شكرًا لاتفاقية التبادل الحر مع الولاياتالمتحدةالأمريكية التي سمحت لنا بالاطلاع علي بعض مشاريع القوانين بالموقع الالكتروني للأمانة العامة للحكومة ومنها مشروع قانون الهيئة الجديدة للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها ، وبما أن مدة نشر التعليقات علي المشروع قد انتهت فإننا ندلي بملاحظاتنا لكل من يهمه الأمر. في صورة ملاحظات أولية وأساسية لا يسمح المقام بتفصيلها او التوسع فيها. الإيجابيات بعد المصادقة علي الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد والتي تعني فيما تعنيه إدماج مقتضياتها ضمن الترسانة القانونية الوطنية والتي تم بالفعل تجريبها وتطبيقها من قبل محكمة النقض مبكرا في قضية عبد المغيث السليماني ومن معه، يخطو المغرب خطوة إيجابية جديدة بإحداث جهاز وطني لمكافحة الفساد طبقا للدستور والالتزامات الدولية للمغرب. وأحسن المشرع الدستوري صنعا عندما أدرج في تسميته مصطلح النزاهة الذي ينطوي علي فهم منظومي وأخلاقي واسع لوظيفة المؤسسة الجديدة بحيث تندرج ضمن المنظومة الوطنية للنزاهة كما هي متعارف عليها دوليا وكما سبق لجمعية ترانسبارانسي ان درستها سنة 2009 . ومن إيجابيات المشروع انه إضافة للنص علي النزاهة في فصله الأول من بابه الأول المتضمن للاختصاصات نص أيضاً في عنوانه علي محاربة الفساد جنبا لجنب مع الوقاية منه، وهو ما استتبع استحداث فصل كامل حول قمع الفساد والتصدي المباشر له وإحالة القضايا للمتابعة القضائية في الفصل الثاني من الباب المذكور. وذلك عبر تشكيل فرق للبحث والتحري تتوفر علي سلطتي الاطلاع والتحقيق المطلوبتين . بما في ذلك الاستعانة بضباط الشرطة القضائية . وفي سياق ما يحسب لصالح المشروع تمكين الجهاز الجديد من إمكانية تكوين بنك معلومات حول ظاهرة الفساد ، وإلزام الجهات والسلطات المعنية بإخبار الجهاز الجديد بمالات الاقتراحات والتوصيات والقرارات ألتي اتخذها أو اقترحها بما في دلك السلطات القضائية . وكذا تمكين الجهاز من عصا تهديدية لضمان هيبة محققيه وهي رفع القضية لرئيس الحكومة أو للسلطة القضائية العليا كملاذ أخير في حالة وقوع ما يصطلح عليه بأعمال العرقلة. وفيما يخص المعايير المتعارف عليها دوليا في تنظيم وتسيير وكالات مكافحة الفساد ، تقدم المغرب خطوات جديدة في الاتجاه الصحيح من خلال ضمان استقلالية الجهاز العضوية والوظيفية والإدارية والي حد ما المالية، وهو مالم يكن متوفرا في الهيية المركزية الحالية التي تتبع للحكومة والتي حل الجهاز الجديد محلها ولم يكن تطويرا لها وفق ما زعمه مقدمو المشروع، كما استجاب المشروع نسبيا لمعيار الحكامة الداخلية وتقديم الحساب من خلال تمكين الجمع العام من متابعة وتتبع اعمال القيادة وتشكيل وحدة تنظيمية وسيطة هي اللجنة التنفيذية التي تساعد قيادة الجهاز وتتابع تسييره . كما الزم المشرع الدستوري الجهاز الجديد بتقديم عرض تتلوه مناقشة عامة أمام البرلمان. واحدث امتدادا جهويا للجهاز من خلال خلق لجن جهوية في افق الجهوية الموسعة. واخضع المشروع حسابات الجهاز للتدقيق. واخضع تسييره للمراقبة الخارجية المستقلة ممثلة في مجلس الحسابات ، كما نص علي استحداث نصوص جديدة تتعلق بالتسيير الاداري والمالي والبشري ينبغي نشرها بالجريدة الرسمية ... لكننا لاحظنا بالمقابل ان مشروع القانون يشكو من عدة إغفالات منها ما هو شكلي لن نقف عنده هنا ومنها ما هو جوهري سنتوقف عنده بصفة إجمالية لكن في مناسبة قادمة بحول الله. يتبع *رئيس مركز الأبحاث والدراسات حول الرقابة والمحاسبة ومكافحة الفساد