعد ظهر يوم السبت، بحضور عدد قليل من أفراد عائلته. أصوات نسائية تتضامن مع أم عدنان وفاء بن عبد القادر رئيسة جمعية كرامة لتنمية المرأة، قالت لموقع "لكم"، مهما قلنا فإن قلوبنا تنقطع ودموعنا تحجرت منذ وصول خبر اختطاف الطفل عدنان، ونحن نعيش حزنا كبيرا، حزنا على هذا الطفل البريء، حزنا على الظروف التي تتواجد فيها العائلة الكبيرة والأسرة الصغيرة، وخصوصا أم عدنان. وتساءلت الفاعلة الجمعوية، كيف يخرج طفل في ظروف السلم ليقضي بعض طلبات الأسرة وفي النهار وفي حيه ولا يعود، مشيرة إلى أننا عشنا حزنا ثانيا على وضعية كل الأطفال، فنحن نرى ونسمع حالات كثيرة تتشابه مع قصة عدنان ذكورا وإناثا كلهم قاصرين يتم التغرير بهم ليقعوا في فخوخ لا يتمكن من النجاة منها، فيكون خبر الوفاة أو إصابات وجروح وعاهات مستديمة ترافق الضحايا مدى الحياة، مبرزة أن الجناة أصبحوا اليوم لا يعبؤون بالقانون وصار الاغتصاب رغبة وإدمان بأي ثمن وبأية طريقة يلجأ إليها الجاني . ودعت رئيسة جمعية كرامة، إلى تفعيل القصاص، معتبرة أن القانون هنا لا يختلف مع الشرع، فالفصل 474 يؤكد أنه في الحالات المشار إليها في الفصول 471 إلى 473 يعاقب على الاختطاف بالإعدام إذا تبعه موت القاصر، ونحن أمام هذه النازلة اختطاف تغرير تبعه موت، لا يمكن أن ينجوا هذا الجاني من هذا القانون . وأضافت بن عبد القادر في حديثها مع موقع "لكم"، أن ظاهرة اختطاف الأطفال أصبحت من الجرائم المتفاقمة بلا رادع، ويعود سببها إلى عدة عوامل منها غياب الوازع الديني، وتدني الأخلاق، وتراجع القيم، وتراجع المنظومة التربوية، ووضعية الهشاشة الاقتصادية، بالإضافة إلى الانفلات الأمني، وانتشار بؤر بيع المخدرات والكحول في الأحياء الهامشية وأمام أبواب المؤسسات التعليمية، والإدمان، والفقر، والجهل، أو ما يسمى بالثلاثية المتلازمة التي تجعل من صاحبها وحشا منعدم الإنسانية، منعدم الضمير. وأكدت رئيسة جمعية كرامة، مؤازرتها لأسرة عدنان بوشوف، داعية إلى تفعيل الفصل 474 حتى يكون الجاني عبرة لمن سولت له نفسه الاعتداء على أبنائنا أو استغلالهم أو اختطافهم أو التغرير بهم. من جهتها اعتبرت سعيدة شوكير رئيسة جمعية معارف للتربية والتكوين، أن هذه الفاجعة ليست سهلة أبدا، مشيرة إلى أنها حظيت بدعم وتضامن كبيرين ليس فقط بطنجة، بل على طول التراب المغربي، خاصة وأن هذه الجريمة جعلت فئة واسعة لا تحس بالأمان، متسائلة في تصريح لموقع "لكم"، كيف سولت لهذا المجرم نفسه ارتكاب هذه الجريمة البشعة في حق هذا الطفل البريء الملاك؟ وأضافت شوكير، انتظرنا طويلا عودة الطفل بكل أمل، ولا زلت أرى صوره وعينيه وكأنها تسائلنا، تنتظرنا تناشدنا، لكننا للأسف وقفنا عاجزين ولم نستطع القيام بأي شيء سوى الدعاء، خاصة وأن المجرم كان قد قام بفعلته. وشددت رئيسة جمعية معارف على أن مؤسسات التنشئة الاجتماعية لم تعد تقوم بواجبها، كالمجتمع المدني والإعلام، والأسرة، والمدرسة، مشيرة إلى أننا أصبحنا نفتقد الأمن والأمان في أحيائنا، مطالبة المجتمع المدني بتكاثف الجهود لنشر قيم التكافل والتضامن والرحمة، ولا سبيل إلى إيقاف النزيف إلا بقضاء صارم في حق هؤلاء، خاصة وأن تنامي تطبيق أقسى العقوبات في مواقع التواصل الاجتماعي، يسعى إلى أن تكون العقوبة في هذه الجريمة الشنعاء عبرة لمن يعتبر. وختمت سعيدة شوكير تصريحها لموقع "لكم" قائلة: "أضم صوتي للأصوات المطالبة بإنزال عقوبة الإعدام على هذا المجرم، مطالبة المجتمع المدني بالمزيد من التوعية في المدارس في الإعلام، وغيرها". المجتمع المدني في "بني مكادة" ينتفض المجتمع المدني بمقاطعة بني مكادة التي يتواجد فوق ترابها الحي الذي ارتكبت فيه الجريمة، عقد بشكل عاجل واستثنائي لقاء لمكتبه التنفيذي، للتداول في الموضوع، حيث من المنتظر إصدار بيان تفصيلي حسب حسن عبو رئيس مجلس المجتمع المدني لمقاطعة بني مكادة. واستنكر عبو في تصريح لموقع "لكم"، بشدة عملية القتل واصفا إياها بالوحشية في حق طفل تلميذ بريء، داعيا المجتمع المدني إلى التعبئة الشاملة من أجل محاربة كل مشتبه فيه بهذا الإجرام الذي يهدد أبناءنا ووطننا، وأيضا الظواهر الشاذة التي لها علاقة بالشعودة، مشيرا إلى أن مسؤولية محاربة كل هذا ليس من مسؤولية السلطات الأمنية فقط بل هي مسؤولية