شهدت بطولة العالم لسباقات سيارات فورمولا واحد في العقد الأخير توسعا مطردا للسلسلة التي فرضت وجودها في أسواق جديدة لأسباب تراوحت ما بين التسويقية - التجارية والرياضية في ظل الشعبية المتعاظمة للفئة الأولى. يشار إلى أن نسخة 2011 من البطولة التي ستفتتح في البحرين في 13 مارس المقبل، تشمل 20 سباقا، تسعة منها في أوروبا هي: تركيا (اسطنبول)، اسبانيا (برشلونة)، موناكو، أوروبا (فالنسيا الاسبانية)، بريطانيا (سيلفرستون)، ألمانيا (نوربورغرينغ)، المجر (بودابست)، بلجيكا (سبا - فرانكورشان)، ايطاليا (مونزا)، ثمانية في آسيا: البحرين (صخير)، ماليزيا (سيبانغ)، الصين (شنغهاي)، سنغافورة، اليابان (سوزوكا)، كوريا الجنوبية (يونغام)، الهند (نيودلهي)، وأبو ظبي، واحد في اوقيانيا: استراليا (ملبورن)، واحد في أمريكا الشمالية: كندا (مونتريال)، وواحد في أمريكا الجنوبية: البرازيل (ساو باولو). ويعتبر سباق الهند الضيف الجديد على اللائحة مقارنة بسلسلة 2010، مع العلم أن الحلبة ما زالت بانتظار الموافقة عليها لاستضافة الحدث. عام 2014، ستدخل البطولة السوق الروسية للمرة الأولى من خلال تنظيم إحدى جولاتها في "سوتشي" إلا أن اللجنة الاولمبية المحلية قد تنحو نحو تأجيل الحدث إلى 2015 في حال تعارض الاستعدادات للسباق مع تلك الخاصة باستضافة "سوتشي" نفسها لدورة الألعاب الاولمبية الشتوية في السنة نفسها. وأعلن المسؤولون في المدينة الروسية أن الحلبة ستكون جاهزة قبل انطلاق الاولمبياد المقرر بين 7 و23 فبراير 2014 في "سوتشي" المعروفة بكونها احد ابرز المنتجعات السياحية الواقعة على ضفاف البحر الأسود، إلا أن اللجنة الاولمبية المحلية ادعت قبل أيام أنها ما زالت تملك الحق في تأجيل أول سباق فورمولا واحد "روسي" على الإطلاق في حال تعارضه مع الاستعدادات الخاصة بالدورة الشتوية. وقال غيلبرت فيللي، المدير التنفيذي لألعاب "سوتشي": "نتطلع إلى المسألة بعين حذرة. أمر رائع أن تستضيف روسيا سباق فورمولا واحد، إلا أننا حريصون على تحاشي تعريض الاستعدادات للدورة الاولمبية للخطر بسبب عملية بناء مرافق الحلبة"، وأضاف: "عندما علمنا بأن السباق سينظم في 2014، أردنا معرفة ما اذا كان القرار نهائيا. تبين لنا بأن العقد الذي يمنح "سوتشي" حق استضافة إحدى جولات بطولة العالم للفئة الأولى يتضمن بندا يسمح للجنة الاولمبية الروسية، في حال ارتأت عدم ملاءمة التوقيت المقرر (لإقامة السباق)، بإعادة جدولة الجائزة الكبرى لتقام في 2015". وكان فلاديمير بوتين، رئيس الحكومة الروسية، والبريطاني بيرني ايكليستون، مالك الحقوق التجارية للسباقات، توصلا في أكتوبر 2010 إلى اتفاق تستضيف بموجبه "سوتشي" إحدى جولات السلسلة العالمية لمدة سبع سنوات مقابل أكثر من 200 مليون دولار أمريكي. وأشارت التقارير إلى أن "سوتشي"، التي تشهد تسارعا كبيرا في أعمال البناء الخاصة بدورة الألعاب الاولمبية منذ حصولها على حق استضافتها في 2007، ستنجز 70 في المائة من تلك الإعمال بنهاية 2011، وختم فيللي: "حوالي 40 في المائة من أعمال البناء تم انجازه، وفي 2011 سننجز 70 في المائة منها". وبعيدا عن روسيا، ما زال إيكليستون ينتظر تلقي موافقة أرجنتينية تمهيدا لمنح الدولة اللاتينية الضوء الأخضر كي تعود لاستضافة أحد السباقات. وكان إيكليستون أكد في 2009 انه "بمجرد أن يمنحونا موافقتهم، سيكون بمقدورهم استضافة السباق"، غامزا من قناة حكومة بوينوس ايرس التي أكدت أنها تسعى لإعادة فورمولا واحد إلى العاصمة الأرجنتينية. وأكد الرجل القوي في عالم الفئة الأولى: "نعم، إني في محادثات جادة"، مبرزا انه في حال العودة إلى تنظيم سباق أرجنتيني فسيتم ذلك في مضمار يقع في ضاحية مار ديل بلاتا كما أشار إليه مسؤولون سياسيون في البلد اللاتيني، وأضاف: "الأمر