يعتبر الكثير من المغاربة، بأن الظهير الأيسر السابق لفريق الجيش الملكي والمنتخب المغربي، عبد الكريم الحضريوي يعتبر من أفضل من شغل مركزه على مر السنوات، فإبن تازة الذي صنع لنفسه إسما خاصا في البطولة المغربية قبل الإحتراف في أوروبا، متنقلا بين البرتغال، هولندا وبلجيكا ، ساهم بشكل كبير في حضور المغرب بنهائيات كأس العالم بالولاياتالمتحدةالأمريكية وبعدها بفرنسا. تميزت شخصية الحضريوي بالخجل، فضل الإنزواء مفضلا عدم الإدلاء بتصريحات للصحافة، رغم أنه شق مسارا ناجحا كواحد من اللاعبين المحليين، الذين رسموا أحلى الإبداعات في القارة العجوز.
من تازة لفريق الجيش الملكي يعتبر عبد الكريم الحضريوي، واحدا من اللاعبين الذين كتبوا إسمهم بأحرف من ذهب في خارطة الكرة المغربية، فهو مدافع أنيق يلعب في الجهة اليسرى، واشتهر بتمريراته المحكمة، ومساندته الكبيرة للمهاجمين. إشتهر الحضريوي بتمريرتين حاسمتين، منحتا المغرب بطاقة التأهل للمونديال في مناسبتين، الأولى في مباراة زامبيا، عندما مرَر لعبد السلام لغريسي وسجل هدف الفوز، الذي صعد بالأسود لمونديال الولاياتالمتحدةالأمريكية 1994، والثانية كانت لخالد راغيب في مواجهة غانا، ومكَن هذا الهدف المغرب من التأهل لمونديال فرنسا 1998. رأى الحضريوي النور في مدينة تازة سنة 1972، ولعب بنادي إتحاد تازة بقسم الهواة وانتقل إلى الجيش الملكي، ومكنه مركز تكوين هذا الفريق من تطوير إمكانياته، وبات في ظرف وجيز، واحدا من أفضل مدافعي البطولة المغربية، مستفيدا من الجيل الموهوب الذي إشتغل معه داخل الجيش، والذي ساعده على صقل مواهبة، حتى بات نجما لامعا يتلقى الكثير من الإشادات من خصوم الفريق العسكري ومنافسيه قبل زملائه. بعيد عن الأضواء كان الحضريوي يلقب بالمدافع العصري، لطريقة لعبه الهجومية والتقنيات التي كانت تميزه، واعتماده على الذكاء والفنيات والمراوغات، ويسراه الساحرة وتمريراته ، ونظرا لتألقه مع الجيش، كان العديد من الصحفيين يحاولون التقرب منه، من أجل محاورته أو إستيقاء تصريح منه بعد المباريات أو قبلها، فكان دائم الرفض. الحضريوي لم يكن يرتاح كثيرا في الظهور خلف شاشة الكاميرا، ويتهرب من الحديث من الصحفيين، ورغم إعتزاله للكرة بسنوات، ظل الدولي المغربي خلف الكواليس، لايحب الظهور ، رافضا الحضور في إستديوهات التلفزيون ، بعيدا عن مجال التدريب الذي دخله الكثير من أبناء جيله ، مقابل ذلك ظل عبد الكريم يحضر فقط في تكريمات بعض زملائه القدامى ، مركزا فقط على حياته داخل أسرته ، مفضلا الإبتعاد عن الأضواء التي لطالما سلطت عليه عندما كان يبدع بقدمه اليسرى في ملاعب البطولة، وحتى عند إحترافه بأوروبا. محطة الإحتراف كان كل المتتبعين لمسيرة اللاعب عبد الكريم الحضريوي ينتظرون تألقه في أوروبا، قبل حسم إنتقاله سنة 1996، إلى العملاق البرتغالي بنفيكا، الذي لعب رفقته موسمين ناجحين،ليقرر بعدها الشاب التازي دخول تجربة جديدة مع أزد ألكمار الهولندي، الذي حمل ألوانه 4 مواسم مابين 1998 و2002، متألقا ب”الإرديفيزي”، التي تلقى داخلها إشادة كبيرة من وسائل الإعلام المغربية. ولم يتوقف المشوار الاحترافي الناجح للحضريوي في أوروبا، حيث إنتقل إلى شارلوروا البلجيكي ولعب له موسمين من 2002 لغاية 2004 قبل أن يقرر العودة إلى البطولة المغربية، وينهي مشواره مع الإتحاد الزموري للخميسات الذي لعب موسما واحدا مابين 2004 و2005، ليعتزل بعدها بعد سنوات من التألق سواء رفقة الأندية التي جاورها،أو رفقة المنتخب المغربي الذي يحرص العديد من المغاربة، على إختياره كأفضل ظهير أيسر في تاريخ ” أسود الأطلس”. بصمة المونديال كانت لعبد الكريم الحضريوي بصمة واضحة في المونديال، وشارك في كأس العالم مرتين بالولاياتالمتحدةالأمريكية سنة 1994 وبفرنسا سنة 1998، كما ظهر أيضا مرتين في كأس أمم إفريقيا 1998 ببوركينافاسو و2000 التي أقيمت مشتركة بين غانا ونيجيريا. بعد مسار حافل ومسيرة كبيرة، لم يسمع المغاربة الشيء الكثير، عن صاحب اليسرى الساحرة، لغاية إجرائه عملية جراحية تكلفت بها “مؤسسة محمد السادس للأبطال الرياضيين” سنة 2019، وبعدما تحسنت الحالة الصحية للمدافه الدولي السابق، الذي جمع بين الأناقة في اللعب والإنصهار في روح المجموعة، لكنه فضل الإنزواء والإبتعاد عن عالم كرة القدم، وهو ماجعل العديد من حضروا إبداعاته في الملاعب المغربية، يتساءلون كيف أن نجما مثل الحضريوي، لم تستفد منه الإدارة التقنة الوطنية على الأقل في التنقيب عن المواهب وصقلها في مركز إختصائه بالجهة اليسرى، الذي ومنذ إعتزاله عانت معه الكرة المغربية من ثقب كبير.