مجتمع . وأكد الفاعل الجمعوي، على أن مجلس المجتمع المدني ببني مكادة سيعمل على الترافع لدى السلطات المحلية من أجل تقنين عمليات الكراء العشوائي الذي يسود في المناطق الهشة، (في إشارة إلى أن الجاني ومعه 3 أشخاص آخرين يكترون بيتا دون عقد كراء، أو حتى إدلاء بنسخة من البطاقة الوطنية) حيث يمارس فيها فساد أخلاقي وهتك للأعراض والتجارة بالمخدرات، داعيا إلى إعادة النظر في الأمر مؤكدا على أن السلطات ذات الاختصاص يجب أن تكون حازمة مع كل خرق لمساطر الكراء، وكل كراء دون عقد واضح ومسجل . من جهة أخرى، دعا إلى تخفيض المدة الزمنية المخصص لتحريك مسطرة البحث عن غائب التي هي حاليا 48 ساعة، معتبرا إياها طويلة . تضامن حقوقي واسع صدى الجريمة خلق تضامنا واسعا لدى مختلف الحساسيات الحقوقية بالمدينة، وفي هذا الصدد، حمل عبد المنعم الرفاعي رئيس فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بطنجة، الدولة المغربية المسؤولية في الحفاظ على صحة وحياة المواطنين، مطالبا الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بطنجة أن يباشر بنفسه إجراءات البحث التمهيدي، مركزا على إجراء تشريح الجثة عن طريق مركز الطب الشرعي بالدار البيضاء بالنظر لإمكانياته وخبراته للكشف عن سبب الوفاة وتاريخ الوفاة والمواد التي تم تناولها من طرف الضحية قبل وفاته سواء كانت مأكولات أو مشروبات ونوعيتها وطبيعتها، حتى يكون هناك تمييز عن كون الوفاة كانت ناتجة عن الاغتصاب فقط أو ناتجة عن أعمال أخرى لها علاقة بأعمال السحر والشعودة، كما حدث وسبق أن أشارت إليه عائلة الطفل صلاح الدين العميري ، الذي كان هو الآخر ضحية لمثل هذه الأفعال المنبوذة، عندما اكتشفت عائلته قبل سنوات أن امرأة حاولت استدراج طفلها، لأنه زهري، قبل أن تقتله وترمي جثته في عمق بئر. وأكد المتحدث في تصريح لموقع "لكم"، على أهمية إجراء بحث جدي ليتم التعرف على أسباب وقوع الجريمة، الجاني عرف لكن ما هي الأسباب التي دفعته إلى اقتراف الجريمة، مؤكدا على أنه موضوع مهم يجب أن نعرفه لتكون هناك حماية ووقاية للأطفال من جرائم الاختطاف . وأبرز الرفاعي، على أن الجميع يلاحظ في ما يتعلق بالجرائم الإرهابية فإن الفرقة الوطنية للشرطة القضائية أو حتى الأجهزة الاستخباراتية، تتمكن دائما من معرفة الجناة ولو قبل وقوع الجريمة،على عكس الجرائم العادية الأجهزة الأمنية لا تعرف الجناة ولا تلقي القبض عليهم إلا بعد وقوع الجريمة وتمامها، معتبرا أن المسألة فيها خلل. أما أحمد العمراني عن العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الانسان، فقد استنكر في تصريح لموقع "لكم" بشدة هذا الفعل الاجرامي الذي ذهب ضحيته الطفل البريء عدنان واصفا إياه بالمتوحش، مضيفا أن العصبة ستعمل على الترافع من أجل الدفاع عن حق الطفل عدنان، حيث تبنت على صعيد ولاية طنجة هذا الملف كطرف مدني في القضية. وبخصوص قضية الكراء العشوائي، كما هو حال الجاني وأصدقائه، فقد أكد الحقوقي على وجوب إدلاء الكاري ببطاقته الوطنية على الأقل في حال عدم وجود عقد للكراء. وذكر المتحدث ببيان العصبة الذي طالب السلطات القضائية بتنفيذ ما يلائم هذا الفعل الجرمي الشنيع المتمثل في الاغتصاب والقتل والتمثيل بالضحية من إجراءات عقابية في حالة ثبوت الجرم على المشتبه به حتى يكون عبرة لمن سولت له نفسه المساس بالكرامة الانسانية والطفولة البريئة و الحياة الآمنة وحتى تلاءم العقوبة بشاعة ما ارتكبه الوحش الآدمي . عمر ابن عجيبة المحامي ورئيس جمعية المواطنة المسؤولة، قال في تواصل مع موقع "لكم"، إن المحامين المنتمين لهيئة المحامين بطنجة عبروا عن امتعاضهم لهذه الجريمة البشعة، مشيرا إلى أنه تم تشكيل تنسيقية مع إخبار النقيب وأعضاء المجلس، والتي ستكون تابعة للجنة حقوق الإنسان التابعة لهيئة المحامين بطنجة، وستعمل في القريب العاجل على تشكيل هيئة للدفاع عن الضحية المرحوم . وبخصوص الجدل القائم حول قضية الإعدام، قال الحقوقي ابن عجيبة، "في رأيي الشخصي أنا مع عقوبة الإعدام ويجب أن تبقى، لأن هناك جرائم بشعة وجرائم لا يناسبها إلا الإعدام كحالتنا هاته المتعلق باغتصاب قاصر وقتله، مع سبق وإصرار وترصد، وبالتالي فأنا ضد إلغاء عقوبة الإعدام خاصة في مثل هاته الجرائم"، يقول ابن عجيبة.