يتعلق بشخص يود إقامة ذلك السباق في مار ديل بلاتا"، مع العلم أن السباق الأرجنتيني في السابق كان يجرى في حلبة بوينس ايريس. وكانت الأرجنتين مقرا لاحدى جولات البطولة على مدى ثلاثة عقود، لكنها غابت عن الروزنامة منذ 1998 عندما فاز بالسباق الأخير فيها الألماني ميكايل شوماخر. ولا تستضيف أمريكا الجنوبية في الوقت الحالي سوى سباق واحد وذلك في مدينة ساو باولو البرازيلية. وأمام الفوائد الجمة التي تفرزها استضافة جائزة كبرى من النواحي كافة، سعت دول وعواصم متواجدة في قلب الحدث، أي في القارة الأوروبية، إلى تنظيم جولة من السلسلة العالمية، بينها العاصمة الايطالية، إلا أن ايكليستون أعلن في 13 يناير 2011 عن عدم رغبته في دعم إقامة سباق في شوارع روما. وأشارت صحيفة "لا ريبوبليكا" المحلية في تقرير لها إلى أن ايكليستون بعث برسالة إلى جياني اليمانو، عمدة روما، يذكره فيها بأن لإيطاليا سباقها المقام في "مونزا" والذي لا يمكن المساس به وسيحظى دوما بالأفضلية، وأضاف بأن ايطاليا لن تحظى بسباق آخر في الوقت الذي تشهد فيه السلسلة توسعا في مناطق جديدة من العالم، وأشار تحديدا إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية في 2012 وروسيا في 2014. وكان ماوريتسيو فلاميني، الرجل الذي يقف خلف ملف روما، بدأ بدراسة إقامة السباق خلال السنوات القليلة الماضية، وكشف في الآونة الأخيرة انه جرى تحديد عام 2013 لتنظيم الحدث في العاصمة رغم المعارضة المحلية والرفض التام من قبل القيمين على سباق مونزا، فضلا عن فريق فيراري. وقبل أيام، طوت روما نهائيا صفحة فورمولا واحد وذلك على لسان عمدتها نفسه الذي أشار إلى أن التركيز سينصب بالمقابل على ملف الترشح لاستضافة دورة الالعاب الاولمبية الصيفية 2020، وقال: "لقد تراجعنا بصفة نهائية عن مشروع فورمولا واحد في روما" الذي لم يشهد حماسة وتشجيعا من قبل السكان والفرق المشاركة في البطولة. وامام تراجع العاصمة، خرج روبرتو فورميغوني، رئيس منطقة "لومبارديا" حيث تقع "مونزا"، ليعلن دعمه التام لملف روما الآيل إلى استضافة اولمبياد 2020، رغم الصراع التاريخي الكبير بين شمال البلاد وجنوبها، اقتصاديا وسياسيا ورياضيا، وقال: "سنكون اليوم وغدا داعمين لروما لان استضافة الاولمبياد سيضمن نجاحا للعاصمة وبالتالي انتصارا لايطاليا كلها". يذكر أن اسبانيا هي الوحيدة حاليا التي تستضيف سباقين وذلك في برشلونة وفالنسيا، بيد أن تقارير عدة أشارت إلى انه سيجري حصر تنظيمها بجائزة كبرى واحدة مداورة بين المدينتين في ظل خطط التوسع نحو أسواق جديدة من العالم والمنتهجة من قبل ايكليستون منذ سنوات. وعندما نعلم بأن ايكليستون نفسه أطلق بنهاية 2007 حملة على جائزة بريطانيا الكبرى العريقة متسائلا عن إمكان إقامة سباق في شوارع العاصمة لندن عوضا عن حلبة سيلفرستون الشهيرة، نعي بأن الوقت لا يلعب سوى لصالح من يبدي جهوزية ويضمن تحقيق أرباح. واعتبر ايكليستون في تلك الفترة ان سباقا في شوارع لندن سيعود بالأموال على العاصمة، منتقدا تركيز الحكومة المحلية على الإنفاق الطائل لاستضافة اولمبياد 2012، في مقابل إهمال سباق فورمولا واحد. وكان عام 2004 شهد استعراضا في شوارع لندن شاركت فيه 8 فرق وتجمع لمشاهدته أكثر من 500 ألف متفرج، ما دفع عمدة المدينة للقول انه من الممكن إقامة سباق في شوارع عاصمة الضباب، إلا أن الحكومة المحلية فضلت صب اهتمامها الكامل على استضافة الاولمبياد، ما أطاح بإمكانية انتقال الحدث من حلبة سيلفرستون الأعرق في عالم الفئة الأولى إذ تأسست عام 1950، إلى شوارع لندن. وكان سباق سيلفرستون مهددا بالإقصاء من الروزنامة بعد عام 2009 بسبب ضعف الحضور الجماهيري قبل أن يتحسن الوضع تدريجيا ويجري تثبيت الجائزة الكبرى البريطانية ضمن السلسلة. *أ ف ب