بنت الإمارات الغنية بالنفط برنامجا للطاقة النووية وأرسلت أحد مواطنيها إلى الفضاء، لكنها تخطّط الآن للارتقاء بطموحاتها إلى مستوى أعلى عبر إرسال مسبار إلى المريخ والانضمام بذلك إلى أحد أهم نوادي النخبة على مستوى العالم. وحدها الولاياتالمتحدة والهند والاتحاد السوفياتي السابق ووكالة الفضاء الأوروبية نجحت في إرسال بعثات إلى مدار الكوكب الأحمر، في حين تستعد الصين لإطلاق أول مركبة فضائية للمريخ في وقت لاحق من هذا الشهر.
وتضغط الإمارات المعروفة بناطحات السحاب والجزر التي بنيت على شكل أشجار نخيل، للانضمام إلى صفوف هذه الدول في أول خطوة من نوعها في العالم العربي. وستصادف الذكرى الخمسين لتأسيس الإمارات مع بلوغ "الأمل" المسبار الفضائي الآلي من دون طيار، هدفه في فبراير بعد إطلاقه في 15 يوليوز من مركز تانيغاشيما الفضائي الياباني. وفي حين أنّ هدف المهمة تقديم صورة شاملة عن ديناميكيات الطقس في أجواء الكوكب وتمهيد الطريق لتحقيق اختراقات علمية، فإن المسبار جزء لهدف أكبر هو بناء مستوطنة بشرية على المريخ خلال المئة عام القادمة. ووظّفت دبي مهندسين وتقنيين لتصوّر كيف يمكن أن تُبنى مدينة على الكوكب الأحمر، ومن ثم إعادة إنشائها في صحراء الإمارة باسم "مدينة المريخ للعلوم" بتكلفة تبلغ حوالي 500 مليون درهم (135 مليون دولار). وفي شتنبر الماضي، أصبح هزاع المنصوري أول رائد فضاء إماراتي، وكان ضمن فريق مكوّن من ثلاثة أفراد انطلقوا من كازاخستان نحو محطة الفضاء الدولية وعادوا بعد مهمة استغرقت ثمانية أيام. والمنصوري أول عربي يزور محطة الفضاء الدولية. وكتب حاكم دبي رئيس حكومة الإمارات الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم على حسابه بتويتر أن "إطلاق الإمارات لمسبار الأمل إلى المريخ سيكون لحظة فاصلة بين تاريخين .. خمسين عاماً مضت، وخمسين عاماً قادمة". وأضاف في تغريدة ثانية هذا الاسبوع "نظر أجدادنا للنجوم في رحلاتهم البحرية لبناء أمجادهم .. واليوم ينظر لها أبناؤنا لبناء مستقبلهم". نفوذ ومقصد تأمل الدولة الخليجية التي لها وجود في اليمن وليبيا وفي القرن الأفريقي، في تعزيز موقعها كلاعب إقليمي كبير مستندة إلى نجاحها كمركز للسياحة والمصارف والخدمات رغم الوضع الاقتصادي المتراجع في السنوات الاخيرة. وتتعرض الإمارات لانتقادات لتورطها في النزاع الجاري في اليمن. وفي المقابل، طورت برنامجا للطاقة النووية وتخوض الآن مجال الفضاء. وفي سياق عمل الإمارة على مسار يتجاوز صناعة النفط التي تم بناء الإمارات عليها، فإن الاستكشاف جزء من استراتيجية طويلة المدى في دبي. وقال المدير العام لوكالة الإمارات للفضاء محمد الأحبابي لوكالة فرانس برس "اكتشفت الإمارات أن الفضاء مهم للغاية من أجل تنميتنا واستدامتنا. إنه جسر للمستقبل". ورأت سارة الأميري (33 سنة) وزيرة الدولة للتكنولوجيا المتقدمة ونائبة مدير مشروع المسبار إن الرحلة إلى المريخ "رسالة أمل للمنطقة، ومثالاً على ما يمكن ان يحصل إذا أخذنا موهبة الشباب واستخدمناها بشكل إيجابي". وقالت في تصريحات لوكالة فرانس برس من طوكيو "لقد عملنا على الاستثمار في قطاع الفضاء لأكثر من 15 عاما (…) والأمر يتعلّق فعلا بضمان تطوير هذه المواهب من اجل فائدة كل المنطقة". في الفترة التي سبقت مهمة المريخ، أعلنت الإمارات أنّها تفتح أبوابها للعرب في جميع أنحاء المنطقة للمشاركة في برنامج فضائي مدته ثلاث سنوات. وأوضحت الوزيرة "يمكنهم القدوم واكتساب الخبرة وأن يكونوا وسيلة للتغيير في المنطقة بأسرها (…) الناس يريدون الاستقرار ويريدون الفرص". وتسود الحماسة أروقة مركز محمد بن راشد للفضاء الذي يقود مهمة المريخ بمشاركة 450 شخصا أكثر من نصفهم من الإماراتيين، قبل أيام من انطلاق المسبار في رحلته المرتقبة. وقال محسن العوضي مهندس أنظمة المسبار إنّ "هذه المهمة تظهر (…) أنّ الفرص متاحة" في بلده.